حين نكتب عن صدام حسين فأننا نكتب عن أمّة. وحين نكتب عن صدّام حسين فأننا نكتب عن رسالة، وحين نكتب عنه فأننا نكتب عن شهادة حولها هو لعرس للمناضلين وملحمة للصامدين، ومناراً للمؤمنين . فصدّام حسين لم يكن رجلاً كباقي رجال زمانه مرَّ على الزمن دون أن يترك بصمته، بل كان يرحمه الله شخصية تتفاعل مع ظرفها ولكن لتترك عليه أثراً بالغاً ولتضفي عليه ألقاً من الق الثوار، ولباساً من لبوس المناضلين. فشخصيته الآسرة وإيمانه العميق لم يتركا حدثاً مرّا عليه دون أن يصبغاه بصبغة صدّامية فريدة من نوعها لم يألفها عالمنا المعاصر، صبغة ربما كانت شائعة في زمن الصحابة الاول، وربما لم تكن غريبة على الرجال الرجال- وهم كثر- من الذين أنجبهم تاريخنا الزاخر بالمآثر. الكتابة عن صدّام حسين باقلام من أحبوه وآمنوا بمباديء الحق التي آمن بها، هي شعر حتى لو كانت نثراً ! فالكلمات الصادقة تجد طريقها الى القلب بأي لغة أو اسلوب كتبت أو نظمت، والمشاعر الحقيقية هي التي تنتظم حلقاتها في جمل لها جرس شعري تتحسسها آذان المحبين والعشّاق. و"عرس الشهادة" هذا تجميع لمشاعر طفحت عن القرائح التي لم تستطع احتوائها وهي تتمثل ذلك المشهد الرهيب والجليل والموحي، مشهد اغتيال الأسد الذي تجمعت عليه كل أفاعي الغابة السامة والشريرة وكلابها لترهبه ولتزعزع إيمانه! ولكنه كان رحمه الله عند ظن التاريخ به، وكان عند حسن ظن كل رفاق النضال بثباته وصبره وجلده. كان رحمه الله قد قال مرة لرئيس ماسمّي بالمحكمة التي حكمت عليه بالشهادة، قال : أنت وكل حكومتك التي نصبتها أمريكا لن تخيفوا كلبي فكيف تخيفوني ، وكان رجلاً قال ففعل ولله درُّ رجال الفعل والعمل. ويبقى السؤال هل يحتاج سيد شهداء العصر منّا أن ننظم فيه شعراً أو نكتب له نثراً؟ لقد ذهب وهو الآن بين يدي رؤوف رحيم ولم تعد الدنيا تشكل له ولا لغيره من الذين توافاهم الله شيئا، ذهب وهو نحسبه عند الله شهيداً طاهر الثوب نظيف اليد، ذهب وترك وراءه تراثاً نضالياً ثرّاً وتجربة قيادية فريدة ومواقف رجولية وشهامة وعفة ونبلا . ولماذا يحتاج إلينا لنكتب عنه؟ إنما نحن الذين بحاجة أن نشّرف قلمنا وأن نبيض صفحتنا بالحديث عن حالة وظاهرة كان لنا التوفيق أن نعيش عصرها، وأن نشهد بزوغها وأن نكون معها حتى يوم إرتقاءها الى زمن الخلود... رحمك الله سيدي وليرحم الله كل شهداء الأمة وليرحمنا نحن الذين نشتاق لرجال المباديء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وليثبت على طريق النصر من ينتظر منهم، إنه علي كبير..