إلتقيت مصادفة ، بأحد معارفي وهو رجل أعمال ، ليس له أي إهتمامات سياسية ، كغالبية رجال الأعمال ، بناء على طلبه جلسنا في أحد مقاهي باريس و كانت دردشة عامة ، عندما قال لي : أود أستفهم منك ، لماذا النظام الإيراني يحمل كرهاً و عداءً للعرب؟! أجبته ممازحاً : ما هذا ؟ هل أصبح عندك إهتمامات سياسية؟! عداء النظام الإيراني للأمة العربية له أسباب كثيرة .. و لكن لماذا سؤالك هذا!؟ قال لي بمرارة ممزوجة بإستغراب : قبل سنوات جرت هذه الواقعة التي سأخبرك بها ، شريطة أن تجيبني لاحقاً على سؤالي الآنف .. اومأت برأسي بالإيجاب ، و بدأ سرد الواقعة ، التي أنقلها لك عزيزي القارئ كما هيقال : قبل سنوات ، كانت إيران تجري إتصالات بتاجر سلاح فرنسي معروف للحصول على إحتياجات عسكرية من السوق السوداء ، من بينها موتورات لطائرات معينة .. إجتازت المفاوضات المراحل الأولية ، و بدأت المراحل النهائية التي تحدد الجوانب التقنية و إجراءات التنفيذ. طلب الإيرانيين من التاجر الفرنسي الحضور لطهران لوضع اللمسات الأخيرة على الصفقة تابع قائلاً : عندما وصل تاجر السلاح الفرنسي المذكور إلى طهران و بدأت المباحثات النهائية ، طلب الزائر من مضيفيه الايرانيين أن يصطحب معه في السفرة اللاحقة و قبل توقيع الاتفاق النهائي على خبراء يقولون تحديد كافة الجوانب التقنية و الفنية. أجابه الايرانيين : لامانع لدينا ، شريطة أن تزودنا بأسمائهم و جنسياتهم قبل وصولهم لطهران. هنا إعترض تاجر السلاح وطلب توضيح صريح حول طلبهم إلتقط أنفاسه قليلاً ، و تابع : هنا ، أوضح الايرانيين طلبهم بالحرف : لا مانع لدينا على جنسية أي خبير, حتى لو كان "إسرائيلياً" شرط أن لايكون بينهم أي عربي أو من أصول عربية صمت قليلاً, وقال لي : إستغرب تاجر السلاح الفرنسي ذلك ، وإتصل بي بعد عودته من طهران ، و قال لي متسائلاً : كنت أعتقد أن الإيرانيين و العرب واحد ، كونهما مسلميين؟! ثم روى لي ما جرى و الذي سردته لك .. صمت للمرة الثانية قليلاً ثم قال لي : أجبني الآن عن سؤالي. قلت له : عدائية الفرس للعرب لم تبدأ مع الفتح العربي لبلاد فارس بعد معركة القادسية المجيدة ، كما يتصور الكثيرين. بل هي تمتد لتاريخ سحيق قبل الإسلام. ولكن بعد القادسية إتخذت حالة أكثر حقداً من الفرس تجاه العرب. و دون أن أخوض بالتاريخ السحيق ، أود أن أوضح لك إنه منذ وصول "النظام الإسلامي"؟! للحكم بقيادة خميني للسلطة إتخذ العداء الفارسي صوراً وأشكالاً متنوعة ومتعددة ، تبدأ من تكريس الاحتلال ( الأحواز و الجزر الاماراتية الثلاث ) إلى العدوان ( الحرب العراقية ـ الايرانية ) إلى التدخل السافر عبر تنظيمات موالية وممولة مالياً وعسكرياً لهم ( حزب الله في لبنان, الحوثيين في اليمن, جمعية الوفاق في البحرين, دعم النظام السوري في وجه الثورة السورية ) أو من خلال بعثاتهم الدبلوماسية ( مصر والمغرب ) إلى التعاون الوثيق مع أعداء العرب : امريكا ـ الكيان الصهيوني ختمت, قائلاً له : لا أستطيع إلا أن أردد ما قال الصحابي الجليل سيدنا عمر بن الخطاب : اللهم إجعل بيني وبين فارس جبل من نار