يدور الحديث بين الناس في هذه الأيام الغبراء والكالحة السواد عن الإنتخابات ومن شتى إتجاهاتهم وميولهم وأطيافهم ومن كل الطبقات في مجتمعنا العراقي الذي فقد هويته مِن أثرِ الأحتلال وأذنابه والذي تبدلت أحواله من حالٍ لإلف حال من التمزق والتهجير والتشرذم والتطرف حتى بأساليب فهم الدين بفعل حنقبازيات المُستدينين لمعرفة الحلال من الحرام ومعوذات الدخولِ الى الحمام مجتمعنا الذي تغيرت ألوان أيامه وصباحاته الى نارٍ ودخان وقتلٍ وضياع ورماد والذي بات من أغبر الأصباح في العالم حتى إنَّ ألوانها قد أختفت بعواصف الأتربة صيف شتاء كأفقع وأتعس من الأصباح في الصومال أو أفغانستان ، عن تلك الألوان لصباحات أيام الزمن الجميل وصوت فيروز يتغلغل في الروح ويبهج النفوس وتدغدغ شرايين قلوبنا بكلمات شايف البحر شو كبير كِبر البحر بحبك وتفتح مسامات الوجه العبوس لنستقبل اليوم بالأبتسامة لأول عابر سبيل ونحن واثقين الخطوة نمشي ملكاً في طريقنا الى دوائرنا وأعمالنا أوالطلاب الى مدارسهم وجامعاتهم لنستقل باص المصلحة الأحمر الذي يأتي بموعده ، أو حين تتناها لمسامعنا أغنية محمد قنديل بصوته الهادئ ياحلو صَبح ياحلو طُل ياحلو صَبح نهارنا فُل وأحيناً تُغرد العصفورة مَلك محمد ب صباح الخير يالولا ليبقى لحنها يتردد طوال اليوم بالبهجة والتفائل يملئنا حد أخمص القدمين بالرغم من قلة الدراهم في جيوبنا الواسعة ونفوسنا الحالمة المستبشرة بالرضى وبالأماني العراض أحياناً وبالرغم من الحزن الساكن فينا ليل نهار لقد تغير كل شيء فينا تماماً الى ماهو أسوء وأتعس الأيام غُبرةً وأسودادً لنفحة من الأمل بالرغم من أننا ندرك أنَّ من سُنن الحياة في تطورها وتحدي الصعاب من أجل تحقيق غاياتٍ كُنا نبتغياه وسمّو أهدافً نهفو إليها بتغيير أساليبنا في الحياة ورُقي السُبل بالعلم والمعرفة والثقافة والنهل من أشعار السياب ونزار والبياتي للوصول الى رفعةً لنا وللوطن الحبيب وإعلاء سمعته بين الأمم وشعوبها بإجتهادنا وعقولنا النيَّرة ومثابرتنا في التنافس الشريف لأن العراقيين دوناًعن محيطنا من الشعوب من دول الجوار الذئاب جميعاً نمتلك من الطاقات والهِممِ والعقول الخلاقة ما كانت ومازالت تحسدنا عليه أعظم الدول وأكثرها في العالم تطورا وتقدماً ولأنها تعلم جيداً أنها هِبة من رب العزة لهذا الشعب العظيم وهذه البقعة الربانية من على وجه البسيطة ليس لها ما يشابهها في كل بقاع الدنيا بشموخ جباله ورجاله ونسائه كشموخ نخيله الباسقات وسهوله وأنهاره الخالدة وطيبة أرضه وشعبه وصفاء سماءه وشمسنا الذهبية وليالينا القمرية الخلابة في حملة سباق البغال والأغبياء للأنتخابات ومن الثارمين البصل برؤوس الناس البسطاء لأستدرار دموعهم والخبازات وحاديات البقر والجاموس لفتح شهية الشعب الحيران ما بين جنة المسيلمون الكذّابون ونيران النهب والسرقات في وضح النهار فلقد ضاعت لِحانا بين حانة ومانة أفلا تتعضون يا أولي الألباب فاجأتنا صورهم وعناوين ملصقاتهم المضحكة وأسمائهم الغريبة وإزيائهم الفنطازية وأشكالهم التي تُثير إستهجان الصغير قبل الكبير والتعليقات الساخرة والتندر وإلأبداع بالنكات عليها وعلى سبيل المثال لا الحصر حين سألتُ جارتنا أم حسين من ستنتخبين هذه المرة فقالت وهي تبتسم ( أنتخب هذه اللي لابسة بجامة نوم مقلمة ) يمكن هي خياطة حتى نروح عندها نخيط بجامات للبنات، وعندما زارتنا العمة أم هبة وسألتها أبنتي عن من ستختار فقالت والله آني راح أنتخب وحده (الشبح) ( هذه الحُرمة أمبين كلش تستحرم وحتى صورتها مغوشة ) بس دا أفكر أشلون راح تحضر للأجتماعات ويه الزلم ..بس أحنا يرادلنا وحده خجولة شوية حتى لا يصير ضرب بالشحاطات مثل ما سوت عالية بابوج و حتى على الأقل لا تُشارك في إقامة الأعراس والليالي الملاح بالبرطمان مثل ما سوه عباس هلهوله أما صاحبي أبو محمود فسرني بسر خوفاً من زوجته أنه سينتخب هذا الزلمة الحوك اللي صورته مع مرته ومسويتله دعاية أنتخابية على حسابها لأن يظهر حيل مسيطر عليها و وردة .. لو هيجي الزلم لو ملازم ولا أعرف ما السبب الذي تذكرت فيه وأنا أشاهد صورة هذا الزلمة الناعم المسكين بموقف طريف للمطرب أحمد عدوية وبلقطة هزلية في أحد أفلامه أيام الثمانينات وكان دوره يعمل كعازف طبلة وزوجته راقصة بملهى ليلي حيث كانوا يتسامرون بالبيت وقد طرق أحد متعهدي الحفلات الباب فنهضت الزوجة الراقصة وهي تتدلع لتفتح لكنه نهرها بقوة وحزم وعين حمراء وقال بالحرف الواحد,,, أنا معنديش نسوان تتعرض على الرجالة وكما نقول شَر البلية ما يُضحك وهنا يُطرح التساؤل المشروع والمنطقي من صُلب مجتمعنا ، أين مكان خُبراؤنا وعلماؤنا وكفائاتنا التي أنجبتهم أُمهاتنا بدموع العين وسهر الليالي؟ وأين حَلَّ بهم الدهر ليتركوا مواقعهم التي بنوها حجر فوق حجر من أجل نهضة العراق وتقدمه منذ عشرات السنين والتي شهد لهم الأعداء فيها قبل الأصدقاء؟ وكيف تم تَغييب دورهم في الحياة وتطويرها ولماذا ؟ ومن هو المسؤول عن هذه الجريمة بحق العراق وأهله؟ والشيء بالشيء يُذكر فقد أستوقفتني القصيدة الرائعة لشاعرنا الوطني العراقي معروف الرصافي فهي خير الكلام وأسعاف غفوة الأنام من الأحلاموكأنه قد كتبها كنبوءة مستقبلية عن عراقنا الدم قراطي الجديد عـلـَمٌ ودسـتورٌ ومجلـسُ أمَّـة ٍ كلٌّ عن المعنى الصحيح ِ مُـحَرَّفُ أسـماءُ ليس لنا سـوى ألقابهـا أمّــا معـانـيهـا فـلـيـســت تـُعـرَفُ مَنْ يـقـرأ الدسـتورَ يعـلمُ أنـه ُ وفـقـا ًلصـك ّ الإنـتـداب ِ مُـصَـنـَّفُوكل إنتخابات وأنتم مضحوك عليكم من قِبل السفهــاء يا أيها النائمون في العسل