عندما يكون المجتمع غارقا في عوامل التخلف والجهل ومكبلا بالفقر والفاقة فان الغاية الأهم لأي تغيير ثوري تصبح معبرة عن مضمونها الإنساني الأرقى والسياسي الأجل بتبني السبل والعوامل كافة التي تغيير واقع الإنسان وتنتقل به إلى نقيض حاله القائم قبل الثورة. ان فلسفة وعقيدة الانقلاب على الذات كوسيلة تغيير ثورية جذرية هي التي تحكم صلة الثورة البعثية وعقيدتها القومية التحررية الاشتراكية بالواقع البشري الذي تتصدى لإعادة صياغته ليحقق المجتمع العربي الحر الموحد . وهذا الانقلاب يتحقق بالاعتماد على طاقة الإنسان بعد تثويرها في عمليات التغيير الثوري عبر تحريره من عوامل استلاب الشخصية والتغييب وتوفير مقومات ممارسة الانقلاب على الذات بتوفير مستلزماتها المادية والموضوعية. حدد البعث وقيادة ثورة 17-30 تموز المجيدة بعد تسلم الحكم في العراق أهداف عمليات بناء الإنسان الجديد وعيا وثقافة وحضورا بخطها الوطني والقومي وبما يتناغم وينسجم وأهداف حزب الثورة العربية القومية التحررية الاشتراكية , حزب البعث العربي الاشتراكي, وما يقتضيه ويتطلبه والاتجاه القومي العروبي المؤمن ومتطلباته من جهة ـ وضرورات المساهمة الشعبية الواسعة كشرط من شروط التغيير الثوري الذي يطال السياسة التي يراد لها إنتاج الأهداف الديمقراطية والتنموية وما تتطلبه من توسيع وتحذير الوعي والارتقاء بالإدراك المادي والحسي وبالوعي الذاتي وللمكونات الموضوعية للتغيير من جهة ثانية . لقد حددت قيادة الثورة وسائل إعادة بناء الإنسان ليتحول إلى إنسان الثورة هدفا وغاية , إنسان البرنامج الوطني والقومي والذي يحقق أهداف الثورة ومهامها العظيمة ومنها ما يلي : أولا : تطوير قطاع التربية والتعليم أفقيا وعموديا عبر الانتقال المادي بكل مكوناته إلى واقع آخر مختلف وما يتطلبه هذا الواقع من التأسيس السريع للبنى التحتية لهذا القطاع . ثانيا : الانتقال السريع والمتوفر الأدوات لخلق تعليم عالي مؤهل يأخذ على عاتقه توفير المخرجات المدربة عاليا لتتصدى لمهام تغيير وإعادة بناء الركائز الاقتصادية والعلمية والزراعية والتجارية ..أي توفير متطلبات التنمية الشاملة التي تحتاج إلى كوادر عالية المؤهلات والخبرة والتدريب . ثالثا : التدرج المدروس والذي يعلن عن نفسه بجلاء ووضوح في تغيير المناخان والبيئة الاجتماعية عبر تطبيقات ديمقراطية تعمق في الإنسان عزته وكرامته وكبرياءه . وكان خط السير والمثابات البارزة هنا هي ممارسة التغيير الديمقراطي النابع من واقع وظروف وحاجات الإنسان عبر انتخابات النقابات والجمعيات والاتحادات المهنية التي شملت كل قطاعات وشرائح المجتمع . رابعا : استثمار التوسع الجماهيري الكبير في الحزب وقنوات وأدوات وبرامج التثقيف المعتمدة تنظيميا في الحياة الداخلية والارتقاء بها وصولا إلى استثمار الانتخابات المعتمدة داخليا لإنتاج القيادات البعثية والاستفادة القصوى من هذه الممارسات الديمقراطية عبر نقلها هي ومنظومات أخلاقية كالتدريب على الإخلاص في العمل والتفاني في أداء الواجب والحرص على الزمن كعامل حاسم في إدارة مكونات التغيير الثوري والروح الوطنية والعقيدة القومية إلى أجهزة الدولة المختلفة لتحقيق الانتقالة السريعة المطلوبة في إنتاج الخدمات والمنجزات المميزة لعصر الثورة. لقد تمكنت ثورة البعث الخالدة من تطوير المدارك ونشر السلوك والتصرف الايجابي المتمدن البناء لدى الإنسان العراقي ومكنته من التمسك بقوة بالروح الوطنية الكريمة وبالروح القومية المتطلعة . وكان بيان النجاح واسع الطيف ينتشر على كل مكونات الحياة ومنها تأصيل الوحدة الوطنية والدفاع البطولي عنها ضد عوامل الفرقة والتشرذم الطائفي والعرقي التي وضعت في الخلف وصار العراقي لا يعيرها أي اهتمام مقابل العلاقة الوطنية والقومية وبإنتاج منظومة أكاديمية وعلمية ضخمة غذت التطور الهائل في الزراعة والري والصناعة والاتصالات والمواصلات والتعليم الأساسي والعالي والبحث العلمي والتجارة . كما تحقق تطور هائل في إدارة مؤسسات الدولة قادها إنسان الثورة وابنها البار . كل ذلك تداخل مع بعضه البعض لينتج الإنسان الذي واجه العدوان الإيراني وقاتله ببطولات أسطورية على مدار ثمان سنوات فانتصر النصر الأول في تاريخ العرب المعاصر ، فانتقل بالأمة إلى مواقع المبادرة وآفاق تحرير الأرض والإنسان . هذا الانسان العراقي الذي كان غاية وهدف الثورة ، وعملت على جعله يستطيع تحقيق كل الانجازات على وفق الشعار الذي رفعه الشهيد صدام حسين ( تباً للمستحيل ) ، هو الذي يقاتل المحتل الأمريكي وحليفه الصفوي الفارسي بخبرته التي اكتسبها من رعاية وتوجيه الثورة وقيادتها ، وبإيمانه الذي يتعمق كلما اشتدت الظروف الصعبة عليه ، وبارتباطه بتربة وطنه الذي يفتدي الغالي والنفيس من أجل كرامته وتحرره . لقد أثمر الزرع الذي غرسته الثورة في المجتمع العراقي ورعايتها للإنسان العراقي ، وثمرة هذا الزرع الطيب هو هؤلاء المجاهدين الذين مرغوا الامريكان ومن تعاون معهم في وحل السقوط الأبدي ، وهم يواصلون الجهاد حتى تحرير العراق وإعلان يوم النصر القريب بعون من الله . لجنة اعداد الملفالاستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباسالاستاذ الدكتور أياد عبد اللهالدكتور أحمد ألياسري