مع احترامي لجميع المرجعيات الدينية، فإن مرجعيتنا كعراقيين هي الوطن، ونحن نمشي وراء الوطن لا وراء غيره بعد أن خذلتنا جميع المرجعيات. وكانت مجزرة الحويجة حداً فاصلاً بين زمنين، ودفن مع شهداء الحويجة في قبورهم كل أمل بأن هذه السلطة يمكن أن تستجيب للغة السلمية للمعتصمين، كما فات الوقت على من صمت في تلك اللحظة التاريخية التي دعونا لاستثمارها أو اللحاق بها، ومضت جميع القطارات إلى محطاتها ولم يستفد بعض الناس من مرورها في المحطات التي كانوا يقفون فيها، وحتى من نطق من شخوص هذه المرجعيات فإنه كان يتقدم خطوة ويرجع أربع خطوات. وإني أسأل جميع المرجعيات : إذا حدثت فتنة بين الناس صنعها خبثاء لتأكل الأخضر واليابس في بلد ما، هل تكتفي المرجعيات بالإعراب عن قلقها في أقل من سطر وتتحدث عن الانتخابات في بقية السطور وتحثّ الناس عليها؟ هذا ما تجدونه في خطبة الجمعة لوكيل المرجعية العليا في النجف الأشرف الشيخ عبد المهدي الكربلائي، والتي ألقاها داخل الصحن الحسيني الشريف، مثلاً !! فأي ظلم أن لا نكشف عن حقيقة الظلم في حضرة المظلوم، أو أن نغض الطرف عن ظالم في حضرة إمام المظلومين، وأن نحابي ظالماً في حضرة من ثار على الظلم؟ بكت على شهداء الحويجة حتى ملائكة السماء، كما بكت على شهداء الطف، واستنزلت لعائن الله على من قتلهم ومن ركل رؤوسهم برجله وهم مرميون على الأرض، شلت رجله، ولم نسمع من أي مرجعية إدانة ولا استنكاراً ولا شجباً، أم أن الانتخابات أغلى من أرواح المسلمين؟ أو أن آية نزلت تبيح هذا الفعل؟ أم أن مذهبنا، مذهب آل البيت، يبارك هذه المجزرة وهذا الفعل ؟ هاتوا لي دليلاً.الإعراب عن القلق لا يبرئ الذمة مما اقترف من جرائم طالت أبناء شعبنا في الحويجة والفلوجة والعامرية والموصل وعلى كل شبر من أرض عراقنا الطاهر. مرجعيتنا الوطن ولا مرجعية لنا سواه بعد أن خذلتنا جميع المرجعيات.