في مقالة للدكتور محاضير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق نُشرت على موقعه الألكتروني تحت عنوان (حرية التعبير)، وجه فيها رسالة هي عبارة عن درس في الأخلاق والمثل العليا، وموازنة ذكية بين القيم الغربية وبين القيم الإسلامية والآسيوية، وبالرغم من إنه ألمح فيها إلى أن أمهات الأمريكان "منحلات اخلاقياً"! إلا إن ذلك كان نابعاً من عمق تأثره الشديد بالإساءة لسيرة رسولنا الكريم، تلك الإساءة التي لم تحرك ضمائر غيره من القادة اللذين تخلوا عن حق شعوبهم في التعبير عن غضبهم نصرة لرسول الله، بل إنهم تنافسوا في سرعة تقديم عبارات التعازي وتقديم الإعتذار دون أن يكون لهم موقف مؤثر وفعال في معالجة الخلل الاخلاقي في تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون. ولا يخفى على المتتبع للسياسة الدولية، وبالتحديد الشأن الاقتصادي العالمي، عمق ثقافة هذا السياسي المخضرم الذي يحمل راية النقلة النوعية الاقتصادية الهائلة وصانع النهضة الماليزية، حتى بات يطلق على مرحلة حكمه "المرحلة المهاتيرية"، وذلك بسبب الطفرة الاقتصادية اللافتة من خلال خطط أقل ما يقال عنها بانها اثبتت ذكاءاً فطرياً لهذا الطبيب الذي اثبت بأنه مهندس أقتصاد ماليزيا الحديث دون منازع. لقد عُرف عن هذا القائد التأريخي حنكته السياسية وهدوءه الشديد في معالجة أشد القضايا وطأة والتي عصفت بماليزيا خلال فترة حكمه، لكن ما يميز هذا القائد هو إعتزازه بإسلامه الذي أثر بالتالي إيجابياً على نجاحاته في تطوير ماليزيا من خلال تطبيق تعاليم الإسلام، وكذلك دفاعه عن الدين في المحافل الدولية، كما ويوصف بانه من اشد المعارضين للعولمة. ولا ننسى نحن العراقيين مواقفه لنصرة قضية العراق ضد الاحتلال الأمريكي، وتأسيسه لمحكمة كوالالمبور لجرائم الحرب التي أستمعت لأقوال ضحايا الحرب والتعذيب من العراقيين والأفغان، كما أصدرت المحكمة قرارها بتجريم بوش وبلير لارتكابهما جرائم حرب بحق الشعوب التي أحتلتها دولهم. مقالته أدناه تثبت عمق تمسك هذا الزعيم بمبادئه وقيمه الإسلامية، ونبذهُ للمفاهيم الغربية التي تتعالى على الآخرين وتعتدي على حرماتهم ومعتقداتهم بدعوى الحرية المطلقة، ومع الأسف نقول باننا نفتقد لقادة يمتلكون مثل هذه الشجاعة والمقال السهل الممتنع الذي يصل كسهام تطيح بأهدافها من عليائها، تُرى هل يعلم الدكتور محاضير مدى قوة أمريكا وسطوتها على العالم؟؟ وهل يعي بأنه يخاطب بمقاله هذا من يستطيع أن يعبر البحار ويغزو البلدان ويسقط الحكومات؟؟ نعم إنه يعي كل ذلك، وكيف لا وهو يملك من الذكاء ما جعله من أفضل قادة آسيا في القرن العشرين، لكن غيرته على دينه وإسلامه أكبر من أمريكا وسطوتها، لم يمنعه تأريخه السياسي وبروتوكولات الدبلوماسية وخبرة سنين طويلة في الحكم من رد المسيئين على الإسلام بسيف الكلمة الصادقة، وقالها لهم بوضوح شديد لم يسبقه فيه احد، حتى علماء الدين الأفاضل، نقلوا رسائل لم تكن بمستوى حملهم للأمانة، وللأمانة نقول هي لكمة مستقيمة لوجه أمريكا القبيح. لك يا محاضير ولكل شرفاء العالم كل الاحترام والتقدير نص ترجمة مقالة (حرية التعبير) هاجم الدكتور محاضير تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون قائلاً " هيلاري كلنتون تدافع عن الفلم المسيء للرسول بدافع حرية التعبير عن الرأي، الذي يعتبر جزء من حقوق الإنسان! واضح إن القيم الغربية تتجه إلى الجنون، وتلك الحرية لا تقبلها الشعوب الآسيوية أو الإسلامية حول العالم. وضرب مثلاً على ذلك متسائلاً، كيف يمكن أن يشعر الإنسان إذا خاطبه أحدهم بقوله "أنت أبن زنا"؟ أي بمعنى إنك أبن غير شرعي لعلاقة غير شرعية!!الأمريكان لن يضيرهم من الأمر شيئاً! كونها طبيعية في ثقافة مجتمعهم، وإن "الأمهات ينمن مع أي شخص كان"، حتى أصبحت قاعدة لممارسة مقبولة في المجتمع الأمريكي، مضيفاً " وبغض النظر عن الأمهات، فالآباء أيضاً يتصرفون على هذا النحو، فهو تعبير عن مفهوم المساواة بين الرجل والمرأة". ما نوع المجتمع البشري الذي سيكون لو إنتشرت ثقافة اللعن والسب بين الناس؟ لن يكون هنالك سلام بين البلدان أو الأجناس أو الأديان، فالمسلمون والآسيويون يمكنهم قتل أي شخص يسيء إلى أمهاتهم. نعم لحرية الرأي، ولكن الإهانة لا، بالتأكيد لن يقبل آسيوي أو مسلم أن يقال له "أنت لقيط"، حتى ولو على سبيل المزاح. يبدو بأن الغرب الليبرالي يؤمن بان حرية التعبير عن الرأي هي رخصة لإهانة ولعن الآخرين دون حدود، يمكنهم أن يتمتعوا بهذه الحرية فيما بينهم، تلك ليست مشكلتنا، ولكن ليس مع الآخرين اللذين لا يقبلون التصرف بخشونة وقلة أدب، فإذا كانت الحرية جزءاً من حقوق الإنسان فينبغي أن لا تكون على نمط الحرية الغربية فقط، فيجب أن تكون للآسيويين حريتهم وقواعدهم الخاصة طبقاً لمفاهيم قيمهم وأخلاقهم أيضاً، وإلا فالحرية الغربية على وشك حرمان الآخرين من حريتهم، فإذا كانت هذه هي الحرية فعليهم أن يستوعبوا رد فعل الآخرين حسب نفس مفهوم الحرية الغربية. القيم الغربية ليست شاملة، بغض النظر عن ما يزعمه الغربيون أو ما يؤمنون به من قيم، لكن الآسيويون لديهم قيمهم الخاصة، فإذا كان الغرب يعتقد بأن هذه هي الحرية التي يجب أن تمارس من قبل الجميع، بمعنى أن تكون شمولية، إذن ينبغي أن تتوسع هذه الحرية لتشمل قيم وأخلاق الآخرين، فإن كنتم لا تعتقدون بأن للآخرين قيمهم الخاصة، فأنتم لا تؤمنون بأن الحرية هي جزء من حقوق الإنسان. بالطبع بعض الاحداث التي شاهدناها مؤخراً تبدو كمؤشرات إلى أن الغرب قد منح الحرية لنفسه فقط، الحرية التي تجيز قتل الناس، بمن فيهم الأبرياء، ومن الواضح إنها كذلك، فهذا يعني بأن الغرب أكثر استبداداً وغير ديمقراطيةً من الشعوب التي أتهموها بالاستبدادية وغير الديمقراطية. لقد حان الوقت للغرب لإعادة النظر في معتقداته حول الحرية، فإذا كنتم تعتقدون بأن الحرية يجب أن تشمل الجميع، فينبغي عليكم أحترام حقوق الشعوب الأخرى في معتقداتهم ودياناتهم وحرياتهم. نأسف لردود الفعل العنيفة للغاية على عرض الفلم وقتل القنصل الأمريكي، لكني أفهم تماماً بأن مشاعر بعض الناس أقوى من البعض الآخر، في عالم خال من المشاعر، وهؤلاء الناس يشعرون بأنها جزء من حقوقهم، ويجب احترام أحاسيس ومشاعر الآخرين، وإلا توقفوا عن الحديث عن حقوق الإنسان، أو أوقفوا العنف فوراً لتعزيز هذه الحقوق المزعومة، فلا يحق لكم اتخاذ أية مواقف أخلاقية عالية.