التظاهرات العراقية المليونية ضد حكومة المالكي ،قد أقلقت إدارة اوباما قبل أن تقلق المالكي وحكومته المعطلة والمشلولة والفاشلة ،بالرغم من التعتيم الإعلامي المقصود من الإعلام العربي والغربي والأمريكي ،وتجاهل الحكومات العربية عن مطالب ومعاناة المتظاهرين من قتل واعتقال وتهجير منظم تقوم به ميليشيات موالية للحكومة وإيران عدا القوات العسكرية والأجهزة الأمنية التي تعتقل يوميا عشرات الرموز في هذه التظاهرات ، وربما الأحداث العربية الأخرى مثل ما يجري في مصر وتونس وسورية ،قد أجلت الاهتمام بالشأن العراقي بما يتوافق مع إصرار المتظاهرين على انتزاع حقوقهم المشروعة وليس مطالبهم ، ومع هذا الإصرار المقدس للمتظاهرين ،والذي أذهل العالم بسلميته ونظافة مطاليبه ومشروعيتها ، يجيء طلب الرئيس الأمريكي باراك اوباما من سماحة المرجع العلامة عبد الملك السعدي توضيح أهداف هذه التظاهرات السلمية حين أرسل له نائب السفير الأمريكي في بغداد ،وقد أرسل الشيخ السعدي رسالة واضحة وقوية إلى اوباما مع نائب السفير ، هي إجابة شافية لما يعيشه العراقيون من ظلم واستبداد وإقصاء وتهميش ودكتاتورية طائفية وطغيان طائفي ميليشياوي تمارسه الحكومة مع شرائح الشعب العراقي ، بعد خروج الاحتلال الأمريكي ،مذكرا إياه أثناء حملته الانتخابية بقوله بأنه ( سيصحح أخطاء إدارة بوش في العراق ) ، ولم تمض سوى ليلة واحدة ،حتى استدعى اوباما وفدا من حكومة المالكي إلى واشنطن، ليبلغها قلقها البالغ من تفرد المالكي في الحكم وضرورة إعادة ( الديمقراطية ) إلى مسارها ،وإنهاء حالة التفرد والدكتاتورية والإقصاء والتهميش وانعدام التوازن الحكومي ، وقد جرت مباحثات طويلة بين مستشار الأمن القومي الأمريكي والوفد العراقي برئاسة فالح الفياض وسامي العسكري وياسين مجيد وكلها تصب في ضرورة تلبية مطالب المتظاهرين وإنهاء التظاهرات فورا وبأية طريقة كانت ،حفاظا على ما سموه ( الانجازات الأمريكية في العراق بعد الاحتلال )، قبل أن تنهار العملية السياسية برمتها وتذهب ( دماء الأمريكان في العراق سدى ) ، وقد دخل على هذا الاجتماع نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن واطلع الوفد العراقي قلق إدارة اوباما حول ما يجري في العراق وحمل حكومة المالكي مسؤولية ما يجري محذرا إياه من حدوث حربا أهلية طائفية في العراق إذا انهارت الحكومة وقد سمع الوفد كلاما قاسيا على لسان ( بايدن ) ، مؤداه أن المالكي ينفذ توجيهات إيرانية،ولا يبالي ( لأراء إدارة اوباما ) وخاصة فيما يخص عبور الطائرات الإيرانية إلى سورية واحترام العقوبات الدولية لإيران ،كما عبر بايدن عن انزعاج إدارة اوباما من انتشار الميليشيات الموالية لإيران في شوارع بغداد ، وقيام القوات الحكومية بقتل المتظاهرين في الفلوجة واعتقالهم في المحافظات الأخرى وهذا يتنافى مع حقوق الإنسان والديمقراطية التي كفلها الدستور ،هذا ما ابلغه اوباما لوفد المالكي ، وهو اعنف تبليغ يوجهه اوباما إلى حكومة المالكي ، في وقت يتجاهل المالكي تحقيق مطالب المتظاهرين ويتجاهل كل النداءات الدولية والإقليمية لإنهاء التفرد بالسلطة ،وحل الأزمات التي تواجهها حكومته ، بل ويذهب إلى ابعد من هذا في التصعيد الإعلامي وتوجيه القوات والأجهزة الأمنية لاعتقال المزيد من رموز المظاهرات ،حتى طالت وزراء في الحكومة والبرلمان ومنهم ( رافع العيساوي وسلمان ألجميلي والحبل على الجرار كما يقال ) ، مع حصار شديد وقطع الطرق داخل بغداد ومنع دخول أبناء المحافظات المنتفضة إلى بغداد ، هذا التصعيد الخطير من قبل حكومة المالكي ، اثبت انه لا يريد إنهاء الأزمات ، بل يريد ترسيخ الدكتاتورية وفرضها على شركائه في العملية السياسية ، وهذا ما يؤكده التحالف الكردستاني والتيار الصدري والعراقية .... العراق إلى أين في ظل تفرد المالكي في الحكم ؟؟.. العراق يذهب إلى الحرب الأهلية ، وقلق المالكي نفسه عن انعكاس انهيار نظام بشار الأسد على الوضع في العراق والحرب الأهلية هو ما جعله يتصرف على هذه الشاكلة من التصعيد السياسي والعسكري والميليشياوي على الأرض لحماية السلطة ،معتمدا على دعم ورعاية إيرانية كبيرة ،وعلى لسان قادة إيرانيون ....رسالة اوباما واضحة إلى المالكي وحكومته، لا تقبل اللبس والتسويف ( كما يفعل مع المتظاهرين ) ، وهي حماية الانجازات الأمريكية المزعومة في العراق ، فهل ينفذ أوامر إدارة اوباما أم يذهب إلى نهاية الخراب وينصاع إلى أوامر ولي الفقيه الخامنئي الذي يريد أن يشعل حربا طائفية ويحرق العراق بمن فيه ......