انسحاب قوات الاحتلال من شوارع العراق وانزواء المتبقي منها في قواعد بنيت خلال السنوات التسع الماضية افرز واقعا جديدا أمام العمل التكتيكي لمعظم فصائل المقاومة وجعل الأنظار كلها تتجه نحو معركة الحسم بكل ما فيها من خصوصية وتداخل خنادق. فمعركة الحسم ستكون المواجهة فيها بين شعب العراق برمته وبين الاحتلال الإيراني بوجوده المباشر المعروف وعبر ممثليه بدءا بحكومة الاحتلال وانتهاء بالأحزاب والمليشيات الصفوية. ونحن على يقين وثقة مطلقة بان قيادة مقاومة العراق البطلة قادرة على استقراء معطيات المرحلة واتخاذ الخطوات والإجراءات الكفيلة بربط نتائج معاركها الكبرى التاريخية التي أجبرت أميركا على الهرب مع متطلبات التكتيك الموصل إلى روابط الاتصال المطلوبة مع إستراتيجية التحرير والاستقلال ونرى إن عوامل الحسم المركزية هي: الزمن : عامل الزمن في التعاطي مع هذه المرحلة من مراحل انجاز إستراتيجية التحرير والاستقلال له مدلولات خاصة وأبعاد مضافة. فالعجلة والإسراع في دفع الصراع إلى ذروته دون حساب كامل العوامل المتداخلة والتي يتوجب على ثوار العراق التعاطي معها في أهدافهم المحررة سيشكل خطرا داهما على أدوات الثورة وفي مقدمتها طلائعها الثورية البطلة كانسان وكقوى طليعية. من جهة, ومن جهة أخرى فان التباطؤ قد يجلب معطيات تعقد دروب التحرير داخليا وخارجيا. الموازنة, كضرورة ثورية إذن, مطلوبة ويجب أن تحسب بعناية فائقة وان تستحضر كل عوامل الصراع الوطني والقومي إلى جانب الظروف المحلية, الذاتي منها والموضوعي, كيما تكون خطوات التصعيد في مواجهة الاحتلال الإيراني والوجه المدني للاحتلال ممثلا بالعملية السياسية المخابراتية والتي تمثل إرادة مشتركة للنظام الإيراني المجرم وللامبريالية الأمريكية وللصهيونية في آن معا. عامل الزمن, كما نظن, حاسم في إنتاج حقبة سياسية جديدة تنبثق من أنقاض حقبة الغزو والاحتلال وتنتجها المنظومة الدولية برمتها بما فيها أميركا بعد أن استهلكت كل مبررات غزو العراق وثبت خطلها وتفاهتها وإجرامها وسحقها المتوحش لحقوق الإنسان ,وبعد النتائج الكارثية التي ترتبت على الغزو والاحتلال وأدت إلى ذبح الدولة العراقية الوطنية بكاملها وفشل إنتاج مؤسسات بديلة, وسيادة الفساد على النظام السياسي المنتج وثبوت فشله المريع واتجاه سياساته المختلفة إلى هاوية سحيقة أضرت بالعراق والمنطقة بل، وحتى بأميركا ومشروعها الشرق أوسطي حيث تحول النظام المنتج إلى عالة على كاهل أميركا والمنظومة الدولية وثمن بقاءه باهض يدفع من امن واستقرار وثروات العراق والمنطقة ويشكل عبئا اقتصاديا وعسكريا بل كابوسا لأمريكا بذاتها. إن إنتاج هذه الحقبة قد بدا فعلا والمؤكد إن مقاومتنا العراقية الباسلة تمهد له الأرضيات المطلوبة وتتعاطى مع تشكيل أبعاده المختلفة بحراكها الجهادي على مختلف الساحات والاتجاهات وطبقا لإستراتيجية التحرير والاستقلال ويعجل في تشكله الإدراك الأمريكي والدولي الواسع بفداحة الأخطاء التي نتجت عن الاستهتار بالقانون الدولي واستلاب إرادة المنظمات الدولية والمنبهات الفارقة بعودة التوازن الدولي عبر انبعاث الحياة في أوصال الجسدين الروسي والصيني.. الشعب : وهو عامل الحسم الأهم والأبرز ليس لان بوسعه أن يختزل عامل الزمن الذي اشرنا له أعلاه عبر فعاليات ثورية تتوافق مع حراك الطلائع الثائرة المقاومة والقوى السياسية المنشغلة بالفعل الثوري وسوانده المختلفة بل لان حراكه هو قبان الحق وإرادته هي الإرادة الشرعية الوحيدة التي يحتكم إليها ولان طاقاته العظيمة الظاهر منها والباطن هي سيف الفصل وفيصل الموقف. إن ما وقع على شعبنا من ظلم فادح منذ عام 1991 والى يومنا هذا يجعل من ردود أفعاله ومعطيات حركته حالة خاصة يتوجب على اللاعبين على أطراف الصراع التعاطي معها بعلمية وشمولية . ففي الوقت الذي يتوجب فيه على قيادات المقاومة المسلحة العمل باستمرار على رفع سقف مساحات النفوذ إلى هيكل البناء الشعبي للتشرب بالهمة والعزائم والمصداقية ونقاء الفعل والاستزادة من ماء السقي الحياتي النابع من هيكل الشعب العظيم والنفوذ إلى حواضنه وأحضانه الرؤومه الحانية الوفية وإدامة زخم الأخذ من كل روافد عطاءه ومساندته, فان على من جاء راكبا على أكتاف المارينز الغزاة ومتخفيا خلف غبار سرف دباباتهم وعجلاتهم ومن جلس فوق أطلال الخراب التي أوقعتها صواريخهم وقنابلهم الفتاكة أن يدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى إن حكم الشعب بالنار والحديد والمعتقلات وسيلة خاسرة وطريق أهوج وتفسير لا يتحزم به إلا الجبناء والرعاع وراكبي قارب الفرصة العابرة. عليهم أن يدركوا إن شعبنا شجاع لا يرتشي ولا يباع في سوق تداول الدولار وان دولة الرواتب والولائم والهدايا التي أسسوها هي اوهن من بيت العنكبوت. فعاليات الشعب السلمية كالتظاهرات والاعتصامات والعصيان المدني يمكن أن تكون من بين أهم العوامل المساعدة لانتصار المقاومة المسلحة في زمن اقصر يتناسب مع تصاعد وتوسيع هذه الفعاليات. وأنشطة الثورة الشعبية المدنية هي عامل هام من عوامل تشكل الحقبة الزمنية دوليا وإقليميا ومحليا. المقاومة : تمكنت المقاومة العراقية المسلحة الباسلة من تحقيق انجازات عسكرية تاريخية وباهرة حيث أجبرت دول التحالف المجرم الذي غزا العراق على الجلاء واحدة بعد الأخرى وصولا إلى رأس الأفعى القذرة أميركا. وواجب تنفيذ الصفحة الأخيرة من إستراتيجية التحرير والاستقلال في جيب المقاومة البطلة وعلى طاولاتها الرملية. إن المقاومة تتصدى لواجبات معقدة ومتشابكة منها ما هو عسكري ومنها ما هو سياسي واجتماعي. والمؤكد إن الصلة بالشعب ومستلزمات تثويره تقع في صلب واجبات المقاومة وإعلامها وأجهزتها العاملة على توسيع منافذ الولوج إلى قطاعات أوسع من شعبنا العظيم. إن الصلة بين المقاومة والشعب هي التكريس الأهم لشرعية العمل المقاوم والسلاح الأمضى بيد المقاومة كممثل لحقوق العراق الثابتة وبكونها الجهة الوحيدة المؤهلة لتحقيق أهداف الوطن والشعب. إن التناغم والتماهي بين الفعاليات الثورية الشعبية وبين الفعل المقاوم هي الضمانة الوحيدة للتحرير الناجز وطرد إيران وعملاءها من بلدنا. مقاومة العراق التي هي امتداد أصيل للقتال الأسطوري في مواجهة الغزو الذي خاضته قواتنا المسلحة الباسلة وشعبنا العظيم عام 2003 هي سيف الشعب والماسكة بيقين ووعي وإيمان بدورة الزمن وهي أمل ورجاء الأمة العربية والإنسانية جمعاء بتحقيق التحرير والاستقلال وإعادة الأمة إلى مسارات التحرير والوحدة.