تتحدث السيرة النبوية الشريفة, أن جدنا العظيم الرسول العربي, خاطب يوماً الصحابي سلمان الفارسي قائلاً: أخاف أن تبغضيني يا سلمان؟ فأجابه الصحابي: كيف أبغضك وأنت رسول الله؟ فقال له الرسول الكريم: أن تبغض العرب فتبغضني وددت أن أضع هذه المقدمة للتدليل على الحقائق التي سآتي على ذكرها, حتى لا نتهم بأننا "شوفينيون" كما يحلو للكتاب الفرس أن يطلقوه على كل عربي يحاول ان يدافع عن العرب او ريادتهم بالأسلام, وأن القرآن الكريم "إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تتقون" يؤكد هذه الريادة, كما يؤكدها حديث رسولنا: "إذا ذل العرب ذل الإسلام". وهل يمكن أن يستقيم إسلام أي مسلم, في عدائه اللامبرر للأمة العربية, وأن يعتدي عليهم, وأن يلجأ لكافة وسائل وأساليب التآمر, والتحالف مع أعداء العرب!؟ جارة السوء ايران, في تاريخها الطويل, وتحديداً منذ القادسية المجيدة, لم تدع أي فرصة تمر دون أن تمارس العدوان مباشرة, أو التحالف مع أي عدوان يقع على الأمة العربية, و ازدادت حدة هذا العداء المؤسف والغريب والمستهجن, منذ وصول مدعي الإسلام للسلطة في ايران عام 1980. ولجأت لأوجه متعددة ومتنوعة للنيل من العرب, سواء في حروبها المباشرة ( الحرب مع العراق 1980 ـ 1988 ) و ما تلاها وصولاً لغزوه و إحتلاله على يد القوات الامريكية وحلفائها, و التي تباهى وزير الحرس الثوري الايراني بقوله: لولانا لما تمكنوا من إحتلال بغداد. أو من خلال الإحتلال المباشر للأحواز العربي والجزر الاماراتية الثلاث, و أقول للذين يرددون ان هذه الاحتلالات حدثت قبل "النظام الاسلامي", أن الإسلام يُجبُ ما قبله, وأن جوهر الاسلام يقوم عدا عن الايمان على الحق والعدالة. و بكل وضوح أعود للتذكير بما حدث مع الوفد الإسلامي الذي ذهب إلى طهران لتهنئة الخميني و "الثورة الإسلامية" عقب إزاحة نظام الشاه, برئاسة الراحل الكبير أحمد بن بلة والفقيه محمد البصري بعد تحديد ساعة اللقاء, تم وضع الوفد في صالة للانتظار ما يقارب الساعة ( للاستهانة بالوفد ), و عند دخولهم للقاء الخميني, فوجئوا بوجود مترجم ( الخميني يجيد العربية بطلاقة ) بينه و بين الوفد. و كان الوفد يريد ـ عدا التهنئة ـ تقديم المقترحات التالية ـ إزالة الخلاف بين العراق وايران حول شط العرب والقضايا الأخرى العالقة ( كان هذا قبيل الحرب التي نشبت لاحقاً ) و إيجاد تسوية عادلة ـ وضع ترتيبات لإعادة الجزر الإماراتية الثلاث, التي كان نظام الشاه قد إحتلهاـ إيجاد تسوية لأسم الخليج. تتلخص بإستبعاد تسميته بـ "الخليج العربي" أو الخليج الفارسي" بإطلاق أسم الخليج الاسلامي عليهـ تطبيع العلاقات بشكل تام بين الدول العربية وايران فماذا حدث؟!! بعد تقديم التهنئة بوصول نظام اسلامي للسلطة في ايران, قال الرئيس بن بلة: إننا نود ان نطرح مبادرة لتطبيع العلاقات بين العرب وايران. أجابه خميني باقتضاب عبر المترجم: ما عندكم!؟ تجنب الرئيس بن بلة البدء بالمشاكل الشائكة, وخاطب خميني قائلاً: هناك مشكلة حول تسمية الخليج, ونحن نقترح عليكم وبموافقة كافة الدول العربية بما فيها السعودية والعراق ودول الخليج كلها ان يصار إلى اعتماد تسمية "الخليج الاسلامي", طالما أن جميع الدول المطلة على الخليج هي دول إسلامية, ولأزالة حساسية التسمية بالعربي أو الفارسيكان جواب خميني عبر المترجم دائماً (؟!): الخليج فارسياً وسيبقى فارسياً عند هذا الحد آثر الوفد ان يتوقف عن طرح باقي المقترحات, طالما ان المقترح الأسهل قوبل برفض عجيب وغير مبرر. وهذه المسألة أكدها لي شخصياً الصديق الراحل الفقيه محمد البصري بأكثر من لقاء, وكان يوردها بألم و استهجان وفي موقف آخر, يدلل أيضاً على العدوانية الايرانية المبيتة نحو الأمة العربية, أن أحد أعضاء الوفد الصحافي الذي رافق خميني بالطائرة التي أقلته من باريس إلى طهران بعد سقوط نظام الشاه, سأل خميني: ماهي أول مهمة ستعمل على تحقيقها؟! أجاب الخميني بالحرف: "إسقاط النظام الكافر في العراق"...هكذا بكل وضوح. ويقال ان الصحافي المذكور كان يتوقع ان يجيبه خميني : تحرير فلسطين من جهة ثانية, و دائماً قبل اندلاع حرب الثماني سنوات بين العراق وايران, ان هناك عشرات المذكرات العراقية سلمت للأمم المتحدة حول اعتداءات متكررة وشبه يومية ايرانية على الأراضي العراقية برأ و جواً, و أرسل العراق لجامعة الدول العربية عشرات المذكرات ايضا حول هذه الاعتداءات!!؟ الجميع يعرف, انه منذ اندلاع الحرب بين العراق وايران, و كان الموقف العسكري دائماً لصالح العراق, فقد كان يوافق العراق على كافة قرارات مجلس الأمن الدولي, التي كانت تدعو لوقف إطلاق النار و إنسحاب قوات البلدين إلى الحدود الدولية ( قبل الحرب ) و إيجاد تسوية سياسية, وكانت إيران ترفض دائماً هذه القرارات, التي أدت نتيجة موقفهم إلى ادامة الحرب ثماني سنوات و ما نتج عنها من حالات كارثية كل ما تقدم, يؤكد على حالة عدائية فارسية, تأكد منها حتى اولئك الذين كانوا مخدوعين بنظام "الثورة الاسلامية" عن حسن نية. أما اولئك الذين تحالفوا و إصطفوا مع ايران, لنوازع مذهبية مريضة, أو لغايات تبرر الوسائل, أو لأوهام المكاسب الآنية, فأنني غير معني بهم وغير آبه بمواقفهم