عشر سنوات عجاف والعراقيون يكابدون الاحتلالات الامبريالية والصهيونية والفارسية ، ثالوث العدوان على الامة العربية ، وكان عبئ التحرير ثقيلاً ثقيلاً على اي شعب يواجه هذا الحجم والنوع من الاحتلال ، الا انهم العراقيون الذين سطروا لانفسهم مواقف حفرت على سطح الارض وفي اعماق التاريخ ، فما وهنوا ولا استكانوا ولا ذلوا ، فعلى الدوام كانت بطولاتهم في مواجهة الاعداء تحتم نيلهم الفوز والنصر في كل معاركهم ، حتى على من اراد ان يستهين بهم من ابناء جلدتهم . عشر سنوات من عمر الاحتلالات البغيض ما هدأ العراقيون ولا نامت اعينهم وايديهم على الزناد ، حتى فرضوا على الامريكان حمل حقائب مرتزقتهم وولوا مدبرين ، تاركين وراءهم جيف الانسانية واخستها من فرس مجوس وعملاء طائفيين عاثوا في الارض فساداً ، فكانوا الصفحة الاخرى للصهيونية العدوانية التي تمارس الاجرام على ارض فلسطين ، فكأن القدر اراد ان يعيد سيرة العراق وفلسطين من جديد وكذلك الفرس واليهود ، فالعراق له بصماته على ارض فلسطين ، وخاصة عندما تصاب بوجع الاحتلال ، واليهود والفرس يلتقون في خندق واحد على الامة في اهدافها وقيمها وتراثها واخلاقها . في سنوات الاحتلال سقطت كل شعارات الديمقراطية الامريكية على ارض العراق ، فكانت ديمقراطية الدبابة والمدفع والقتل والتدمير والتشريد ، وتحول العراق من بلد مهيوب الجانب ودولة يشار اليها بالبنان في الاقليم والعالم الى دولة فاشلة ينخر فيها الفساد ، بسب من فساد من تسلموا زمام الحكم ، وهم الحاقدون على الوطن والمجتمع والدولة ، فمزقوا الوط، وفتتوا المجتمع ، واضاعوا الدولة في سوق النخاسة الفارسي المجوسي ، وسرقوا مقدرات الشعب ، وتركوه في امس العوز والحاجة ، رغم مليارات الدولارات التي دخلت الخزينة من عائدات النفط . ورغم الحالة السوداوية التي اتسم بها العراق في ظل الاحتلال الا ان الصورة المشرقة في الصفحة الاخرى ، صفحة المقاومة الباسلة ، التي تصدت للاحتلال وافرازاته ، وسطرت بطولات خارقة ، رغم انها المقاومة اليتيمة التي لم يلتفت اليها احد حتى من بني العمومة، والذين كانت خناجرهم تغط في الجسد العراق قبل خناجر الاعداء ، فكانت مقاومة كل الشعب، لم تلتفت الى اهداف الاعداء في تفتيت مكونات الشعب ، فقد كانت وحدة العراق في عمليات ابطال المقاومة ، عندما ضمت بين صفوفهم كل هذه المكونات الثرية التي اغنت العراق، وجعلت منه صفحة من الفسيفساء الجميلة في ظل النظام الوطني الذي تم استهدافه ، لان منظوره كان ينطلق من الانتماء الوطني ، فالكل سواسية في ظل المواطنة ، وليس هناك من انتماء يتقدم على الانتماء الوطني . ومنذ اكثر من ثلاثة اشهر وانتفاضة شعب العراق العظيم تزلزل الارض تحت اقدام العملاء في المنطقة الغبراء في بغداد ، وكسيرة المقاومة التي شهدت الجحود والنكران الا من بعض المناضلين الخيّرين من ابناء الامة ، فالعراقيون وحدهم يسطرون انتفاضتهم ، وكاني بهم يريدون ان يكونوا متفردين في مقاومتهم لا كأي مقاومة سبقت ، وفي انتفاضتهم لا كأي انتفاضة قامت هنا او هناك في جنبات الارض العربية . للعراقيين طريقتهم الخاصة لا يريدون ان يكونوا كغيرهم ، فالطريق الذي يسلكوه لابد وان يكون خاصاً بهم ، فهم اصحاب اسرع مقاومة في التاريخ ، وهم من دق المسمار الاول في نعش الامبراطورية الامريكية واذلوا مرتزقتها ، وهم اصحاب اطول انتفاضة ، وهم سيكونون من سيسجل التاريخ لانتصارهم المدوي على كل اعداء الامة من امبرياليين وصهاينة وفرس مجوس وفي ظل عدم توازن القوى الا تسلحهم بقوتهم التي تقهر كل من يريد ان ينال من العراق ويستهدف وحدته وكرامة ابنائه ، اليس العراقيون من كانوا اول من وضع مواد القانون وابجدية الغة والحدائق المعلقة ، ثم اليسوا اول من قام باسر اليهود في بابل . عشر سنوات عجاف من عمر العراقيين ، عمر الغزو والاحتلال ، والطريق لتنسم هواء الحرية بات قصير جدا ، فهؤلاء العملاء في بغداد بات الكثير منهم يحزم حقائبه استعداداً للهروب ، وهذا المالكي العميل باتت فرئصه ترتعد ، لانه يخشى وفي لمحة بصر ان تأتي ساعة التحرير ، فالى اين المفر ، وهل في مقدوره ان يتسلح رجليه ويولي هارباً صوب اسياده في طهران ، ام ان جماهير الشعب ستوقع فيه القصاص العادل والذي يستحقه كل خائن وعميل ؟ . له درك يا عراق كم واجهت من مصائب وويلات ، وكان غذاؤك الصبر وكانت وسادتك المقاومة ، فلا تنام الا وتحتضن بندقيتك لتواجه بها كل من اراد ان ينزع النوم من عيون اطفالك ، وقاتلت واستشهد ابناؤك ، وعريت وجعت وحرمت من ابسط مقومات الحياة لتنال حريتك المغموسة بالدم ، فكما قال الشاعر : وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدقالنصر آت لاريب فيه وكم نتمنى ان نفرح مع المنتصرين ، ونكفكف دموع الارامل واليتامى ، ونعيد سيرة العراق الاولى في اعلاء شأن الامة ، وفي الزحف لتحرير فلسطين .الحرية للعراق والرحمة للشهداء والعزة والمجد للامة . dr_fraijat@yahoo.com