بناء على ذلك صار ولاء الفرد إلى وطنه وشعبه في إطار الدولة الوطنية المنشودة يتبلور تدريجياً و يأخذ مفهومه أو بالأدق المرحلة السياسية والاجتماعية التي تفرض دلالات المفهوم سواء كان انتماءً أو ولاءً أو معارضة سلمية مبنية على الأفق الأوسع الذي يستوعب كافة أبناء الشعب بمختلف أطيافهم وانتماءاتهم التي لا تخل بالأمن القومي الوطني أو غيرها من مفاهيم ومصطلحات التي لا يمكن أن تتجّمد وتتكلس عند معانٍ محددة ووفق أطر منغلقة تضغط عليها فتمنع تعاطيها مع المرحلة والتطورات التي تشهدها المنطقة والمخاطر التي تداهم الأمة بين الفينة والأخرى وبشكل يغني التجربة ويرفد المسيرة إذا كانت مسيرةً مستقبليةً واعدة أو علي الأقل تبّشر بميلاد جديد يحقق جزءاً من الآمال الشعبية ، وباستكماله والتعاطي معه بعيداً عن وصاية المفاهيم وجمود المصطلحات و الرؤى السابقة أو اللاحقة بما يمنع التقدم وفق ألأجندة الوطنية بسبب الارتهان إلى أجندات الأسياد الذين أوصلوهم إلى ما هم فيه ألان ، أقول ستظل ناقصة وربما ستظل عاجزة إذا لم نستوعب قانون المتغيرات وفن التغيير الذي هو صياغة عقل قابل للتطور وفق المصلحة القومية والوطنية المستقبلية التي ربما هدّدتها مفاهيم ومصطلحات ورؤى ما زال البعض مرتهناً لها ومقيداً بقيودها دون محاولة جادة علمية ومعرفية لنقد موروث مفاهيمه المتقادمة ومساءلتها علي ضوء الواقع الجديد محلياً وإقليميا وعالمياً ، وهنا لابد من الإشارة إلى ما وقع من صدامات وتجاذبات عنيفة داخل المجتمعات الجديدة قبل أن يتبلور الولاء الوطني بالتزامن مع اتضاح فكرة المواطنة المحدّدة للحقوق والواجبات التي تنطوي على ولاء المواطن لوطنه وفق ضوابط والتزامات قانونية واجتماعية وسياسية ، وهذا لا يعني أن الساحة انتظمت في إطار الولاء الوطني بصورة تلقائية ، وفي عملية سهلة ثمة ولاءات فرعية في غير دولة ما تزال حتى يومنا هذا ، لكنها الاستثناء وليست القاعدة عندما نأخذ نموذج الدول التي تبلورت فيها تلك المفاهيم والمعاني ، لان الانتماء للوطن والولاء له قلباً وقالباً وزرع مشاعر الحب وإشاعة ثقافة التسامح ودفن ثقافة الكراهية وخصوصاً في أوساط النشء والشباب من أهم التحديات خصوصاً أمام ما يواجهه اليوم شبابنا من استهداف فكري وثقافي بسبب إشاعة التقنيات الحديثة وعند عدم حسن الاستخدام ، وهذا يتطلب من الجميع سواءً من الجهات الحكومية أو منظمات المجتمع المدني إن كانت نابعة من الشعب وتؤمن به كمصدر للقوة التشريعية وللحياة والنماء التصدي لكل الأفكار المتعفنة التي يحاول البعض دسها في أفكار وتوجهات النشء والشباب لتوجيههم في المسار الخاطئ وهذه الظاهرة خطيرة لان مثل تلك الأفكار الهدامة تستهدف حاضر ومستقبل الوطن وأجياله ، ولذلك فإن تعميق مفاهيم الولاء الوطني والتمسك بالثوابت الوطنية في عقول النشء والشباب هو ما يجب إعادة النظر به وبالجدية الوطنية الحقة في مناهج التربية الوطنية لمختلف المراحل الدراسية لان ما نتج من تغير بفعل إرادة الغازي المحتل والشعوبيين يتطلب ذلك وبإلحاح بل يعد من أهم الواجبات الوطنية ، ويتلازم معه تأهيل المعلم أولاً والذي لابد أن يكون متشبعاً وملماً بالثقافة الوطنية والقومية والدينية النابعة من جوهر الإسلام المحمدي الحنيف ، وإلا كيف نريد من الأجيال التسلح بالولاء الوطني ففاقد الشيء لا يعطيه فالمعلم والمنهج المدرسي والأسرة يشكلون العمود الفقري في غرس مفاهيم الولاء الوطني والانتماء للوطن يأتي بعد ذلك دور الإعلام المستقل الوطني من خلال البرامج التوعية البناءة وحيث أصبح التلفاز في عصرنا الراهن صديقاً ملازماً لكل أسرة عبر القنوات الفضائية المتعددة ، إلى جانب الدور التوعوي الإرشادي ألذي يلعبه المسجد من خلال خطباء المساجد في إظهار حب الوطن والانتماء إليه والاستدلال على ذلك من القرآن والسنة النبوية الشريفة ، وسيرة آل بيت النبوة عليهم السلام والأولياء والصالحين رضي الله عنهم وأرضاهم ، ولكن ما يجب علينا اليوم هو أن يدرك ويعي كل مواطن بأهمية هذه القضية ولابد أن يكون لديهم حساً وطنياً مسؤولاً اتجاه أبنائهم لان معيار الالتزام بالولاء الوطني هو التجسيد الفعلي والعملي في السلوك للقيم والأخلاق الوطنية الرفيعة ، ولابد لي أن أشير هنا وخصوصاً بعد انتهاء أبنائنا الطلاب من الامتحانات الدراسية ما هي برامج وخطط وزارتي التربية ، والتعليم العالي ؟ في ذلك نلاحظ الكثير من الطلاب يتسكعون في الشوارع ويرتادون مقاهي الإنترنت التي اغلبها لا تتقيد بالقوانين والأعراف المجتمعية وبالتالي تكون الإجازة الدراسية نتائجها سلبية إذا لم تحسم ببرامج وأنشطة تربوية وثقافية ورياضية وإبداعية للشباب والنشء على حدٍ سواء ، كان من الأجدر أن تكون تلك الأنشطة أو بما يسمى المراكز الشبابية إلزامية لكل الطلاب والفتية كل في مدرسته أو توسيع المراكز في المحافظات حتى يتم احتواء شريحة كبيرة من الطلاب للاستفادة من تلك الإجازة والبرامج الموجة التي تنمي العقول والشعور الوطني ومعرفة الحقوق والواجبات كي يدرك المتلقي ما مطلوب منه وماله ، لأنه إذا لم تتضافر الجهود في ذلك من المؤكد سنجني عواقب وخيمة في المستقبل ستنعكس سلباً على الوطن وأمنه واستقراره وهذا ما يجب على الجميع العمل بروح الولاء والضمير الوطني المخلص والإنساني فإذا انعدم ذلك لن يحقق الوطن إي ارتقاء بأجياله مطلقاً وتعد خيانة وطنية وقومية كبرى للوطن والأمة ومستقبل أجياله يتبع بالحلقة الأخيرة