( لتكن إنتفاضة الأنبار فوق أي إعتبار) بث تلفزيون (BBC) بالتعاون مع صحيفة الغارديان البريطانية فيلما وثائقيا معززا بشهادات حية، عن إيفاد وزارة الدفاع الامريكية (وزارة مجرم الحرب وحامل سيف ذي الفقار رامسفيلد) خبيرا قذرا من بالوعة المارينز هو (الجنرال جميس ستيل) الذي له باع طويل في ما يسمى (الحروب القذرة) في امريكا الوسطى. كانت مهمة ستيل الرئيسة في العراق تشكيل وحدات خاصة من العراقيين لغرض تعذيب المعتقلين وقتل المتمردين من أهل السنة، علاوة على دمج عناصر الميليشيات الإرهابية في الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية لتدميرها بالكامل عبر تحويلها من أجهزة لخدمة الشعب الى أجهزة لقمعه وخدمة الطائفة الواحدة. وقد أوفد رامسفيلد لمعاونته في المهمة ( الجنرال جيمس كوفمان) وهو لا يقل قذارة عن ستيل فهما من خريجي نفس البالوعة. قد وصف نفسه بأنه"عين واذن باتريوس في العراق"! الى جانب هذين الصرصارين كان يجري خلفهما صرصار عراقي أقل ضآلة منهما وأكثر قذارة يدعى( منتظر السامرائي) يساعدهما في قتل وتعذيب شعبه المبتلى به وبأمثاله العملاء. وبالطبع كان الغرض من تعذيب وقتل أهل السنة على ايدي الشيعة هول زرع الفتنة الطائفية ونشر بذور الكراهية بين مكونات الشعب الواحد. وهذا الفيلم ما كان له أن يرى النور، إلا بعد أن كشف موقع ويكيليكس عن الوثائق ذات العلاقة ودق أجراس الفضيحة عاليا لعلها تصحي النيام! ومع هذا فإن بعض اهلنا الشيعة ما زالوا يغطووا في نوم عميق بفعل مسكنات مرجعية النجف الفارسية. نجحت الخطة الامريكية نجاحا باهرا بخطة التفريق التناحر بين الأشقاء بمساعدة طفيليات من العملاء العراقيين الذين تفقسوا في دهاليز المخابرات المعادية. وجهل وقلة وعي الشعب العراقي وخصوصا الشيعة منهم لأسباب مقصودة ومعروفة. علاوة على تحالف المرجعية الشيعية مع قوات الغزو وتأثيرها على أتباعها الخاضعين لتنويمها المغناطسي. وافتقار أهل السنة الى مرجعية محددة وواضحة، علاوة على تشرذمهم وفقدانهم لجزء كبيرة من مكونهم المذهبي، حيث تحالف الأكراد السنة مع الشيعة ضدهم. واخيرا الدور الإيراني القذر الذي خدم الأجندة الأمريكية، حيث نفخت حكومة الملالي في شرارة الفتنة وما زالت تنفخ فيها كلما سكنت قليلا. هناك تساؤلات مهمة سنطرحها على بساط البحث والنقاش أمام الجميع لنستشف منها خلفية العلاقة بين اضلاع المثلث المعادي للعراق(الولايات المتحدة.الامريكية- الكيان الصهيوني- ايران) شريطة أن نضع حرب الإعلام المجوفة بين الأطراف الثلاثة، وثرثرة السياسيين جانبا. لأن ما يدور في الظلام بين الحلفاء لا يعكس ما يحدث في الضوء، بل يناقضه كليا. فتصريحات الحرب والمحو والإبادة والتدمير، والأزمات المتلاحقة بشأن الملف النووي والحظر الاقتصادي والعقوبات الدولية واكاذيب وتخرصات إعلامية لها بداية وليس لها نهاية. جميعها عبارة عن هوامش جانبية ملحقة بالموضوع الرئيسي. نقول بكل ثقة، ونجزم بأنه لم ولن تحدث حرب بين الأخوة الأعداء. لأن حلفهم استراتيجي بعيد المدى، قائم على مصالح عليا لايمكن التفريط بها. النقطة الأولى يشكل أهل السنة حوالي 90% من مجموع المسلمين في العالم، ويحكم العالم الإسلامي أنظمة منسوبة على أهل السنة حتى لو كانت علمانية صرفة، بإستثناء النظامين الايراني وربيبه العراقي. وهما لا يعكسان طبيعة التكوين العقائدي في البلدين فنسبة الشيعة الى السنة في العراق متقاربة جدا اذا اخذنا بنظر الاعتبار الاكراد، حيث أن معظمهم من أهل السنة(بإستثناء اقلية من التبعية الايرانية يسمون الفيلية). والنظام الإيراني حوالي 15-20% من سكانه هم من أهل السنة لكنهم يعيشون على هامش المجتمع الفارسي. ونظام الملالي نظام مشاكس ومتعجرف غير مرغوب به دوليا ولا اقليميا بسبب علاقاته الخارجية السيئة مع معظم دول العالم وتدخله السافر في شئون بقية الدول بما في ذلك دول تقع في قارات أخرى. وأطماعه التوسعية المعلنة على لسان زعمائه في دول الجوار، بل وصلت الى القطب المنجمد، إضافة إلى شعار الدولة الإستفزازي بتصدير الثورة الفاشلة الى الدول الأخرى سيما المتخلفة منها. إذن لماذا إنحرفت سياسية الولايات المتحدة لعداء الأكثرية السنية والوقوف الى جانب الأقلية الشيعية؟ أن تعادي 90% من المسلمين وتقف الى جانب 10% أمر يثير العجب. علما انه لا ايران ولا العراق نظامان نموذجيان صالحان للإقتداء بهما من قبل بقية الدول. كلاهما نظامان اسلاميان متطرفان دينيا وسياسيا. كما ان الأنظمة السنية في المنطقة سيما منطقة الخليج هي الأقرب للولايات المتحدة وتنفيذ أجندتها. حيث توجد على اراضي بعضها قواعد امريكية ضخمة. وعلى السواحل اساطيل امريكية، وبينهما اتفاقات وتحالفات استراتيجية كما لاحظنا في حرب الخليج الثانية. إذن ما الذي يكمن وراء الأكمة؟ النقطة الثانية تدعي الولايات المتحدة بأنها تحارب التطرف الديني بمسمياته المختلفة كالعنف الإسلامي والإرهاب الإسلامي وغيرها، وانتهجت سياسة لا تقبل الوسط أما معها أو ضدها في حربها على الإسلام. وهذه سياسة معلنة وصريحة لا تجري في الأقبية والدهاليز. لكن الولايات المتحدة تنتهج سياسة معارضة لما تدعيه. فهي تدعم بكل قوة الحركات الإسلامية المتطرفة سواء في العراق وافغانستان ومصر ولبنان وغيرها من الدول، بل إنها سلمت الحكم في العراق وافغانستان الى احزاب في غاية التطرف الديني. في العراق مثلا سلمت دفة الحكم الى حزب الدعوة الإسلامية والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الله والحزب الإسلامي وحزب الفضيلة وانتهاءا بالتيار الصدري وعصائب أهل الحق. لا يوجد في العالم الإسلامي احزاب دينية متطرفة مثلها إلا ما ندر. فمن يحارب التطرف كما يدعي، لماذا يدعم الاحزاب الدينية المتطرفة ويسلمها السلطة؟ هل تجهل الولايات المتحدة الأعمال الارهابية التي قام بها حزب الدعوة الإسلامية في الكويت ولبنان والعراق؟ النقطة الثالثة وهي ترتبط بالسابقة حيث ان جميع الأحزاب الحاكمة في العراق هي صناعة(ساخت ايران) بإمتياز، بإستثناء الحزب الإسلامي رغم ان الينبوع الأصلي للحزب(مصر) يرتبط بعلاقة وثيقة بنظام الملالي في إيران، كإنهما فردتا نعل، فالخميني أطلق تسمية سيد قطب على شارع في طهران. حتى الأحزاب الكردية الشوفيية تقع تحت نفوذ حكام إيران وهذا ما عبر عنه مسعود برزاني بصراحة عندما صرح مؤخرا بأن إنسحاب الأكراد من العملية السياسية، يسبقه تشاور مع ايران والولايات المتحدة! وإذا افترضنا وجود عداء بين الشيطان الأكبر(امريكا) والشيطان الأصغر(إيران). فكيف نبرر دعم البيت الأبيض للأحزاب العراقية التي ولدت من رحم نظام الملالي الذي تتزعم الولايات المتحدة حملة عدائه؟ النقطة الرابعة كان من الأسباب المعلنة لغزو العراق، هو ارتباط النظام الوطني السابق بتنظيم القاعدة كما زعموا قبل العدوان، وقد تبين ان الأمر لا يتعدى الإكذوبة، وهذا ما جاء على لسان قادة الغزو أنفسهم بعد أن فشلوا في ايجاد اية علاقة بين الطرفين. في حين ان تنظيم القاعدة له قواعد اساسية في ايران، ويتواجد في ايران عدد من زعمائه المطلوبين على قائمة الإرهاب الامريكية. اذا لماذا تبحث واشنطن عن علاقة وهمية بين النظام الوطني السابق في العراق وتنظيم القاعدة، وتشن حربا عليه بسببها؟ وفي نفس الوقت تتجاهل وجود علاقة واقعية بين نظام الملالي في ايران وتنظيم القاعدة؟ ولماذا لا تطالب الولايات المتحدة بالإرهابيين الموجودين في ايران ممن مذكورين في قائمتها؟ لأهمية هذا المحور سنناقشه في المقال القادم بصورة مستقلة بعون الله. النقطة الخامسة من المعلوم ان ريئس وزراء العراق نوري المالكي لا يتعدى كونه بيدق على رقعة شطرنج الخامنئي، صحيح انه مزدوج الولاء، لكنه حسم أسبقية الولاء لنظام الخامنئي، وهذه حقيقة تدركها الولايات المتحدة اكثر من غيرها، حيث بدأ المالكي يتمرد على توجيهات الإدارة الامريكية، وابرز مثال على ذلك هو تدفق السلاح والمقاتلين الايرانيين عبر العراق لمؤزارة سفاح دمشق. وهو أمر تعترض عليه الولايات المتحدة كما تزعم، ونبهت حكومة المالكي مرارا على تجنبه لكنه لم يذعن. وفي زيارة وزير الخارجية الامريكي حون كيري مؤخرا للعراق أثار هذه النقطة خلال لقائه بالمالكي. وتشير الأخبار بأن المالكي رفض تفتيش الطائرات الايرانية او ناور في هذا الأمر! فإذا كان المالكي قد حسم ولائه لإيران كما تبين في عدة مواقف. إذن لماذا تصٌر الولايات المتحدة على بقاء المالكي رئيسا للوزراء رغم انه شخص محفوف بشكوك الولاء؟ وكيف يتفق اوباما والخامنئي بأن اقصاء المالكي هو خط أحمر؟ هل هي مجرد صدفة؟ حدث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له. النقطة السادسة من مبررات غزو العراق السيطرة على البترول، لمعرفة الامريكان بأن الإحتياطي النفطي العراقي هو اكثر من المعلن بأضعاف حتى قيل بأن آخر برميل نفط في الأرض يستخرج من العراق. وقد تهافت الشركات الامريكية والبريطانية ومن جنسيات أخرى لعقد اتفاقات نفطية مجحفة بحق الشعب سيما انها وقعت بين أسياد وعبيد، أو بين مستكبرين ومستضعفين. أو بين محتلين وعملائهم. لكن الأمر المحير هو عندما سيطرت القوات العسكرية الايرانية على آبار الفكة العراقية، لم تتحرك ادارة البيت تجاهها ولو إستنكار وذلك أضعف الإيمان! وعندما تم تعيين حسين الشهرستاني كوزير للنفط لم تعترض الولايات المتحدة عليه رغم انه ايراني الأصل والولاء! وعندما سيطرت ميليشا حزب الفضيلة على المنشئات النفطية في جنوب العرق وبدأت عمليات تهريب للنفط لم يشهد لها مثيل في تأريخ العراق، لم تعترض امريكا أيضا! وعندما بدأ العراق يصدر النفط الخام بالمليارات لإيران ويستورد بأضعاف ثمنها مشتقات نفطية لم تعترض إدارة الشر رغم عدائها المزعوم مع ايران! وعندما ابتدع الوزير باقري صولاغي(ايراني الجنسية) فكرة الآبار المشتركة التي جعلت ايران شريكا للعراق في نفطه على أرضه رغم أنف الجميع سواء من العراقيين أو الأمريكان، ولم تعترض واشنطن على ذلك مطلقا! وعندما فرض الحظر الإقتصادي على إيران، كسرت حكومة المالكي ضلع الإرادة الدولية من خلال تعزيز التعاون الإقتصادي مع إيران، وتهريب النفط، ودعم العملة الإيرانية من احتياطيات البنك المركزي العراقي. كيف يمكن تبرير هذه المواقف المتناقضة للشيطان الأكبر إتجاه الشيطان الأصغر؟ هل نستخلص منها وجود عداء حقيقي بين الطرفين؟ هل بين الشياطين عموما تعارض وخصام أم مودة وغرام؟ اليس العفريت الأكبر هو الذي فرك المصباح لإخراج العفريت الأصغر؟ علما إننا لم نتحدث عن عوائد النفط، وكيفية التصرف بها وحصة إيران منها، ونسبة مرجعية النجف منها، ودور نجل السيستاني في الموضوع وغيرها من الأمور التي اصبحت مكشوفة للصاحين والراشدين عقليا حصرا. ولنا عودة بعون الله.