قبل تناول الرسائل التي بعثتها غزة هاشم بمجاهديها وشعبها وأرضها خلال الأيام الثمانية التي اختلط فيها الدم الزكي لأطفالها ونسائها وشيوخها وشبابها بالتراب ليصنع النصر الذي استطيع وصفه بالمعجزة أمام همجية شذاذ الأفاق وآلة عسكريه متطورة وعقلية صهيونية تركيبتها الأساسية الإسفاف بالجريمة وغياب الدور العربي الساند والمتمسك بالقرارات المتخذة في اجتماعات الحكام العرب ووزراء الخارجية بفك الحصار الظالم المفروض على غزة أرضا" وشـــعبا" ، أقول أن امة العرب ممنوع عليها الفرح منذ سقوط بغداد عام 1258 وما تبع ذلك التأريخ من انتكاسات وارتداد وانزواء بفعل حجم الهجمة التي تتعرض لها والحاكم الذي لا يراعي حق الأمة والشعب ، وهو نتاج الظروف التي حلت بالأمة ما بعد الحرب الكونية الأولى واحتلال الأرض ألفلسطينية 1948 وبالطريقة التي يعرفها الجميع والدور الذي لعبة النظام العربي ولليوم الذي نعيشه ، وان كان هناك فرحا" يقينا يتلوه ذرف دموع وانكسار ، ولتقريب الموضوع لذهن القارئ الكريم أسترجع المواقف لحرب السادس من أكتوبر 1973 وإسقاط خرافة خط بارليف وتهاوت خطوط الدفاع الصهيونية ولكن الفرح لم يدم لأيام وتحولت الحرب من تحرير للتراب العربي إلى تحريك من اجل الاستسلام وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد ، واجتاحنا فرح غامر لكن الحزن عاد ليخيم من جديد بعد موافقة حزب الله على الهدنة وقرار الأمم المتحدة ورقمه 1701، وهدأت الجبهة اللبنانية وتفرغ الكيان الصهيوني إلى ضرب غزة من الجو والبحر واجتياح بالدبابات لأرضها وبشكل شبه يومي ليقتل ويجرف الأرض وما فيها من أشجار وزرع ليحولها إلى جرداء ، وفرحنا أيضا لكن ذلك لم يدم لأن الوكيل الصهيو - أمريكي المخلوع حسني اللامبارك ضغط بكل قوة كما يقال لإيقاف العدوان الصهيوني على غزة أواخر 2008 و2009 لكن ألهجمات الصهيونية اليومية على غزة لم تتوقف واعتاد أهالي غزة الشجعان على تشييع شهدائهم بشكل شبه يومي لان عراب الاستسلام العربي حسني الخفيف كان لا يؤمن باستمرار المقاومة الشعبية في غزة لأنها ستفجر الشارع المصري المتداخل اجتماعيا مع أهلها وخاصة أبناء سيناء ، وهنا لابد من الإشارة إلى أن العقيدة التي تحكم تفكير الصهاينة هي تدمير حلم الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ولكن الفعل البطولي للمقاومة دعا الصهاينة لاتخاذ القرار الصعب الذي يرونه مقتلهم ألا إنهم مضطرون ولكي نستنبط الحقيقة ووضع كل فعل بمكانه لابد من العودة إلى الزمن القريب عندما قرر أريل شــــارون الانســــحاب من قطاع غزة عام 2005 ، كان تفكيره وكما رأوه المحللون العســــكريون والمتخصصون بالإستراتيجية بعيدة المدى للكيان الصهيوني يمكن من خلالها الحصول على حجة رسمية بعدم قبول عقد ألسلام حقيقي مع الفلسطينيين رغم أن إرجاع الأســــباب التي أدت إلى قرار الانســـحاب من قطاع غزة إلى تطور المقاومة الفلسطينية وضراوتها ، إلا أن هذا العمل لم يكن ليمثل قوة يمكن استغلالها في مواجهة الصراع الإيديولوجي بهدم المستعمرات اليهودية التي أقيمت في قطاع غزة ، حيث أن استعمار الأرض هو جزء من الفلسفة الصهيونية التي أقرها المؤتمر الصهيوني الأول . وقرار الانسحاب من جزء من " أرض إسرائيل وكما يرد بلاهوتهم وأدبياتهم التي منحها الرب لليهود يحتاج أيضا إلى موقف صلب ومقنع ، حيث كان فيه تحديا لمشاعر الكثير من اليهود ولكن شارون ومن حوله اعتقدوا جازمين أن تسليم غزة للفلسطينيين ( بقيادة حركة حماس ) سيكون بمثابة الحجة الرسمية في عدم التفاوض مع السلطة الفلسطينية ولا مع منظمة التحرير الفلسطينية كون أن حركة حماس المسيطرة على القطاع انفصلت عن السلطة الفلسطينية ودخلت في خلافات معها ، إضافة إلى أنها لا تعترف بتمثيل منظمة التحرير لكل الشعب الفلسطيني وبالتالي فإنه لا يمكن للكيان الصهيوني التفاوض أو الوصول إلى حل مع الفلسطينيين طالما هناك انقسام ، بحجة أن أي حل تتوصل إليه لا يعتبر نهائيا ومن هنا جاء الاصطلاح الصهيوني قائل أنه لا يوجد شريك فلسطيني للمفاوضات بقينا كجماهير عربية نعيد الذكريات في مخيلتنا وكما يقول المثل الشعبي الشائع (( نطحن الذكريات )) والعدو الصهيوني يتمادى بمغامراته بالهجوم على الجنوب ألبنان للقضاء على حزب الله ، وتوسيع دائرة الاعتقالات في الضفة الغربية وخاصة للكوادر الفاعلة في النشاط الاجتماعي والسياسي الفلسطيني ومن مختلف الفصائل الفلسطينية والقيام بالمداهمات المستمرة وبأعذار شتى ولم تفلت منها حتى المقاطعة التي ترمز للشخصية الفلسطينية ما قبل الاستقلال والتحرر يقابله وكالعادة الصمت العربي بل ارتفاع صوت الذل والهوان بالتطبيع وعدم التردد من دعوة الشركات الصهيونية للفعاليات الاقتصادية في بلدانهم وهناك من انبرى للدفاع عن اليهود واعتبارهم ضحية من الضحايا . يتبع بالحلقة الثانية