قطعت واشنطن العلاقات مع إيران في عام 1980م وكانت ترى فيها خطرا على مصالحها في الخليج العربي ، في حين كانت الولايات المتحدة الأمريكية في ثقافة الثورة الإيرانية ( الشيطان الأكبر) ! هذا في العلن أما في السر فيبدو أن إيران رابع أكبر منتج للنفط في العالم كانت تتمتع بعلاقة دافئة مع واشنطن خلال تلك الحقبة التي يتعالى فيها الضجيج الإعلامي والشعارات الثورية الداعية لتحرير بيت المقدس على أن يكون الطريق عبر بغداد ، ويرى المحللون والمعنيين بالشأن الإيراني انه وبالرغم من أن إيران ضمن محور الشر الذي أعلنه الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش عقب هجوم الحادي عشر من سبتمبر على برج ألتجاره العالمي والبنتاغون ، ورغم استمرارها في برنامجها النووي وصناعتها العسكرية للأسلحة بعيدة المدى ، ورغم اتهامها بأعمال إرهابية على صعيد الخارج ، ورغم النظر إليها باعتبارها تهديدا للأصدقاء والداعم للإرهاب ماديا" وتمتلك الآلاف من الاستشهاديين ، إلا أنها لم تتعرض لأي هجوم أمريكي ! فمصلحة واشنطن تحجيم طهران وليس القضاء عليها ، وذلك منذ الحرب الإيرانية - العراقية ، وبالمقابل وبالرغم من أن إيران تصنف الولايات المتحدة على أنه ( الشيطان الأكبر ) الذي تنبغي مواجهته ، فإن تأكيدات المواجهة لم تتعدَّ التصريحات والهتافات بالموت لأمريكا"، فقد أكد محمد خاتمي - الرئيس الإيراني السابق (( أن إيران ليست راغبة في الحرب مع أحد ، حتى مع أعدائها )) ، ويقول العميد محمد باقر ذو القدر - نائب القائد العام لجيش حراس الثورة الإسلامية إننا لا نرحب بالحرب ، ولكننا ندافع عن هويتنا دون أن يبين معنى الهوية هل يقصد الإسلامية أم الفارسية ويرى البعض إن تعبير الهوية التي توصف اليوم بأنها ضد (( إسرائيل )) وهنا السؤال الأساس الذي يطرحه الرافضين لهذا التأويل ، فإذا كانت دولة إيران من أوائل الدول التي اعترفت بالكيان الاستيطاني اليهودي سنة 1948م في فلسطين المحتلة بقيادة ملوك إيران الذين يتظاهرون بأنهم من معتنقي المذهب الجعفري ! فالوضع لم يتغير بعد قيام الثورة الإسلامية التي يدعيها خميني والملا لي فيقول بني الصدر في حديثه للجزيرة الذي اشرنا إليه في الحلقة الســادسة حول علاقة إيران بالكيان الصهيوني في فلسطين في حربها ضد العراق (( في اجتماع المجلــس العســــكري أعلمنا وزير الدفاع أننا بصدد شـــــراء أسلحة من إسرائيل ، عجباً كيف يعقل ذلك ؟! سألته : من سمح لك بذلك ؟ أجابني : الإمام الخميني قلت : هذا مستحيل !! قال : إنني لا أجرؤ على عمل ذلك وحدي ، سارعت للقاء الخميني وســـألته : هل ســـمحت بذلك ؟ أجابني : نعم . إن الإســلام يسمح بذلك ، وأضاف قائل إن الحرب هي الحرب ، صعقت لذلك ، صحيح أن الحرب هي الحرب ولكن أعتقد أن حربنا نظيفة ، الجهاد وهو أن تقنع الآخرين بوقف الحرب ، والتوق إلى السلام ، نعم ، هذا الذي يجب عمله ، وليس الذهاب إلى إسرائيل وشراء سلاح منها لمحاربة العرب ، لا ، لن أرضى بذلك أبداً ، حينها قال لي : إنك ضد الحرب وكان عليك أن تقودها لأنك في موقع الرئاسة )) لمزيد من الفائدة حول العلاقة بين إيران الخميني وإسرائيل ، أرجو أن يطلع القارئ الكريم على كتاب الحرب المشتركة .. إيران وإسرائيل !، لحسين علي هاشمي ، ونشرت صحيفة معا ريف اليهودية في 23/9/1997م تصريحا" لديفيد ليفي - وزير الخارجية حكومة نتنياهو جاء فيه (( إن إسرائيل لم تقل في يوم من الأيام إن إيران هي العدو )) ، تناول رضا لآري بموضوعه المنشـــــور بجريدة الشــرق الأوسط في 31/12/1997م تحت عنوان إسرائيل تغازل إيران ما ذهب إليه الصحفي اليهودي أوري شــمحوني حيث جاء فيه (( إن إيران دولة إقليمية ولنا الكثير من المصالح الإستراتيجية معها ، فإيران تؤثر على مجريات الأحداث وبالتأكيد على ما سيجري في المستقبل ، إن التهديد الجاثم على إيران لا يأتيها من ناحيتنا بل من الدول العربية المجاورة ! فإسرائيل لم تكن أبدا ولن تكون عدوا لإيران )) كما أعلن آيتان بن تسور مدير عام وزارة الخارجية الصهيونية عن عدم وجود خصومة بين البلدين أي إسرائيل وإيران فتنتفي دوافع العداء بينهما على المستويين الرسمي والشعبي ، وللشيء ذاته يؤكده السفير الصهيوني المتقاعد هانان باريمون الذي عمل مستشاراً لرئيس الصهيوني عايزرا وايزمان في اليوم الأخير من الحلقة النقاشية عن الخليج والغرب والتي نظمها مركز مؤتمرات ويلتون بارك حيث يقول * إيران دولة إقليمية مهمة ليس لنا معها أو مع شعبها أي خلاف أو عداء ! وأن عليها أن تعمل للتكيف مع ظروف النظام العالمي الجديد * ، لكن حكومات الكيان الصهيوني وساسته حرصوا على ألا تحرج طهران أو تفضحها فأصدرت حكومة نتنياهو أمرا يقضي بمنع النشر عن أي تعاون عسكري أو تجاري أو زراعي بين الكيان الصهيوني وإيران ، وجاء هذا المنع لتغطية فضيحة رجل الأعمال اليهودي ناحوم متبار الذي أدانته محكمة تل الربيع (( تل أبيب )) بالتورط في تزويد إيران بـ50 طنا من المواد الكيمائية لصنع غاز الخردل السام ! وقد تقدم المحامي اليهودي أمنون زخر وني حينها بطلب بالتحقيق مع جهات عسكرية واستخباراتية أخرى زودت إيران بكميات كبيرة من الأسلحة أيام حرب الخليج الأولى ويقصد بها الإيرانية العراقية . يتبع بالحلقة الثامنة