في نهاية أكتوبته الرائعة التي حملت تحليلاً دقيقاً ورؤية سديدة للواقع الراهن في العراق، والتي حملت عنوان (العراق يُنخَر ويُنحَر، أَين المشروع الوطني؟) يقول الدكتور عمر الكبيسي: "العراق يستحق وهو بحاجة إلى ساسة ورجال حكم ذوي خبرة وحكمة ونزاهة يكون إنقاذ العراق همهم وغايتهم من أزلام السلطة القائمة الذين عبثوا بمقدراته وثرواته ووحدته فهم بلا استثناء، طلاب مال وجاه منهم المدعي والمفتري والنصَّاب والعرَّاب، لا يرتجى منهم إنقاذ ولا نجاة، فلماذا يسكت الشعب بلا حراك فاعل للخلاص منهم؟ ولماذا لا يتبلور المشروع الوطني الجامع لكتله وقواعده وشخوصه الوطنية لإنقاذ العراق من واقعه العليل؟ أمر يثير التساؤل إلى حد الإحباط!". والواقع، ان المثقفين العراقيين الواعين، ومنذ وقت مبكر، وقفوا ضد العملية السياسية التي فرضها المحتلون، ولم ينسق وراءها إلا قلة قليلة منهم لدوافع شتى، إما لأنهم وفدوا إلى العراق مع دبابات المحتل، وإما استرضاء لأصحاب هذه العملية والضالعين بها، وإما لتحقيق مكاسب شخصية رخيصة على حساب مصلحة شعبهم.. وفي هذه الأكتوبة الرائعة يعلن النطاسي عمر الكبيسي يأسه ويأس الكثيرين من هذه العملية الاحتلالية المقيتة التي جلبت الدمار لوطننا والأذى لشعبنا الصابر.. إلا أن الأهم من ذلك كله، في اعتقادي، أن شعبنا نفسه عرف منذ وقت مبكر حقيقة هذه العملية وأهدافها وشخوصها الذين لا يتغيرون والذين يمتلك أغلبهم جنسيات دول رفعت يدها بوجه العراق وجاءت لغزوه. إن المشروع الوطني الجامع الذي يدعو النطاسي الكبيسي إلى بلورته أصبح حاجة ملحة لمواجهة العملية السياسية الاحتلالية التي أذاقت شعبنا الأمرين، وكبدت بلدنا خسائر فادحة بشرية ومادية، ومن هذا المنطلق أدعو قوى الشعب الحية المناهضة للاحتلال وشخوصه وعمليته السياسية وافرازاته التصدي إلى بلورة هذا المشروع على أساس مصلحة العراق لا على أساس مصالح فئوية أو حزبية تتغافل مصلحة الوطن كما قامت عليه عملية المحتل السياسية. إن العملية السياسية أصبحت جراباً مثقوباً، الآن، مهما نفخ فيه أصحابه فليس من جدوى من هذا النفخ، وهي في أضعف حالاتها وعرف شعبنا أدق أدق أهدافها، ويحاول المستعرقون في المنطقة الخضراء بعث الروح فيها من خلال افتعالهم الأزمات والخصومات فيما بينهم وتحشيد كل طائفة وحزب وكتلة ما تستطيع بالشحن الطائفي والعنصري، لذلك فإن المشروع الوطني الجامع هو ضرورة الضرورات، الآن، ولسوف يحتشد الشعب الذي نهبوا ثرواته ولقمة عيشه وأفقروه وآذوه وانتهكوا حرماته تحت راية هذا المشروع، ولن يبقى عذر لبعض من انخرط في العملية السياسية بمزاعم وطنية، أن يبقى لاعباً في هذه العملية، ولسوف يكون الاتفاق على هكذا مشروع وإعلانه علامة بارزة في النضال الشعبي من أجل تحرير العراق وتعزيز وحدته، خصوصاً وأن المنطقة ستشهد، قريباً جداً، تغييرات جذرية سنجد صداها القوي في بغداد وطهران راعية الأقزام في المنطقة الخضراء .. فهل من سامع ؟.. وهل من مجيب ؟..