اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان الحراك الشعبي الذي دخل اسبوعه الثالث قد حفز قوى وفعاليات كانت تنتظر هذه اللحظة لتاكيد حضورها في الميدان فان الراشح ان هذا الحراك قد فاجأ الجميع ليس لانه كان ردة فعل على موقف محدد وانما كان تعبيرا عن موقف شعبي كان يغلي ويختمر ونضجت شروط انطلاقته ليكون عنوانا لمرحلة جديدة قد تغير قواعد اللعبة السياسية. فالحراك الشعبي اصبح يعبر عن نفسه يوميا بمواقف تصاعدية تعكس اتساع دائرة المشاركين فيه وامتداده الى مدن اخرى .ويضاف الى مسار الحراك الشعبي انه تخطى حاجز الاستقطاب الطائفي الذي حاول البعض التمترس خلفه ليسقط اي ذريعة قد توصمه بهذا اللون . اذا نحن ليس امام حراكا مجردا من محتواه السياسي والاجتماعي والاقتصادي وانما امام انتفاضة شعبية على مايبدو استكملت شروط انطلاقتها وديمومتها من فرط ما اصاب اصحابها من غبن وظلم وتهميش وقبل ذلك تجريدها من حق المشاركة في بناء الوطن والمحافظة على وحدته . وحتى ينأى الحراك بنفسه عن التخندق الطائفي والمناطقي ينبغي ان لا يسمح للانتهازيين ان يركبوا الموجة ويحرفوه عن مساره بسد منافذ تسللهم الى شواغل وهموم المشاركين بحركة الاحتجاجات . وهذا التحسب يقتضي من قيادات حركة الاحتجاجات ان يوحدوا خطابهم السياسي بموقف يعبر عن ارادة الحراك الشعبي وتطلعات المشاركين فيه اولها الغاء او اعادة النظر بالقوانين الجائرة التي اصدرتها سلطة الاحتلال الامريكي لانها اسست للنظام السياسي على وفق رؤيتها التقسيمية على اساس الطائفة والعرق وادت الى بقاء العراق ضعيفا يراوح مكانه رغم مرور عقد على احتلاله . وبتقديرنا ان تصحيح المسار السياسي وتوفير مستلزمات المعالجة الحقيقية لوقف انهياره تستوجب الانفتاح على قوى وفعاليات سياسية لها نفس الشواغل والتطلعات وتعاني من تداعيات الاحتلال ونظام المحاصصة الطائفية والعرقية وقوانينه الاقصائية .ليكون الحراك جامعا ومعبرا عن ارادة الجميع ورغم المخاوف والقلق على مستقبل استمرار الحراك الشعبي فان اتساع دائرته وامتداده الى محافظات جديدة وابراز هويته الوطنية وتردد السلطات الامنية في مواجهة وتيرته تشير الى امكانية استمراره وعدم توقفه حتى تحقيق اهدافه والخشية من وأد الحراك الشعبي وانعكاس مدياته على مجمل الشارع العراقي يتطلب الحذر من الخديعة والوعود بتلبية مطالب المحتجين وقبل ذلك توحيد الخطاب الوطني والتنسيق بين قيادات ومنسقي الحراك الشعبي. ان الاخفاق الحكومي وفشل الطبقة السياسية في توفير مستلزمات الامن والاستقرار وتراجع دور البرلمان والحكومة في معالجة الفساد والحفاظ على ثروته العراقيين وانهيار نظام الخدمات هي من توفر وقود الحراك الشعبي وديمومته وتصاعده لانه حاصل نتائج تداعيات الازمة السياسية. وهذا الناتج يعطي الارجحية للحراك الشعبي ليصبح حراكا وطنيا جامعا معبرا عن ارادة جميع العراقيين وليس مطالب عدة محافظات لان عنوانه واسع وكبير يستوعب رغبة العراقيين بالتغيير ولفظ تداعيات المرحلة التي اعقبت احتلال بلادهم التي افرزت طبقة سياسية اخفقت في مهمتها . فالحراك الشعبي كان ردا على هذه الصفحة المؤلمة التي ادخلت العراق في خانق الطائفية والعرقية ان الاوان لطيها بكل تداعياتها a_ahmed213@yahoo.com