ها نحن نقترب من موعد ذكرى الشهادة , تلك الذكرى العظيمة التي ستبقى خالدة في اذهاننا حتى لو مرت كل هذه السنين , فبرحمه من الله وبحكمة ربانية منه سبحانه وتعالى قد جعل لهذه الذكرى معنى خاص ومشهد خاص وموقف عظيم ,نعم فقد اراد الله سبحانه وتعالى أن يشهد العالم كله كيف يقف صدام حسين امام الموت , فوقف وقفة المؤمن بكل ثبات وعزيمة وايمان , وشهد ان لا اله الا الله محمدا رسول الله , بنفس الثبات والعزيمة وبهدوء المؤمن الصادق رغم كل ما قيل بحقه من اكاذيب وباطل قبل استشهاده واستمرت حتى بعدها من كل هؤلاء الاذناب والحاقدين والعملاء والتافهين . فمن منا يمكن ان ينسى ذلك الموقف الذي تجلى , بوقفة شموخ وفخر امام الموت وقفها رجل كان الشجاع في حياته في الوقت الذي اصبحت وقفته هذه نهج ومشروع لكل المؤمنين الصادقين والمجاهدين الأحرار . من منا يمكن ان ينسى وقفة القائد رحمه الله وهويكشف وجهه للمصير ... واخرون يغطون وجوههم الذليلة مع ان السيف في ايديهم اللعينة . من منا يمكن ان ينسى مشهد شاهدته الانسانية جمعاء لتراهن على ان الموت يخيف اكبر القلوب جبروتا وقوة , ولكن الموت في ذلك المشهد العظيم كان وقفة المؤمنين فاثبت الدلالة لكل مشكك بأن رحمة الله عظيمة للمؤمنين سبحانه وتعالى عما يصفون . من منا يستطيع ان ينسى وقفة ايمانية طالما تمناها كل المؤمنين لتكون لهم المصير . من منا يمكن ان ينسى تواطئ كل قوى الشر ومن كل بقاع الدنيا امام بلد صغير الحجم ولكنه كان وما زال الصخرة التي تتحطم عليها كل قوى الشر اللعينة .من منا يمكن ان ينسى كيف تنافس الايمان والكفر فكان الايمان اقوى قوة واشع نورا وضياءا . فصدام المجيد كان القائد بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني , فالقادة عادة ما يحملون في اعماقهم احساس مفرط بالتاريخ , ويعرفون هذا المعنى بكل جدارة فيتأصل بهم ليأخذوا العبر ويستنبطوا منه خطواتهم , مع اختلاف هذا الاحساس من قائد الى اخر , والقادة ايضا ينظرون الى المستقبل على انه ايضا سيكون تاريخا لا محالة , وفرق بين ان يكون هذا التاريخ مشرف وفيه العبر للأجيال وبين ان يكون تاريخ مسخ كما هو حال معظم الحكام العرب ان لم يكونوا جميعا ,والقائد دوما يسعى الى ان يكون بلده عظيما وشعبه كريما وأمته عزيزة لا ذليلة , وكل هذا واكثر كان القائد صدام حسين وكان مفكرا ولن اتوقف عند هذه المحطة من حياة صدام المفكر وأترك لكم الاستنباط من الفكر العظيم الذي حمله صدام وناضل من اجله , وملخصه ما قدمه القائد اثناء العدوان , وما بعده من رسائل وجهها للجميع اثناء المحكمة المهزلة , والتي استغلها القائد رحمه الله لتكون له النافذة التي اطل من خلالها على كل الأطراف ليوجه لكل منهم الرسالة التي تليق به ... فكانت رسائل للامة , والشعب العراقي ,والمقاومة الباسلة , وللأجيال القادمة على اختلاف توجهاتها وانتمائها في الوقت التي ايضا كانت رسائل للمحتل واذنابه وللخونة والعملاء والحكام المهزلة . وصدام رحمه الله كان الانسان بكل ما تحمل من معاني وعنوان , ولن اسهب ايضا في هذا المجال ولكني لا اقول هنا الا انني اتحدى ان يكون قد ثبت على صدام العنوان أي من الاكاذيب والتلفيق الذي اخرجه المحتل واذنابه والخونة على اختلاف تسمياتهم , فقد عاش صدام كانسان واستشهد وهو انسان عنوان . وصدام رحمه الله كان الشجاع والمناضل والشهم الكريم والرجل وابن الامة , وفي جميع الاحوال لن اتحدث اكثر عن صفات هذا القائد الذي ندر مثيله في زمان الابتذال , فوقفته امام الموت وحدها تكفي ليعرف من لا يعرف من هو صدام فهو الرجل المؤمن بجميع الأحوال وهو الشهيد صاحب تلك الوقفة الايمانية التي لم تراها اجيال واجيال . من هنا ابدأ رسالتي التي من اجلها كان هذا العنوان , فوقفة وموقف وشجاعة واقدام , ورسائل وجهت لكل الاتجاهات . فهل من الممكن ان يذهب موقف كهذا دون ان يترسخ في اذهان اجيالنا القادمة لتكون لهم ايضا عنوان ؟..... وهل يمكن ان تكون مثل هذه الذكرى في ذاكرتنا فقط دون ان تعيد الينا البأس وتكون لنا عبرة كيف يكون الرجال ؟ ..... وهل لنا ان نتذكر كأمة اين كنا وأين اصبحنا بعد ان افقدونا معاني التضحية هؤلاء الاذناب والأنجاس؟ وهل لنا ان نعترف حقا ان رفاق صدام هم وحدهم من بقوا بكل تلك المعاني السامية وذلك العنوان ؟وهل لنا ان نتذكر ان النصر والعزة ابدا لا يتأتى الا من خلال التضحية والفداء ؟وهل لنا ان نتذكر ان الاستسلام لا يؤدي الا الى الذل والهوان ؟ وهل لنا ان نتذكر ان هنالك خنجر مغروس بخاصرة الأمة تمثل بكل الخونة والعملاء وكل هؤلاء الذليلين اصحاب المصالح الانية والذاتية والرخيصة ؟ وهل لنا ان نتذكر ان النصر الذي يصنع في العراق باذن الله هو نصر للامة جميعها بلا استثناء ؟وهل لنا ان نعرف انه ان الاوان ومنذ مدة وزمان ان تأخذ هذه الاجيال دورها في معركة التحرر والحرية والانسان ؟ وهل لنا ان نستلهم العزيمة ومعاني التضحية والفداء التي تجلت في قائد ورفاقه وشعب شكلوا معا ذلك العنوان ؟ وهل ان الاوان ان نرى رفاقه وهم يعطون الدرس تلو الدرس بمعاني الوفاء والثبات على المبادئ ومعاني الرجولة والحياء ؟ او لم يحن الوقت الذي نعرف فيه ان المبادئ العظيمة والعالية لا تقوم على اكتاف الجياع ولا على اكتاف المرتزقة والانتهازيين ولا على اكتاف الحاقدين الناقمين على اوطانهم ؟ او لم نعد نرى ان هؤلاء الحكام الخونة والعملاء لم يعودوا قادرين حتى على منطق الشجب الذي كانوا يتباهون فيه سابقا هؤلاء الحكام الذين مارسوا كل انواع البطش والاجرام والذل لشعوبهم ؟ اسئلة كثيرة بحاجة الى اجابة وفي كل سؤال منها عبرة وعزة , هذا ما تعنيه ذكرى الشهيد وفي احيائها اجابة لهذه الاسئلة وغيرها , وفي كل مرة نحيي فيه هذه الذكرى نقترب اكثر من اجاباتنا , وتترسخ فينا معاني هذه الوقفة العظيمة وهذه الذكرى التي فيها نهج ومشروع لنا وللاجيال القادمة . فهذه دعوة لنا جميعا في الاستمرار في احياء ذكرى استشهاد قائد كان المفكر والقائد والانسان , وكان الأب والأخ والعنوان , وكان المشروع والنهج والايمان , وكان الشهيد الخالد ورفاقه ها هم ثابتون في الميدان .