المقدمة : من المفارقات العجيبة أن البعض لا يتقنون الربط الموضوعي بين الرسالات ولا يفهمونها وينعتونها بتوصيف الاحتضار وتلك حالة قد تفضي إلى تفسير من شانه أن يقنع من يقرأ مقال الكاتب " ضياء الحكيم " يخرج بنتيجة هي "الشيزوفرينيا" الفكرية التي تلبست مفرداتها .. كيف ؟ : أولاً - إن رسالة الإسلام للبشرية لن تموت، لأن الله سبحانه وتعالى قد حماها عبر الأزمان، من كل شر وسوء ومكروه . ثانياً - وإن رسالة البعث هي الأخرى لن تموت ما دامت الأمة العربية موجودة ولان مقومات وجودها هي التي تعطي الحياة للبعث بان يكون على قيد الحياة ولان البعث يستقي وجوده من هذه المقومات التي تعتمد على عناصر وجود الأمة في ثقافتها وفكرها وتاريخها وتجاربها فان البعث يبقى أحد أهم القوى العربية القومية الفاعلة على الأرض العربية من أجل بناء الأمة في وحدتها وتحررها وعدالتها الاجتماعية ، والبعث يصارع في كل تاريخ مسيرتها منذ عام 1947 ولحد الآن مشاريع الاستعمار والإمبريالية والصهيونية وتابعوهم من المشاريع الإقليمية .. وعلى أساس خطه التحرري هذا تكالبت عليه قوى الإمبريالية والصهيونية والصفوية لإسقاط نظامه الوطني في العراق . ثالثاً - المأزق الذي سقط فيه الكاتب، هو عدم معرفته بالرسالات ، لا رسالة الإسلام في بعدها الإنساني والقومي، ولا رسالة البعث في بعدها القومي والإنساني أيضا .. ولأنه لا يفرق بين هاتين الرسالتين من حيث الجوهر، فقد سقط في وحل التوصيف والخروج على خط الموضوعية وربما تجاهل انحيازه لفئة ( عدالة ) دولة القانون التي تعتقل المواطنين الأبرياء بالجملة بدون عدالة ، الأمر الذي قد يراه البعض بأنه " شيزوفرينيا فكرية " تتلبس مفردات حديثه، ومن نوع آخر. دعونا نطلع على بعض هذه الهلوسات إذا جاز التعبير، لأنها خارج عن مألوف المحاجة الموضوعية والكلام الرصين في الحوار : - يتحدث بمفردة " هارب عن العدالة " .. أي عدالة يتحدث عنها ؟ عدالة الفرز الطائفي أم عدالة الفرز العرقي أم عدالة القتل على الهوية أم عدالة احتكار السلطة التي كرسها الاحتلال الأمريكي منذ عام 2003 ولحد الآن ؟ أم عدالة الديمقراطية (باستخدام الأحذية أسلوباً للحوار في البرلمان المهزلة) ؟ أم عدالة هيئة النزاهة التي تغطي على أطنان من ملفات الفساد وأصحابها في كل مفاصل دولة العدالة والقانون ؟ أم ماذا وماذا .. إلخ ؟ - لا أحد يحكم على العراقيين بالصفوية إطلاقاً ، لأن العراقيين هم الشهامة والكرامة والانتماء الوطني والقومي طيلة تاريخهم المشرف، ولكن يقصد الكاتب (التبعية الفارسية)، وهم ليسوا عراقيين بحكم تبعيتهم الفارسية .. هؤلاء تقبلهم الشعب العراقي الكريم والمضياف بين ظهرانيه وحماهم وأكرمهم فانقلبوا على أصحاب الدار العراقيين بحكم (الرس الدساس) .. هؤلاء العملاء الفرس الذين استوطنوا العراق، وباتوا في كل تاريخهم طابوراً خامساً يعرفهم القاصي والداني ، وحاشى لله أن يكون العراقيين محط هذا التوصيف الخبيث الذي لا يستخدمه غير المغرض..!! - وليس غريباً أن من اعترافه بـ(أن المقابل لا يفهم جذور الصفوية وأصل علماؤها ) .. وهذا الكلام مبروك عليه فهمه العميق لأحد أقبح المناهج طائفية وعنصرية تتساوق مع عنصرية الكيان الصهيوني .. وإن عمق تفهمه للصفوية التي شككت بالدين الإسلامي الحنيف وطعنت برموز المسلمين العظام، ليس الآن إنما منذ عهد فارس وحقدهم الأسود على العرب وعلى الإسلام . - أما في الشأن السياسي، فإذا كانت أمريكا قد نصبت في تركيا منصات صواريخ باتريوت، فهي ليست موجهة ضد إيران حسب الفهم القاصر، إنما هي تحسباً أمريكياً لأي حركة قد تأتي من روسيا الاتحادية، نتيجة لأوضاع المنطقة المشتعلة، فضلاً عن نهوضها على مستوى التوازن الإستراتيجي الكوني .. فيما يكون موقع إيران هو الموقع المتعاون مع أمريكا في العراق وفي أفغانستان، وهذا ليس تجنياً عليها إنما اعترافاً أبداه (أبطحي) ومحمود أحمدي نجاد ومسئولون إيرانيون مدفوعون بالتفاخر والعتب على أمريكا .. وهل يدرك كاتب المقال ذلك .. وهو الجواب الرجولي الذي ينتظره وغيره.! - ثمة خلط خبيث ذكره الكاتب ( ومن الخبث والعبث والمرض الاجتماعي والديني أن يحاول بعضهم اليوم إرجاع رسالة الشيطان البعثية إلى رسالة النبي محمد (ص) الرسول العظيم أو الأولياء من بعده، إنه السلاح الذي أعطى هذه المجموعة موقعاً في العالم العربي وجر شعوبها إلى حروب وحروب مع إخوتنا في العروبة والإسلام ) ... وفي هذا المدخل نعود إلى "الشيزوفرينيا الفكرية" في تناول مفردات الخبث والعبث والمرض الاجتماعي والديني في مقاربة ليست لها معنى لا في الربط الموضوعي ولا في المرمى، الذي تفرق حقائقه ، كما أسلفنا ، بين الرسالتين رسالة النبي الكريم سيد الخلق محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ، وبين رسالة البعث الخالدة، التي وضعت لوحدة الأمة العربية وإنجاز حريتها وتحقيق عدالتها الاجتماعية ، ولا مكان فيها للطائفيين والعنصريين والجواسيس .!!