لابد من التمييز بين الرجل , وبين الذكر الذي نميزه عن الانثى , وبين الرجل والزلمه , الرجل هو من ذكر في القرأن الكريم أكثر من مرة , بمعنى أنه صاحب الكلمة والموقف . وعلينا ان نميز بين الذكر والرجل , فالذكورة جسد وهيئة , وتلك صفات الجنس البشري .. وعندما ذكر القران الرجولة فانه قصد الصدق مع النفس ومع الله ومع المبادئ ,لقوله تعالى ( من المؤمنيين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) وقوله ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ) وقوله ( وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ) . الرجل ليس الذي تجاوز عمره 18 سنة , لان حياة الرجال لاتقاس بالسنين فقط , بل تقاس بالافعال والمواقف الخالدة التي يقفها ازاء معضلات الحياة وتحديات الاعداء الخارجية ,واذا اخذنا العمر مقياسا للرجولة , فلنا في القائد العربي الشاب محمد القاسم عبرة , فهو الذي فتح بلاد المشرق ولم يتجاوز عمره 17 عاما , ودانت بلاد الصين للدولة العربية انذاك بفعل رجولته الفذة وايمانه العميق بالله وبالاسلام . يقابل هذا الصنف من الرجال الذين يتحلون بالروح العالية , صنف اخر يركضون وراء المادة , ويسيرخصون في سبيل ذلك كل القيم والعادات والمثل العليا ,ويضحون بالشرف والاخلاق من اجل حفنة من الدنانير او الدولارات , ونموذجهم واضح في حكام المنطقة الخضراء في بغداد , الذين عاثوا في ارض الرافدين الفساد والرذيلة والتبعية للاجنبي . الصنف الاول مستعد للتضحية في سبيل موقف او كلمة شرف ينطق بها , اما الصنف الثاني فلدية القدرة على الانحناء والتراجع والانقلاب حينما تحين فرصة للربح المادي. رجل المواقف هو الذي يعلن موقفه في السر والعلن , لا يحسب حسابا للعواقب من قبل السلطة او من المتنفذين فيها ,يقاتل الشر من اجل فكرة سامية , وليس من اجل اغراض مادية او اطماع ذاتية , ومثالهم رجال المقاومة العربية في العراق وفلسطين وفي معظم بقاع البلدان العربية , ونموذجهم رجال البعث الذين ما وهنوا ولا استكانوا امام عنف وهمجية الحاقدين من الفرس الصفويين واتباعهم الطائفيين , رجال معدنهم صلب , وايمانهم ايمان الانبياء الصغار . لم يتخلوا عن مبادئهم ولا عن روح الرفقة فيما بينهم , رجال نموذجهم الشهيد صدام حسين الذي نالت رجولته اعجاب القريب والبعيد وصار مضرب الامثال في العصر الحديث في الثبات على المبادئ .رجال المواقف هم نقيض الذكور والزلم المحسوبين على الامة , ممن يتشدقون بالمبادئ ,ويطعنونها في الظهر من خلال سلوكهم اليومي . الرجال .. الرجال هم الذين نشاهدهم اليوم في الساحات والميادين العامة , يتحدون كل مظاهر القوة القمعية التابعة للسلطة في هذا البلد او ذاك .هؤلاء هم الذين يخلدون امتهم بالافعال والمواقف والكلمات , ومن خلال امتهم يخلدون انفسهم , كما هو الحال في رجالات امتنا العربية في كل الميادين العسكرية والفكرية والعلمية . اما الصنف المقابل من المحسوبين على الرجال فهم الذين يدعون لانفسهم كل المعارف والبطولات الكاذبة , يتظاهرون بالدفاع عن ابناء الشعب , وهم في الحقيقة يسرقونهم في وضح النهار , يغلبون مصالحهم على مصالح غالبية الشعب ,يركضون في الدروب المعتمة , ويتسكعون على الابواب لينالوا فتات الموائد الفاجرة , وبالتالي يبيعون انفسهم في اسواق النخاسة باثمان بخسة . ينطبق الوصف الانف الذكر على الحكام العرب الذين اسقطتهم الانتفاضات العربية او الذين في طريقهم الى السقوط , وكذلك على من يدعون الشعارات البراقة لخداع الجماهير واستمالتها اليهم , انهم حكام اليوم الذين اقتنصوا فرصة الانتفاضات وتسلقوا الجدران في غفلة من فورة الجماهير وصعدوا سلم الحكم من اجل الحكم ليس الا . ,وهؤلاء استمرؤا الخنوع والاستسلام والرضوخ للامبريالية , وابتعدوا عن روح الامة العربية وتراثها وقيمها ,ولم تعد هذه السمات تهزهم ولا يعيرون لها وزنا , ولا لمعاناة الشعب اي اعتبار . الامة العربية امة عظيمة عندما تتمسك بالقيم والمثل العليا التي جاءت بها رسالات السماء , وبهذه القيم يتعزز وجود الامة الحضاري , فلا تعرف التعصب ولا التعالي ولا الغطرسة ولا التمييز بين الاديان او القوميات ولا الطوائف . لقد عانت الامة الظلم بابشع صوره من الدول الاستعمارية , ومن قبل الحكام التابعين لهذه الدول . وفي ظل هذه الانظمة المتسلطة , تساوى العرب وغيرهم في المعاناة وتساووا بالظلم , واتهم العرب بالعنصرية والتسلط , وهم من هذه التهم براء . العلة في الحكام المحسوبين على صنف الرجال , ولكنهم لم ياخذوا منه غير صفة الذكورة التي يتشابهون فيها مع الحيوانات . وفي خضم الانتفاضات العربية , تحتاج الامة اليوم الى رجال مؤمنون اصحاب كلمة وموقف , ينقذون الامة من حالة التردي الى حالة النهضة والتقدم .