تحتل العلاقات الخارجية المصرية بعد الثورة مساحة واسعة في الصحافة المصرية لما لها من تاثير على هوية الثورة المصرية واعادة مصر الى وضعها الطبيعي المؤثر قي الدائرة العربية والافريقية والعالمية . والمُلفت للنظر التركيز على العلاقة مع إيـران حيث لا تخلُ صحيفة يومية أو أسبوعية من عمـود أو مقـال لمناقشـة هذا الامـر ويستطيع القارئ ببساطة أن يجد تطـابق المعنى والسـطور في جميع الصحف مع تقديم وتأخير الاسباب والدوافـع في ضرورة عودة العلاقة الدبلوماسية والتجارية مع إيران ، وكأن الكاتـب واحـد مع تغيير الاسـم مما يدفع الى الاعتقاد بأن الامـر مدبرا وتقف ورائـه جهـة تدعمـه تمثـل الطابـور الإيراني وخلاياه النائمـة التي بدأت تتملمـل من بين سـطور الصحف وأبـواق من داخـل أجنحة أحزاب لها نفـوذ في مصـر . تتلـخص الحجج كدافـع لاعادة العلاقـة مع إيـران ، إن كل دول الخليج كالبحرين والكويت والسعودية تقيم علاقات دبلوماسية وتتقدم هذه الحجج علاقة دولة الامارات مع إيران كونها تمثـل الشريك الاقتصادي الاكبر لإيران من بين كل هذه الدول ، مع الاشـارة لذات الرقـم في التعاملات التجارية الذي بلغ 15 مليار دولار سنويا حسب ما تورده الصحف المصريـة . إن المبررات الواردة في طيات الصحف المصرية تتجنى على القيـمة الحقيقية لمكانـة مصـر وفاعليتها بالوطن العربي والوضع الاقليمي ، والتناظر بهذه السطحية وبشكل عاطفي يفقـد مصر الميـزة كونها دولـة ذات تأثيـر ودولة كبيرة وذو فاعلية أستراتجي على المنطقة والعالم ، وتصويرها كدولـة نفعيـة من دون ثوابت . إن الحملـة الهادفة الى عودة العلاقة بين مصـر وإيران ليست خاليـة الاهـداف والنوايـا ومن بين أهـم هذه الاهداف هو السماح لايـران التحرك بحرية للتغلغل في المجتمع المصري من خلال الصحـافة والمؤسسات الاقتصادية وكذلك المؤسسات الخيرية الاهليـة المنتشرة في مصـر و مؤسسات المجتمع المدني ليتسنى لإيران غرس مخالبهـا في المجتمع المصري والعمـل على إثـارة الفـتن والانقسامات . وإبعـاد مصر عن الدول العربية لتتمكن إيـران من تحقيق هدفهـا في التفرد بأقطـار الوطن العربي وقضمـه . تُسخر إيـران خبرتهـا في شـراء ذمم بعض الاقلام والشخصيات المحسوبة على التوجه القومي بحجتها الكاسـية العارية الممانعة والمقاومة والعداء للكيان الصهيوني . وفي حـال نجـاح إيران في تحقيق نسج العلاقة مع مصـر وفـق مخططهـا فأن العاقـبة ستكون كارثيـة على مصر والامـة العربيـة ومدخلا واسعا لتسويق المشروع الفارسي المتناغم مع الصهيونية في تحقيق شرق أوسط جديد خالي من أمـة عربيـة ذات هويـة إسلامية من دون تاريخ وحضارة . إن سـوء التقدير الذي يمارسـه بعض السياسيين في مصـر بالترويج لإيـران ناتج عن عدم قراءة سياسة إيران الحقيقية في العراق وسوريا ولبنان ودول الخليج التي تُذكر كحجة واقعيـة ،، فهل أحترمت إيران سيادة البحرين رغم العلاقة الدبلوماسية معها ، ألـم تهدد الكويت بالتدخل حمايـة لطابورها الموجود على أرض الكويت نتيجة العلاقة الدبلوماسية ولم تكن هذه العلاقة رادعا لهذه العنجهية ، وهـل تقـبل النقاش بقضية الجزر ألامارتية الثلاث مع ضخامة التعاملات التجارية والعلاقات الدبلوماسية ، وهل أحترمت العلاقة الدبلوماسية مع السعودية وتوقف تدخلها وتحريضها لجيوب نائمة في شرق السعودية . وهل لإيران النية في الانسحاب من العراق وترك أهله يقررون مستقبلهم . إن فهـم الدور الايرانـي بهذه السذاجة هوعدم الشعور بالمسؤلية القومية وعدم الاستفادة من دروس التاريخ القريب وذلك سيعود على أرض الكنانة بالويلات لان إيران لن تحترم اي علاقة من أي نوع دبلوماسية أو تجارية وتسعى دائمـا لتحقيق اجندتها في زعزعة الاستقرار في الوطن العربي وتعتبر مصر من اهـم اهدافها الدنيئة . نحن على يقين ان الوعي الشعبي المصري متقدم على فهـم الساسـة لقضية العلاقة مع إيران لذلك نقـراء بأستمرار مقالات بهذا الشان وكانه حملة مضادة لوعي الجماهير ومحاولة لتغيير الموقف الجماهيري من إيران وتهيئة الارضية لدخول حصان طروادة الايرانية الى داخل المجتمع المصري . إن التصدي لهذا المشروع مهمة مناطة بالمثقفين المصريين اللذين يحملون هموم الامة ومسؤلية الدفاع عن مصيرها وفي طليعتهم المثقفين والناشطين القوميين العرب الملمين بنبض الشارع المصري والمتفاعلين معه .