لسنا بصدد المقارنة بين نظام وطني قدم الكثير لشعبه على مدى أكثر من ثلاث عقود وحاز أعجاب العالم ثم لينال جوائز دولية لسرعة أنتقاله بالعراق إلى مصاف الدول المؤهلة لتغادر تصنيفات العالم الثالث حتى أثار حفيظة ومخاوف الغرب وحلفائه من صهاينة وفرس وعرب خونة الذات ، المقارنة لا تجوز بين هذا وبين نظام مستبد يقتل شعبه بوحشية قل نظيرها ، رغم أن هذا الأخير يحمل زورا عنوان البعث العظيم بعد أن أغتصب شعارات الحزب في أخطر عملية تشويه مقصودة عرفتها حركة التحرر العربي منتصف ستينات القرن الماضي .. المقارنة أذا معدومة تماما ، إلا أذا كانت المقارنة مقصودة في أطار استهداف الأصل من خلال الاتكاء على ممارسات المزيف وهذا ما قصده تماما الجاسوس إبراهيم الزبيدي في مقالته الأخيرة المنشورة في موقع ( كتابات ) تحت عنوان ( حزب البعث العربي الاشتراكي ) .. نعت السعدان إبراهيم الزبيدي بالجاسوس ليس من عندنا فهو يقول بالحرف الواحد في مقالة سابقة له ( بالرغم من أنني أحمل الجنسية الأميركية ، إلا أنني لم أنل أي قسط من العناية التي أولتها إدارة رئيسي جورج بوش لحلفائها المأجورين أو المتطوعين ، من العراقيين والهنود والإيطاليين والمكسيكيين والبلغار والبولنديين ) هذا الجاسوس وبعد أن لفظته العصابة التي جاء بها المحتل إلى العراق يطالب (رئيسه) مجرم الحرب جورج بوش بمكافئته نظير خدماته الجاسوسية لأسياده على بني جلدته لصالح مشروع ضرب بؤرة النهوض القومي العربي في العراق ، لكن مجرم الحرب جورج بوش يبدو هو الأخر يعرف أن مثل هؤلاء ليسوا إلا ورق تنظيف وهكذا هو ديدن الأسياد مع العبيد دائما .. يمضي السعدان إبراهيم الزبيدي في سرد قصة انغماره وتورطه في مهام تجسس خطيرة ضد العرق ونظامه الوطني ولا يتورع في سرد تلك الأدوار في مقالات سبق له وأن نشرها وهو يتحسر كمدا على عقوق أسياده والغبن الذي يتعرض له . عندما قرأت مقالته الأخيرة لم أستغرب منه ما كتبه أذا عرف القارئ ماضيه الأسود منذ أن كان مجرد مذيع في تلفزيون بغداد ، فقد عّرف عنه وكما قال هو لزميل له ( مهدي طارش ) كان يعمل معه في التلفزيون ( أنك أذا أردت أن تعرف فعليك بالتعرض للشرفاء ) وهكذا كان يفعل .. إبراهيم السعدان هذا ، ومن تاريخه المشرف جدا ، أنه هجر زوجته وأطفاله وتركهم بلا معيل ليهرب مع ( فنانة ) ليتزوجها ، ثم تبين لاحقا أن الهدف كان ابنة تلك الفنانة من زوجها السابق والبالغة من العمر حينها أقل من خمسة عشر ربيعا ، هذه الفضيحة شهدتها بيروت عندما عادت الفنانة الزوجة ( من الشغل ) لشقتها في أحدى الليالي ورأت بأم عينها ما حصل ، أقامت له حفلة صاخبة سمع ضجيجها سكان الحي البيروتي وكان بطلها كالعادة هذا ( المناضل الصنديد الهارب من الدكتاتورية ) هكذا هو إبراهيم ، عاش سعدان ، ويتصرف كسعدان محترف يعرض خدماته حتى بدون أجر لمجرد أن يبقى في الصورة . بعد احتلال العراق عاد هذا ( الشيء ) إلى العراق طمعا في مكافئة أسياده له على خدماته الجاسوسية وأشتغل مع شركة هاريس كربويشن ، وهي واجهة أستخبارية تابعة لجهاز الس أي أيه وضع تحت تصرفها ستين مليون دولار كدفعة أولى أوكلت أليها مهمة تزييف الحقائق وتصوير جريمة الاحتلال وما أقترفه من فضائع بحق العراقيين باعتبارها ( تحرير ) العراق من أهله ، حيث مارس مستر إبراهيم نشاطا محموما باعتباره مواطنا أميركيا مخلص لزعيمه ومهمته الإنسانية التي كلفه بها رب بوش ومستر إبراهيم ، كان هذا الجاسوس ولمكانته الرفيعة في طاقم جوقة المجرمين قد خصص له مكتب مجاور لمكتب اللص بول بريمر ، وعندا أستفذ ولمس عقوق السيد لمخدومه ترك العراق إلى الأردن ليؤسس شركة استيراد وتصدير اختصت حصرا بإعادة تصدير المواد الغذائية الإسرائيلية الفاسدة وغير الصالحة للاستخدام البشري إلى العراق ، وحين افتضح الأمر هجر هذا السعدان الأردن ليعود إلى الولايات المتحدة التي يحمل جنسيتها و من هناك يحاول مجددا استعادة وظيفته المكلف بها لعله يحظى ولو بالقليل وما تجود به خزانة السي أي أيه على عملائها . ما كان بودي أن أرد على ( شيء ) بمثله لكن إصراره بالتمادي هو الذي يدفعني لتذكيره : أيها الصفيق تذكر أن الحشائش الزاحفة لا يمكن أن تطال شامخات النخيل . أيها الصفيق تذكر أن تاريخك حافل بسخام الوجه والسيرة ، وأن شأت فهناك الكثير مما يقال . أيها الصفيق أنك في أحسن الأحوال قذر لا يعرف كيف يتوب . أيها الصفيق أنك بلغت من العمر أرذله ، فحاول أن تعرف كيف تتوب .