في شهر نيسان عادة ما يكون العراقيون في شهرالربيع حيث الأجواء الطيبة والوان الطبيعة الزاهي والأرض الخضراء الممتده ما بين النهرين وعطور الزهور تشم رائحتها ما بين ازقة بغداد وشوارعها وضحكات الأطفال تملأ الأمكنة وأحلام الصبا مفعمة بالذكريات الجميلة عن ربيع دائم البسمة والظلال في ربوع وطننا الحبيب . لكن ماحدث في مثل هذا اليوم لم يكن بالحسبان حيث اكتملت مخططات أعداء العراق والأمة العربية وأعوانهم من الخونة والجواسيس وبائعي الضمير الوطني والقومي لتغتال العراق ارضا وسماءا وحضارة وشعبا ومقدسات وتاريخا قوميا وبعدا حضاريا . في مثل هذا اليوم من عام 2003 كان يوم النكبة ليس للعراق فحسب بل للأمة العربية وللعالم المحب للأمن والسلام عندما دخلت القوات الأمريكية بغداد الحبيبة ودنست حرماتنا وبددت احلامنا وقطعت مابيننا والتاريخ الأنساني كل مقومات نهضتنا وعزتنا وقرارنا المستقل وحقنا المشروع في اختيار الطريق الذي نراه مناسبا لبناء نهضة العراق وشعبه ومستقبل الأمة وطموحات شعبها برؤى وطنية سليمه وقرارسياسي مستقل .واننا عندما نستذكر هذا اليوم المشؤوم ينبغي لنا أن ننظر في النتائج الذي أحدثها هذا الأحتلال البغيض والمتغيرات التي أحدثها ليس على مستوى العراق والوطن العربي فحسب بل على المحيطين الأقليمي والدولي فلم يعد العراق وشعبه اليوم كما كان بالأمس الحصن المنيع للأمة ولم تعد قدرات العراق وشعبه وامكانياته في خدمتها ولم يعد جيش العراق جيش الأمة واداة تنفيذ مهماتها القومية وحامي ديارها ومقدساتها اينما كانت في الأردن او في فلسطين ام في مصر او في اليمن . ان احتلال العراق والسيطرة عليه لم يكن بالأمر الهين تنفيذه على الولايات المتحدة الأمريكية دون البحث عن دوافع ومبررات وجيوش تستخدم أفضل ما وصل اليه العلم العسكري ووسائل دعاية حديثة وابواق باعت ضمائرها من مرتزقة وخونه وجواسيس وارض يرسم فيها خطوط الشروع للتنفيذ تكون قريبة من العراق (أرض ومطارات وبحارعربية) لقتل الشعب العراقي وتدمير الجيش الذي كان سباقا للمشاركة في أي معركة يخوضها العرب بأستبسال وشجاعة كما كان لا بد من الحصول على مبالغ مالية هائلة للحصول على الدعم اللازم لمساندة القوات الغازية وادامة جهدها اللوجستي . لم يكن احتلال العراق في هذه الفترة بالذات وليد الصدفة أوبسب ما ادعته الولايات المتحده الأمريكية ومن وراءها الدول الغربية بأمتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل والتي لم يتم العثورعلى اي دليل في العراق بأمتلاكها ثم جاءت كذبة اخرى بأن الحكومة العراقية على علاقة بتنظيم القاعدة وبأبن لادن ثم تبين لاحقا وعلى لسان عدد من المسؤولين الأمريكان والأجانب بعدم صحة هذه المعلومات حتى ان كولن باول قد نفى اي علاقة للعراق بتنظيم القاعدة من بعدها ادعى الأمريكان ان الغاية من احتلال العراق هي لنشر الديمقراطية ولدعم حقوق الأنسان فيه فأصبح العراق طوائف وملل وأحزاب مذهبية يقتل المواطن فيه على أساس الأسم او الهوية وسلطة قائمة على المحاصصة تلاحق وتهمش وتقصي وربما تحمي المفسدين وتهادن القتلة وتمنع الصلوات في المساجد وتضعف النسيج الوطني وتلاحق شركائها وتكمم أفواه معارضيها. ان الأحتلال الأمريكي للعراق جاء لوقف عجلة التقدم والتطورالأقتصادي والتكنولوجي في العراق وتعطيل اي مشروع يعبر عن الأنتماء الوطني والقومي من شأنه ان يجعل العراق قويا مقتدرا قادرا على الدفاع عن قضايا العرب المصيرية والوقوف بصلابة امام الأطماع الأمبريالية وصنيعتها الكيان الصهيوني فكلما كان العراق قويا مقتدرا كان يقترب من أجندات التآمر الغربي فالمعروف ان امريكا والغرب لا تهتم بالديمقراطيات ولا بأنظمتها ولا بأيدلوجياتها السياسية بل ان الموقف من الكيان الصهيوني والوقوف امام اطماعه التوسعية واسترداد حقوق الشعب الفلسطيني التي طالما وقف معها العراق وساندها واعتبرها قضيته المركزية هو ما يحدد موقف الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية وعلاقاتها مع دول المنطقة بشكل عام والعراق بشكل خاص. لقد كان للأنجازات العظيمة التي حققتها ثورة 17 تموز في كافة مجالات الحياة وتأميم شركات النفط الأحتكارية ومحاولات العراق المستمرة للحصول على التكنولوجيا المتطورة في سبعينات القرن الماضي وتجاوز الحدود المسموح بها لدولة من دول العالم الثالث كالعراق تحاول الخروج من هذا المفهوم لتلحق بالدول المتقدمة ويكون لها برنامجها الوطني والقومي المعبر عن ارادة الجماهير العربية في امتلاك نواصي العلم المختلفة بالأعتماد على الذات دون تدخل أجنبي سببا لعدة محاولات للتآمرعليه وشن حروب متعدده يخرج منها منتصرا آخرها انتصاره في الحرب العراقية الأيرانيه وما اضاف لجيشه من خبرات متراكمة وقدرة قتالية مضاعفة وتأثير كبير على السياسة الأقليمية والدولية أثارت حفيظة الأعداء مما دفعهم للتآمر عليه من جديد والتنقيب عن الذرائع والأكاذيب الباطلة التي توفر الغطاء اللازم لذلك فبدؤا بحصار اقتصادي جائرلأستنزاف قوته وايقاف برامجه التنموية حتى يسهل السيطرة عليه . في حين ذهب أحد الدبلوماسيين الأمريكان الى ماقبل هذا التاريخ عندما قال ان تفكير الولايات المتحدة الأمريكية بأحتلال العراق يعود الى عام 1948 اي بعد الحرب العالمية الثانية بثلاث سنوات فيقول كان محور العالم القديم شبه القارة الهندية حيث مركز الأسواق الغربية هناك مرورا بمصر والشام فسيطر الأنكليز على مصر واحتلت فرنسا بلاد الشام أما الآن فيرى هذا الدبلوماسي الأمريكي ان أقصى الشرق من اسيا (اليابان والصين ) هي مركز التجارة العالمية وان محور المرور هو منطقة الخليج العربي ومن يسيطر على بغداد فسوف يمتلك مفتاح التحكم بالخليج العربي وبالتالي يسيطرعلى 60%من ثروات العالم والذي تديره الولايات المتحده الأمريكية لذا اصبحت السيطرة على هذا المحور مطلبا أمريكيا لا تراجع عنه وضرورة تفرضها المصالح الأمريكية في المنطقة . لقد عارضت أغلب دول العام التدخل الأمريكي الغربي في العراق فكوفي أنان الأمين العام للأمم المتحدة صرح ان الغزو الأمريكي كان منافيا لدستورالأمم المتحدة ووزير العدل البريطاني أصدر مذكرة أكد فيها ان استخدام القوة لتغيير نظام سياسي هو عمل غير مشروع وانطلقت مظاهرات عارمة في كل دول العالم بما فيها امريكا وبريطانيا راعية العدوان لكن الولايات المتحدة الأمريكي لم ترعوي للأصوات التي استنكرت هذا الغزو واستمرت بجهودها حتى وصل عدد جنود الغزو الى ما يقارب من 500 ألف جندي تابعة لعدة دول ( المملكة المتحدة , استراليا, والدانمارك , وكوريا الجنوبية ) اضافة الى قوات ساندة من ايطاليا واكورانيا وأسبانيا واوكرانيا وبلغاريا . بدأت الحرب في 20 آذار 2003 وسميت بعملية الصدمة والترويع دليل على التفكير الأمريكي الغربي بقصر فترة العمليات الحربية واستقبال العراقيين للقوات الغازية بالورود كما صورها لهم العملاء والخونة وانتهت بجلاء قوات الأحتلال الأمريكية من ارض العراق بعد توقيع اتفقيات امنية مع الحكومة العميلة لقد كان يعتقد بوش ان احتلال العراق سيكون سهلا وربما ينتهي بساعات لكن عمليات رد الفعل السريع للمقاومة العراقية الباسلة والتي بدأت أعمالها بعد الأحتلال مباشرة وأحدثت خسائر جمة في قوات الأحتلال وآلياته وارهقت ميزانية امريكا بعدة تريليونات من الدولار وأحدثت أزمة مالية وأقتصادية دولية كبيرة لا زالت آثارها السلبية تفتك بعدد من البلدان الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وكبدت دول العدوان آثارنفسيه سيئة وخسائر مادية وعسكرية كبيرة وأحدثت خللا كبيرا في القانون الدولي ومهام المنظمات الدولية مما دفع الولايات المتحده الأمريكية الى الأنسحاب من العراق .لقد كان من نتائج هذه الحرب القذرة على العراق وشعبه ملايين من المشردين والأرامل والعاطلين عن العمل والمهجرين داخل البلد وخارجه وفساد لم يشهده العالم على مر التاريخ الأنساني وتعسف ودكتانورية ظالمة كما أفرزت حكومة طائفية عميله ارتبطت بدول اقليمية وتأتمر بأوامرها وتابعا لأجنداتها ولم يعد العراق قويا كما كان بعد حل الجيش وقوى الأمن الداخلي واحلال ميليشيات حزبية طائفيه حاقدة تقتل على الهوية وبأستخدام امكانيات الدولة بكل حرية وأصبح العرب بدون العراق ضعفاء ودولهم ممزقة وشعوبهم قلقة من مستقبل أظلم فضاعت الهوية وارتبكت الأوضاع في جميع البلدان العربية ولم تبنى الديمقراطية في العراق وأصبح عرضة لتدخلات اجنبية عديدة وساحة مفتوحه للعب الأشرار والمتربصين به ولم تتحسن اوضاع شعبه بل أزداد سوءا على سوء وهو مقبل على التقسيم وضياع الهوية والحروب الطائفية وضعف الأرادة الوطنية في الوقوف أمام هذه التحديات .