تقف إدارة باراك اوباما الآن على حافة الحرب مع كوريا الشمالية ،وهذه الحرب إن حصلت (وهي قاب قوسين او أدنى )،فان أمريكا ستسقط هيبتها في العالم أولا وتخرج من دائرة القوة العظمى ثانيا ،ولكن قبل هذا علينا قراءة المشهد السياسي الأمريكي من جميع زواياه ،فإدارة اوباما تعاني الآن في الداخل والخارج من الفشل الذريع في معالجة الوضع الاقتصادي جراء غزوها للعراق وأفغانستان ،والحملة العالمية لإدانة إدارة المجرم بوش وتابعه بلير بشان غزو العراق وتدميره تحت حجج واهية أثبتت بطلانها الوقائع على الارض ،وظهور دعوات عالمية لمحاكمة إدارتي بوش وبلير لغزوهم العراق دون موافقة مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بالرغم من معارضتهما لهذه الحرب القذرة ،وفشل إدارة بوش في نشر أكذوبة الديمقراطية في العراق والمنطقة ونشره الفوضى الخلاقة فيه ،هذا الفشل السياسي والعسكري لم يستطع معالجته باراك اوباما وإدارته فيما بعد، وأصر على استمراره في هذه السياسة ( ولم ينفذ وعده قبل الانتخابات على انه سيتخطى أخطاء بوش في العراق ويصحح هذه الأخطاء ) ، بل وتمادى وأوغل فيها وترك العراق لقمة سائغة لإيران في تخادم سياسي مفضوح، وقدم العراق على طبق من ذهب لها لتعيث فيه قتلا وتشريدا وتخريبا وتدميرا ،وترسيخا للطائفية في نسيجه الاجتماعي ،لتنفيذ مشروعها الكوني ابتداء من العراق ( المشروع الكوني الإيراني هو التشيع ألصفوي ) ، والآن تتجه بكل قوتها العسكرية لتوجيه ضربات عسكرية الى سوريا، وتغيير نظامها بالقوة ،بعد ان دعمت الثورة السورية إعلاميا ولوجستيا وسياسيا ،ومارست ضغوطا كبيرة على حلفائها في هذا الاتجاه ،ليس حبا بالثورة والثوار وإنما لسرقة نتائج الثورة وتجييرها لصالحها وصالح إسرائيل ،وفرض شروطها على قيادة الثورة فيما بعد التغيير كما يحصل الآن في العراق تماما ،وصولا الى مبتغاها ومخططها في إقامة مشروعها العسكري الشرق الأوسط الكبير ،الحرب في هذا الوقت على سوريا هو لحرف الأنظار عن تهديدات كوريا الشمالية ،بالرغم من ان الثورة السورية وقياداتها لم تطلب منها التدخل العسكري هناك ،ولماذا في هذا الوقت بالذات تعلن استخدام القوة العسكرية في سوريا وهي تواجه حربا نووية محتملة عليها ،فهل تحتاج المنطقة العربية حربا تدميرية أخرى، وهي تعيش وضعا سياسيا قلقا جدا ،وتهديدات إقليمية تنذر بحروب أخرى ( تهديدات إيران لدول الخليج العربي وتدخلاتها فيه )، والأوضاع المنفلتة في كل من مصر وتونس وليبيا والبحرين ،وكل هذه الأوضاع هي من صنع أمريكا وتدخلاتها لإرباك المنطقة سياسيا وعسكريا لنشر الفوضى الخلاقة فيها ،وفضائح إدارة بوش التي ظهرت الى العلن بمناسبة مرور عشرة أعوام على غزوه للعراق قد كشفت النقاب عن المخطط الأمريكي الكارثي للمنطقة ،وسقوطها في وحل سياستها العدائية وفرض هيمنتها من اجل النفط وامن إسرائيل المزعوم ،ولكن ما يعنينا هنا الآن هو ،هل تستطيع أمريكا أن تذهب الى النهاية في مخططها هذا وتشن حربا أخرى على سوريا وهي تنتظر الضربة النووية الكورية ، وماذا عن موقف روسيا والصين وإيران من هذا كله ،هل تبقى هذه الدول تتفرج على حروب أمريكا الفاشلة والكارثية في الشرق الأوسط ،أم ستقوم الحرب العالمية الثالثة التي بشر بها هنري كيسنجر قبل عام وقال إن طبول الحرب العالمية الثالثة تدق بقوة في الشرق ومن لم يسمع ضرباتها فهو أصم وأعمى ، إذن نحن أمام حربا عالمية ثالثة فعلا ورأسها يطل علينا من كوريا الشمالية وان إعلان إدارة اوباما لشن حملة عسكرية على سورية هو بداية لهذه الحرب وتمهيد لها ، ولا مفر أبدا من هذه الحرب التي أخذت ضربات طبولها تتسارع هنا وهناك ، فمن يستطيع وقف هذه الحرب إن حدثت ، وخاصة إذا كانت حربا نووية غير تقليدية ، إنها آخر حروب أمريكا في العالم ، وبعدها ستكون أمريكا في آخر قائمة الدول العظمى ، لتعود الى عصر القراصنة وعصر الجليد الأول ، هكذا ستتهاوى أمريكا ولن تبقى الدولة الأولى العظمى في العالم، إن ركبت رأسها وأسكرها الغرور بالقوة .......