نعيش هذه الأيام وبفخر كبير الذكرى الرابعة والأربعين لميلاد ثورة البعث , ثورة السابع عشر- الثلاثين من تموز عام1968 المجيدة وهي ثورة أحدثت تحولات سياسية وأقتصادية وأجتماعية جذرية في الحياة العراقية بما أتخذته من قرارات نوعية مؤثرة ومن أجراءات فاعلة أمنت نقلها الى حيز التطبيق بأسقاط لكل العوامل التي كانت تؤدي الى التباطؤ في تنفيذها أو التمنع في تقبلها بسبب أنماط التخلف التي سادت المجتمع العراقي لسنوات طوال وخلقت حواجز كان من الصعب تجاوزها لتحقيق انتقالة تحدث تغييرا في حياة الناس والمجتمع ليخلق تجانسا بينهم مع طبيعة المفاهيم التي يبشر بها النظام الوليد . وبقدرما كانت المهمة صعبة , بقدر ما كان عزم قادة الثورة عاليا في أستنباط الوسائل التي جعلت الصعب منسابا ليحتل موقعه المؤثر في عملية التغييرالسياسي والأقتصادي والأجتماعي والتربوي العميق في المجتمع والدولة وما يجب أن يسود العلاقات بين من يقود ويقاد في جميع مفاصل الحزب والدولة ولاجل وتعميق أجواء الثقة والتعاون والتفاهم بين من تحمل المسؤولية في شتى دروب النشاط العلمي والأنساني بصيغته التنموية بهدف خلق حالة من الأنسياب بين العاملين في جميع القطاعات وصولا الى هدف واحد وهو الأرتقاء بحياة العراقيين الى مستوى النهوض الأنساني الذي يتناسب مع الأرث الحضاري للأنسان العراقي الذي أمد البشرية بكل أسباب التحضر والمعرفة بدءا من الكتابة والقراءة الى العلوم والفنون والزراعة والري والصناعة . فبلاد الرافدين كانت مهدا للحضارات الأنسانية والعربية وهي مؤهلة لأستعادة هذا الدور دائما بما حباها الله به من غنى في طبيعة الأرض المليئة بمنابع الخير وفي خزينها من الثروات الكفيلة بتحريك مرجل التطور في حياة العراقيين من جديد . من هنا ولد حافز العمل على توفير الأمكانات المادية المطلوبة لتحقيق هذا الهدف التي أنطلقت ثورة البعث من جدبد لتضيف لأنطلاقة 14 تموز عام 1958 اشراقة الوجه الحقيقي لمعاني قيام النظام الجمهوري ولتعيد لثورة 14رمضان 1963 بريق التأكيد عن نصاعة الأهداف التي نادت بها وأستشهدت وهي تصارع أعداء الشعب ذودا عنها . ولكن البعثيين عادوا ليفجروها ثورةعدل تسترد حقا وتنشر الأمن والطمأنينة بين الناس الذي ولدتهم أمهاتهم أحرارا ولتعزز توحدهم مع البعث في رحلة التحدي والبناء الوطني الصعب المستند للتخطيط الستراتيجي الذي لا يتوقف في حساب الأنجازات المراد تحقيقها عند مرحلة قريبة بل وما يتعداها الى مراحل أبعد وبزمن قياسي واستدعت بذل جهود مضاعفة محفوفة بمتابعة ميدانية فاعلة من قيادة الحزب والثورة وعلى رأسها كان الرفيق الراحل أحمد حسن البكر والرفيق الشهيد صدام حسين الذي لعب دورا رئيسا في قيادة خلية التخطيط الدقيق والمتابعة المباشرة لخطواتها التنفيذية وكان لهمته العالية وصواب توجيهاته الفعل المباشر في تذليل الصعاب وفي توفير الظروف والأمكانات التي واجهت الثورة وهي تمضي قدما لتحقيق أهدافها بدءا م من قرار تأميم الثروة النفطية بأستعادتها من الغول الأحتكاري النفطي العالمي الذي أفتعل الكثير من العوائق لمحاصرة نجاح العراقيين بتوفير الكوادر الوطنية ا لتي تدير عمليات أستخراج النفط ونقلة وتسويقه عالميا . وتحقق ذلك على الرغم من المحاولات المحمومة للشركات الأحتكارية المسندة من الغرب وخصوصا من الكارتل الأحتكاري المنضوي تحت خيمة واشنطن ولندن وهولندا امنشتركة ومع باريس بحكم التنسيق .وبأرادة وطنية عراقية عزوم قادها المناضل الشهيد صدام حسين دارت دورة ضخ النفط العراقي وبيعه في الأسواق العالمية ولتردف بخطوة نجاح أبعد أهمية تمثلت في نجاح العراق تأمين أستخراج الثروة النفطية من منابع مكتشفة من الأحتكاريين ولكنها مغلقة ومتروكة لحسابات أحتكارية متفق عليها لأبقاء العراق محروما من أمكانات هائلة يمكن أن تعزز بناء البلد وتطويره بدلا من أبقائه محدود الأمكانات لا يقوى على الأستفادة من مخزون ارضه الستراتيجي من تلك الثروات التي تشكل بحورا مجمدة تحت الأرض العراقية, ولمنعه من أن ينهض بتنمية البلاد وتطويرحياة أبنائه . هكذا هو حكم الدول الأحتكارية وهذه سياسة الغرب الأستعماري , من هنا اصبح القرار الصعب ميسورا أو كما أسمته بعض القوى الوطنية النجاح فيه بالمستحيل ونصحت بعدم أتخاذه ولكن الأرادة الثابة للبعثيين وجدت أن عدم الأقدام عليه سيعني التوقف عن أحداث التغييرات الجذرية التي وعدت بهالحزب جماهير الشعب بتحقيقها فجعل البعثيون المستحيل حقيقة معاشة. وبهذه الخطوة الكاسرة لظهر الشركات الأحتكارية فتحت أمام الثورة الأبواب للمضي بخطى سريعة وليست متسرعة لتنفيذ مشاريع التنمية والنهوض العراقيين على وفق ما وعدت به وتسعى لأستكماله أستنادا لتخطيط سليم يؤمن التواصل الوطني لبذر حبات الخير في كل جزء مهما نأى في أرض العراق من الشمال الى الجنوب ومن الغرب الى الشرق سعيا لأنهاء معاناة الشعب بتحسين ظروفه المعاشية ورفع الحيف عنه وأطلاق طاقاته الكامنة وجعله مشاركا بجد في بناء بلده وصنع نهوضه الجديد ليعطي ما تحتاجه منه عمليات البناء ويأخذ ما يستحقه نتيجة لما يبذلة تصعيدا لهذه العمليات الشاملة التي حملت بشائر الخير لجميع العراقيين في جميع حقول الثفافة والعلم والمعرفة العامة والمتخصصة والفنون والآداب وبحرص على توفير أجواء الأمن والآمان ويمكن تلخيص ذلك بالآتي أستذكارا لقيمة ما تحقق وفخرا بما بشر به البعثيون أهلهم العراقيين والعرب أيضا منذ بدايات التشاط الحزبي البعثي في العراق وحتى الآن , بما في ذلك وعده بمطاردة العدوانيين وعملانهم في الداخل والخارج محققا الكثير من الأنجازات وسوف نركز الضوء على تفاصيلها لاحقا أما مايعنيني الوقوف عنده فسأعرضه معرفا بدلالات ا لأنجازات وهي بعد أستعادة السيادة الوطنية بتحرير القرارالسياسي ليقرن بتحرير القرار الأقتصادي لتكتمل أركان هذه السيادة بتحرير العلاقات الخارجية, فنصادق من يصادقنا ولا نعادي من يبطن لنا العداء الا من أرتكب عملا مس مصالحنا ومصالح الأمة أو من تطاول على خصوصياتنا الوطنبة والقومية ومقدساتنا الأسلامي ولصالح العراق وشعبه وأمته . فبوفقه رسمت سياسة العراق الخارجية المستنده أساسا لموقف البعث المبدئي الذي أقرته مؤتمراته القطرية والقومية المتمسكة بالحياد الأيجابي دون أنحياز للتكتلات الدوليةوالتعامل بأنفتاح خاس وغير محدود عربيا ومع حركات التحرر العالمية بفاعلية مع جميع الدول التي ترغب بمد أسس الصداقة الحقة معنا وبما يخدم مصالح شعبنا وأمتنا ومع جميع الدول - ما عدا الكيان الصهيوني طبعا- من دون تفريق بين الصغير منها أو كبيرها على أن لا يضر تعاوننا مع أي دولة منها ولا يسمح بالتجاوز غلى حقوق العرب الثابتة وخصوصا قضية فلسطين وهي قضية الأمة العربية المركزية وليست قضية الأنظمة المتاجرة بالقضيةبها لصالح العدو الصهيوني كما فعل مبارك ومن قبله السادات . فالحقائق التأريخية أثبتت أن ما أثار هواجس الخوف لدى الصهيونية الا مصر عبد الناصر الذى تصدى لها والبعث في العراق في مبادراته القومية لأسناد الجيوش العربية بحضور ميداني قتالي فاعل حربيا على الجبهتين المصرية تمثل بمشاركة سرب قاصفات ارضية ميغ 17ساندة للقوات المصرية العابرة لقناة السويس في حرب أكتوبر عام 1973 وتدخل قوات عراقية متنوعة التشكيل بأمر من الشهيد القائد صدام حسين لتقف في مواجهة القوات الصهيونية وهي تشن هجوما على القوات السورية المتراجعة بأتجاه دمشق . وفعلا وصلت القوات العراقية جبهة القتال وبادرت الى بالأنتشار في المواقع المحددة لها على وفق رؤية القيادة الميدانية المشتركة مما أوقف تقدم قوات العدو الصهيوني بأتجاه القوات السورية المنسحبة وكان يهدد عمليا بتجاسر الصهاينة على قطع الطرق المؤدية الى دمشق من لبنان والجولان المحتل والأردن والتأثير بالنارعلى الطرق الرابطة للعاصمة السورية بالشمال والجنوب تمهيدا للسيطرة عليها . ولكن دخول القوات العراقية المعركة غير أتجاهاتها فقد أستطاعت منذ الخطوة الأولى لدخول ساحة القتال أن توقف التقدم الصهيوني بتوجيه ضربات ملموسة بأتجاه خاصرتها مما حجم تقدمها وبالتالي تراجعها أمام القوة الجدبدة التي ظهرت ناشطة عزومة عندما استطاعت أن تحتل مواقع تعطيها الفرصة لان تناور وهي تواصل التحرك وبدا واضحا أنها كانت تسعى للاحاطة بقوات العدو وهذا يعني بالحساب العسكري الميداني أن حسم المعركة سيكون لصالح القوات العراقية , ولصالح هدف تحرير ما أحتل في حرب الخامس من حزيران 1967 أي الجولان السوري وجبل الشيخ . علما بأن القوات العراقية التي أشتبكت بالقوات الصهيونية المعادية قطعت مسافة زادت على الألف كيلو متر لتصل الى محيط المعركة مما اضطر دروعها ودباباتها الى قطع المسافة على سرفها من العراق الى ساحة المعركة في الجنوب من دمشق . وقد فوجئت قواتنا بعد فعل قتالي مؤثر غير موازين المعركة مع العدو من الدفاع الى الهجوم الذي أستدعى من قواتنا النهوض بتطويرأتجاهاته ليؤهلها أن تتولى في خطوة تالية تحرير أهداف سورية محتلة وذلك بالتنسيق مع القيادة العسكرية السورية الميدانية وبمشاركة مع القطعات السورية المنسحبة التي ستكون قد أعادت ترتيب صفوفها لتعاود جهدها القتالي الهجومي الى جانب أشقائهم العراقيين الذين هبوا لأسنادهم في ظرف قتالي صعب وكان محرجا . ولكن صمتا مطبقا ساد الجبهة منذ الصباح الباكر لاحد الأيام التي تلت سيطرة القوات العراقية على الموقف القتالي حرك سواكن الصحفيين العراقيين والعرب الذين رافقوا قواتنا المستجيبة لنداء الواجب القومي وكنت واحدا منهم ,ممثلا لجريدة الجمهورية - التي كان يرأس تحريرها الرفيق الراحل سعد قاسم حمودي رحمه الله - حيث لاحظنا الصمت قد أطبق على الجبهة بعد أن سادتها أصوات انفجارات الصواريخ والقنابل بمختلف أعيرتها فلجانا لأقرب مقاتل عراقي وكان برتبة رائد ركن وعندما سألناه ما سرهذا الصمت اجاب مبتسما ألم تلاحظوا حركة الطائرات في السماء بشكل مكثفّ وبراحة كبيرة ؟! قلنا وماهي دلالات ذلك ؟ قال هذه الطائرات تطير براحتها دون أن تتصدى لها النيران الأرضية , وهذا يعني أنها تراقب حدثا جديدا وقع وأظن أن وقفا لأطلاق النار أتخذه السوريون الأ أننا لم نبلغ به لذلك لم نعط الضوء الأخضرلنبدأ بهجومنا على مواقع العدوالمقررأن يبدأ هذا اليوم لذلك كان صمت الببنادق والمدافع معا . وصح توقع المقاتل العراقي فالطائرات كانت تراقب وقف أطلاق النار المتفق عليه بين العرب والصهاينة بتدبير أميركي صيغ بقرار من مجلس الأمن أتخذ لأنقاذ الكيان الصهيوني من نتائج معركة خاسرة فرضها دخول القوات العراقية ساحة القتال . والملاحظ أن القيادة السورية لم تتشاور مع العراق قبل أتخاذ قرارها بوقف أطلاق النار والجيش كان مايزال متمركزا في الخطوط الأمامية لساحة المعركة مبررة قرارها بأدعاء يقول أن السادات أحرجهم بوقف القتال بالأتفاق مع واشنطن ؟؟! وقبل البدء بخطى الأنجازات أزاحت القيادةعن طريقها عارضة مفاجئة كانت ظهرت في طريقها الى تفجير الثورة فأضطرت للتعامل معها بطول بال وبدقة متناهية وبحساب أن تعالجها بعد حسم الموقف وتحقيق الأنتصار لأنها شكلت لغما أن لم يتم التعامل معه بحكمة وتفويت الفرصة على من هدد بنسف جميع الأستعدادات السابقة لأعلان الثورة او تقبل مشاركته فيها وتسنم منصبين رئيسيين في الحكومة التي ستنبثق عنها وهما منصب رئيس الوزراء ومنصب وزير الدفاع مما أضطر قيادة الحزب بقبول مشاركة عبد الرزاق النايف وأبراهيم الداود بدورمحدود وأن كان كبيرا في عنوانه لكنه يظل تحت السيطرة . فمشاركتهما في عملية الدخول الى القصر الجمهوري وتسمية الأول رئيسا للوزراء والثاني وزيرا للدفاع لحين تدبر أمر أبعادهما بهدوء بعد ضمان انسياب عملية الأمساك بالقصر الجمهوري من دون قتال . علما بأن ظهورهما المفاجئ كان بسبب تسرب خبر أن أستعداد الحزب صار وشيكا للقيام بثورة جديدة بحكم أنهما كانا يحتلان منصبين مؤثرين في الحرس الجمهوري والأستخبارات العسكرية ولا علاقة لهما بالحزب بل هما جزء من النظام الذي يراد تغييره وهنا تحضرني ملاحظة وددت أن أقولها لكل من حاول التباكي على هاتين الشخصيتين على أساس أن الثورة غدرت بهما في حين أن الحقائق تؤكد انهما لم يكونا جزءا منها وقد حاولا حثيثا ان يعملا طيلة الثلاثة عشر يوما التي استمرا خلالها في منصبيهما بالتحرك لتوفير الفرصة للأنقضاض على الثورة من الداخل في حين كانت قيادة الحزب تراقب تحركاتهما وترصدهما خطوة , خطوة حتى حصل ماحص في مثل هذا اليوم الثلاقين من تموز1968 بأبعاد الطارئين ليبدا المسار الصحيح للثورة بالشروع لتهيئة مستلزمات الأستقرار الداخلي وتعزيز الوحدة الوطنية لتكون قاعدة وثوب لمرحلة تحقيق الأنجازات الكبيرة التي من أجلها قامت الثورة أساسا فعلام هذا البكاء الذي يتكرر سنويا دون معنى أو مبرر ؟! . يتبع .... 1- بسط للأنجازات المتحققة وأي تغييرات جذريةأحدثتها في الحياة العراقية .2- وقفة الشهيد القائد صدام حسين وكيف أجج نداؤه روح مقاومة المحتل بين العراقيين النجباء والبعثيون في طليعتهم ؟3- ماذا عنى التواصل بأدامة زخم المقاومة بين قائد أستشهد دفاعا عن مبادئ الحق والعدل الأنساني وبين قائد وفي يوم شارك رفيقه القائد الشهيد أصعب المواقف والمعارك , وها هو يقتحم الميدان ليرفعبوفاء مجرب وأيمان عميق راية الحق العراقي عاليا حتى النصر النهائي الناجز أن شاء الله .