من خان وطنه فلن يأبه بحقوق أبناء وطنه. فنزول الشعب العراقي إلى الشارع مطالباً بحقوقه المسلوبة والمسروقة والمنهوبة يعرف أن السبب ليس فنياً بمعنى علاقة الشعب بحكومة ترعى شؤونه فأساءت الأمانة، بل هو متأكد بأن حقوقه تعرَّضت إلى كل أنواع الانتهاك بعد أن تعرَّض وطنهم للاحتلال. فالاحتلال هو السبب ولن يستعيد الشعب حقوقه إلاَّ بعد الاقتصاص ممن دخلوا العراق على متن دبابات الخارج وتحت غطاء صواريخه المدمِّرة. ولا جدال في أن من تآمر على وطنه مع الأجنبي، سواءٌ أكان أميركياً أم إيرانياً أم غيرهما، لن يكون وفياً لشعبه. استناداً إلى كل ذلك، فهل يُعتبر نوري المالكي، وطغمة الخيانة التي تسللت معه إلى حكم العراق، أقل من خونة باعوا ذممهم للأجنبي لقاء فتات من رغيف السلطة ؟ ولأن ارتكاب الخيانة الوطنية هي فعل مناقض للشرف وللعهد وللضمير، كما هو فعل مناقض لكل الشرائع الإنسانية والحقوقية والقانونية، فقد اعتبرها المجتمع البشري تهمة لا يمكن أن يجوز أن يكون الحكم عليها أقل من الإعدام، ولم تشذ عن هذا المفهوم واحدة من الدول التي تشاركت في احتلال العراق. ولأن الخيانة الوطنية فعل غير أخلاقي يحتل القمة في سلَّم الجرائم، فمرتكبها لن يتورع عن ارتكاب أقل منها، كمثل الكذب والتزوير والفساد ونقض العهود والسطو على الحقوق، وقتل الشعب بدم بارد. فمن خان وطنه لن يتورع عن ارتكاب جرائم الأخلاق ومنها الكذب والغدر، ولأن المالكي رمز لكل من خانوا العراق، فلن يثق الشعب العراقي بعهوده وووعوده، ولا بوعودهم ولا بعهودهم. ولهذا لن يثق به الشعب العراقي الذي انتفض وتحرك وثار، ومن أجل ضمان تنفيذ مطالبه كان لا بدَّ من ( إسقاط فعل الخيانة بإسقاط رموزها )، ولا يمكن ضمان طهر أي حكم قادم للعراق إلاَّ بعد ( محاكمة الخونة ) ليكون الحكم عليهم درساً لن ينساه أحد على الإطلاق. وليكون القصاص العادل عبرة لكل من أقدم على فعلها، أو من سيقدم على فعلها في كل زمان ومكان. وإذا كان للشعب العراقي الثائر من مطالب فإن المطلب الأم ليس إسقاط الخونة فحسب بل هو محاكمتهم أيضاً.