أقيم يوم الثلاثاء 18 ايلوم 2012 بالمركز الثقافي بباريس, ندوة حوار حول "التحول الديمقراطي في مصر والمسارات التي يمكن أن يأخذها" تحدث بها الدكتور هشام مراد رئيس تحرير الأهرام أبدو. وكان الحضور كبير: دبلوماسيين وكتاب ومثقفين عرب ... وفي نهاية حديثه, قمت بالمداخلة التالية بادئ ذي بدء, أتوجه بالشكر للقائمين على المركز الثقافي المصري, على جهودهم الدؤوبة والمستمرة, وأشكر الدكتور هشام مراد على حديثه الشامل, وأود أولاً اسجل ملاحظة, فقد وصفت تيار الأستاذ حمدين صباحي باليسار الليبرالي, وهذا التوصيف غير صحيح بالمطلق, فالمناضل الصباحي, يمثل التيار العروبي في مصر, وهو مايؤكده في كل أحاديثه وفي برنامجه الانتخابي عندما خاض معركة الرئاسة في مصر. وأنا هنا, أستغرب هذا الأمر؟؟! لأنك أوضحت إتجاهات كل القوى السياسية الحالية في مصر, ولم تحدد الأتجاه العروبي القوي والبارز في مصر, رغم كل السنين السابقة الذي حورب فيه هذا الاتجاه من النظام المصري السابق, نظام السادات ـ مبارك على كل حال, علينا أن نتفق, أن المسار الديمقراطي في مصر, لايمكن أن يأخذ سبيله الصحيح, دون أن يسير نحو العمق الأصيل, العمق العربي. وهذا الرأي لا أقوله الآن بعد نجاح التحرك الشعبي المصري وإزاحة النظام السابق, بل قلته بوضوح في كل مقالاتي, وأحاديثي على الفضائيات, وخاصة فضائية فرانس 24, منذ سنوات وحتى اليوم. وأؤكده الآن:مصر هي العمود الفقري للأمة العربية بما تمثله من ثقل عربي واقليمي ودولي. وعندما تكون مصر بخير, تكون الأمة العربية بخير منذ رحيل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر, وبعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد, المشؤومة على مصر والأمة العربية, جهد السادات وبعده مبارك, على فصل مصر عن أمتها العربية, معتمد على تبربرات زائفة, أضرت بمصر وبالأمة العربية. لأن مصر لايمكن أن تنهض وتأخذ دورها الصحيح, إلا بالألتحام مع أمتها العربية وقضاياها العادلة, خاصة قضية فلسطين واحتلال العراق, الذي ساهم النظام السابق في تحجيم قضية فلسطين وحاربها بضرازة, بما فيها الحصار القاتل على غزة. وساهم بتواطئه في غزو واحتلال العراق أعرف, ان الرئيس محمد مرسي, لايستطيع ان يلغي إتفاقية كامب ديفيد بين ليلة وضحاياها. حتى لو توفرت حسن النية لديه, وفي أي عملية سياسية لايمكن ان تقوم على حسن النوايا, بل على الفعل السليم والتحول الصحيح. ولكن أعتقد جازماً, انه يمكن له إلغاء الملاحق الأمنية والعسكرية والأمنية, لأنها تشكل إنتهاكاً صارخاً للسيادة الوطنية المصرية. ويستطيع من ضمن المسار الديمقراطي الذي يتحدثون عنه كثيراً هذه الأيام, ان يعلن تجميد اتفاقية كامب ديفيد, وطرحها على استفتاء شعبي مصري. وهذه المسألة ليست غريبة, إذ أن في كل دول العالم, عندما يكون هناك إتفاقيات مصيرية, تطرح على الاستفتاء الشعبي, ولندع الشعب المصري الأصيل والعروبي ان يقول كلمته في هذه الاتفاقية. وأنا متأكد وعلى ثقة ان هذه الاتفاقية سترفض من غالبية الشعب المصري تحدث الرئيس محمد مرسي, على حق الشعب السوري المناضل بالتغيير, وان النظام السوري يجب ان يرحل. هذا موقف جيد بل رائع. ولكن يجب ان يتماهى الموقف السياسي والاعلامي, مع خطوات حقيقية وفعلية. كيف يمكن ضمن هذا الاتجاه, السماح للبواخر الايرانية بعبور قناة السويس وهي تحمل أسلحة القتل للنظام السوري!؟ من المفارقات المؤسفة, ان الرئيس محمد مرسي, عندما شارك في قمة عدم الانحياز في طهران وأعلن موقفه, الذي أوافقه به. كانت هناك باخرة ايرانية, وقبل يومين فقط, تعبر قناة السويس وهي تحمل الأسلحة للنظام السوري ..؟؟ لاأريد الإطالة عليكم. وأود أن أشير أخيراً, ان أمن مصر الغذائي مهدد فعلياً بعد تقسيم السودان, بحصته من مياه النيل, وأؤكد ان لم يتم تعاون فعلي بين مصر والسودان. على الأقل دفاعاً عن أمنهم المائي, فإن هناك مخاطر جسيمة تهدد كلا البلدين. أقول هذا وفي المقعد بجواري سفير سوداني صديق. وهو يدرك ذلك أكثر مني, وقد تحدثنا معاً بهذا الأمر ونحن بطريقنا سوية لحضور هذا اللقاء أشكر لكم سعة صدركم, لمداخلتي المطولة. ولكن مادفعني إلى ذلك هو حرصي على مصر وعلى دورها الذي يجب أن تستعيد