لو قدر للعالم الاخرس أن يفتح اذانه, و لو قدر للعالم المصاب بالعمى المؤقت بفعل ارادة القوة الغاشمة وطغيان الظلم والجور والقهر وتقهقر تطبيقات حقوق الانسان أن يفتح ولو ربع عين, لو قدر للحق وصوته المخنوق أن يجد نافذة لينبلج كما الصبح من بين دياجير الظلمة ... لو حصل كل هذا الرجاء الحق أو بعض منه لانتصرت الانسانية برمتها لفكر قومي انساني تحرري استهدفه أعداءه بالموت والاجتثاث والإقصاء والتهميش والتهجير والتجويع ليس لسبب إلا لكونه قد سعى حثيثا لرفعة أمة مقهورة بالتخلف وسلب الحرية والثروات. فالبعث قد أمم ثروات الأمة في العراق وهذا حق وطني وقومي وإنساني يقف على نقيضه وفي مرتبة الوصف بالعداء الاجرامي له جشع الاحتكارات العالمية وسطوة العنجهية الصهيونية وحراك لوبياتها الذي لا يهدأ أبدا وهو يعمل على تكريس الوهن في جسد الامة العربية. والبعث صمم ونفذ أضخم خطط التنمية الزراعية والصناعية على ارض القاعدة المحررة للأمة في العراق منذ استلم السلطة عام 1968 م وتجاوز بذلك خطوط الحجر والمنع على العرب في امتلاك نواصي العلم والتكنولوجيا رغم انها مباحة لكل شعوب الارض كاستحقاق لا جدال فيه وكل حسب اجتهاده وجهده ومثابرته. والبعث سعى لوحدة الامة العربية ورفعتها كحق مشروع لا ضرر فيه على أي شعب من شعوب العالم ماعدا الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين وإيران الطامعة في اعادة بناء امبراطوريتها الفارسية التي انهاها الاسلام الحنيف وفيه منافع للشعب العربي كله لا تعد ولا تحصى وللبشرية عموما حيث تستقر الكتلة البشرية العربية وشركاءها من اقوام اخرى متآخية على جغرافية الوطن وتؤسس لدورها الانساني الحضاري النافذ الى عمق المشاركة الايجابية التي يتطلع لها بنو البشر مثلها مثل كل امم وشعوب العالم وحيث تتحقق لهم كرامتهم وتنفتح امامهم منافذ الابداع المعبر عن حقيقة الأمة وروحها وتوقها للتواصل التاريخي. وكان رد فعل قوى التجزئة ومساندها المحلية والإقليمية والخارجية وفي مقدمتها الامبريالية العالمية والماسونية الصهيونية هائجا عنيفا منفعلا حيث خلقوا العثرات والتحديات والعقبات واحدة تلو الاخرى في طريق مسعاه السلمي المدني واجبروه على التصادم مع ادواتهم الداخلية والخارجية ثم حولوا هذا الدفاع المشروع عن النفس وعن التجربة الثورية التقدمية الاشتراكية الى جرائم مزعومة وظفوها في لوائح الشيطنة والتجريم والتكفير المتزامنة مع عمليات ابادة اعضاء الحزب وكوادره وقياداته. واجتهد البعث ودولته في برامج تنمية الانسان للارتقاء به الى مهماته الوطنية والقومية الرسالية في التقدم والتنمية والتعلم والعلم وممارسة السياسة بشكل متمدن ومتحضر وعصري عبر ممارسات اخراجه من ظلمات الجهل والأمية والقضاء على البطالة الموروثة المشينة في بلاد من اغنى بلدان العالم. ومن البديهي والطبيعي ان تكون برامج التنمية هذه مشتقة من عقيدة الامة ورسالتها القومية التحررية التقدمية الاشتراكية الثورية مثلما بني الانسان في التجارب المعاصرة والحديثة في الغرب طبقا للعقائد الرأسمالية او الشيوعية مثلا. ومن غرائب زمن الاستبداد الامبريالي الصهيوني الفارسي ان تتحول انجازات الشعوب في التنمية والتطور المنهجي الى جرائم افتراضية انتج نظام خميني ليحجمها او ينهيها كرديف فاعل الى جانب الصهيونية ودولتها المسخ في فلسطين العربية المغتصبة. صراع واضح المعالم بين شعب متطلع لتأكيد ذاته وإراداته في الاستقلال الناجز والتقدم في مسارات التكنولوجيا والعلوم والمساهمة الحضارية وبين القوى المستحوذة على خيراته وثرواته والطامعة بأرضه ومقدراته نتج عنه احتلال العراق والشروع بمعاقبة البعث لأنه استطاع ان يمد بزمن المقاومة والمواجهة والتحدي لأكثر من 30 عام في الوقت الذي اعتادت فيه القوى المناهضة للأمة على اجراء التغيير الذي تريد بأرخص الأثمان وبأسرع وقت. بدأت معاقبة البعث ونظامه وشعبه لأنه اوقع خسائر مادية وبشرية بمريدي السوء لأمة العرب أوجعتهم وأرعبتهم وجعلتهم يدركون لأول مرة ان ارادة العرب قابلة للتحقق ان لم يذبحوا البعث. وهكذا بدأت عملية ذبح الحزب جسديا مع اعلام مهول يروج لكذب وطمس الحقائق وقلب الوقائع بهدف تبشيع وشيطنة وتكفير الحزب نظريا وفكريا وعقائديا بعد أن تم غزو العراق بعساكر ثلاثون دولة تقودها أمريكا وبريطانيا عام 2003 وكل ذلك تمهيد لتسويغ جريمة تصفية البعثيين بجريمة منظمة ولكنها بلا معالم . مرت عشر سنوات الان تم فيها اغتيال ما يزيد عن 170 ألف عراقي بدم بارد وبطرائق بشعة بسبب انتماءهم لحزب البعث العربي الاشتراكي وتم قتل قرابة مليوني من عوائل وعشائر وأقرباء وأصدقاء البعثيين لأنهم رفضوا المذابح والاجتثاث وفلسفة وسياسة العقاب الجماعي للشعب العراقي. ونال العقاب بالاجتثاث والإقصاء والتهجير والأسر والاعتقال ما لا يقل عن 6 ملايين عراقي من البعثيين وقرابة مليونين من عموم الشعب ومازال الحبل على الجرار. ورغم ان البعثيين قد مارسوا حق المقاومة الوطنية والقومية مدنيا وعسكريا ضد الاحتلال وعملاءه إلا انهم لم يمارسوا أي سلوك دموي يواجه الدموية التي مورست ضدهم ببشاعة قل نظيرها بل انهم رفضوا الى اللحظة الانجرار الى الثأر الشخصي رغم انه حق مشروع واكتفوا بممارسة الثأر الوطني ورفضوا سياسة وروح الانتقام الحاقد رغم ان عوامله حاضرة ومتفاعلة ومشروعة في ضؤ ما تعرضوا ويتعرضون له من جرائم على ايدي قوات الاحتلال وأجراء الاحتلال من فرق الموت وميليشيات وأحزاب تبناها الاحتلال ومكنها من رقاب الابرياء. وعلى هذا فان المنطق والحق القانوني والاجتماعي والعشائري يتيح للبعثيين حق الدفاع عن النفس بعد ان طفح الكيل وبلغ السيل الزبى. ان حق الدفاع عن النفس فرديا وجماعيا لأبناء عقيدة الامة الوطنية والقومية الثائرة يمكن ان يتم بالاتي : 1- استخدام الطرق القانونية عن طريق رفع دعاوى قضائية في مختلف بلدان العالم للتحقيق في جرائم الابادة الجماعية التي استخدمت ضد حزب سياسي يعتنق عقيدة قومية انسانية وتوكيل محامين من رفاقهم البعثيين وأصدقاءهم في مختلف اقطار الوطن العربي ودول العالم. 2- رفع دعاوى قضائية لمحاكمة قانون اجتثاث البعث وما يسمى بقانون المسائلة والعدالة في محاكم دولية وتقديم الادلة والإثباتات المتاحة بكم هائل لإصدار قرارات قضائية تدين هذه القوانين والتشريعات لكونها اجرامية ومعادية لحقوق الانسان وشوفينية فاشستيه تتناقض مع روح العصر ومعايير التمدن والتحضر والانجازات الديمقراطية التي حققها الانسان في العصر الحديث. 3- دعوة القيادة القومية للحزب الى دراسة مقترحات عاجلة وعملية تبنى عليها اجراءات ميدانية في كل اقطار الوطن حيث يتواجد ملايين البعثيين لردع العدوان المليشياوي الفارسي ممثلا بأحزاب وميليشيات الحكومة الايرانية الطائفية التي سلطتها اميركا وغذتها بكل وسائل القوة المجرمة. 4- دعوة القيادة القومية للحزب للبحث الفوري في امكانيات قيام تنظيمات الحزب في كل اقطار الوطن العربي بحملات عاجلة وواسعة لمقاطعة البضائع الايرانية وإيجاد الوسائل الفاعلة بإحداث اضرار جدية بالمصالح الايرانية. 5- تفعيل روح الكفاح الثوري المسلح بخطط مدروسة لحماية اعضاء وتنظيمات الحزب في العراق على غرار ما يقوم به حزب الله الايراني من تكامل في عمله الاجرامي في لبنان وسوريا والعراق مثلا وتحت مرأى ومسمع الشيطان الاكبر اميركا وظلها الشحيح بريطانيا. ان العالم بعد غزو العراق قد ادرك تماما سيادة سطوة المليشيات الطائفية لإنهاء المنهج القومي والوطني في العراق والوطن العربي ولم يعد امام القوميين من بد غير الدفاع عن وجودهم الذي يمثل وجود الامة وبعكسه فان العروبة وأرضها وكرامتها وشرفها وثرواتها ومستقبل ابناءها في خطر داهم .