بسم الله الرحمن الرحيم ( إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى * وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذاً شططا )صدق الله العظيم في تاريخ هذه الأمة مواقف أطفال كتبوا سفراً للرجولة في مواقفهم، فليس من المغالات التباهي بهم، ولا من الغلو الإعتزاز بذكرهم، بل هو حقهم على البشرية وواجب البشرية تجاه ما فعلوه. 1. علي بن أبي طالب عليه السلام: فتى العرب والإسلام، وهو أولهم ذكرا وفعلا ، فقد ورد متواترا أنه أول من أمن وصدق، وآزر ومنع، وصلى وركع، وذاد وخشع، وكر ولم يرجع. هو أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لم يسبقه الى ذلك الا جبرائيل عليه السلام وخديجة عليها السلام، وما أختلف إثنان في كونه فتى لم يتجاوز العاشرة من العمر، وقيل السابعة، وأول من صدق الوحي الذي جاء لأخيه وإبن عمه وربيبه المصطفى المختار. 2. الحسن والحسين عليهما السلام: من قال فيهما من لا ينطق عن الهوى الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وكانا طفلان يلعبان في حجره، وصدق الله ورسوله في قوله فيهما، فالتاريخ سجل من هما، وماذا قدما للبشرية، وإصلاح ذات البين ونصرة الحق، والتصدي للباطل، ولا أضن أني محتاج لأن أقول فيهما وعنهما شيء، لأن جميع البشر بالأخص المسلمين وخصوصا يعرفوا عنهم أكثر مما قد أكتب. 3. عبد الله بن العباس بن عبد المطلب (حبر الأمة) رضي الله عنه، والذي دعا له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ربه أن يفقهه بالدين. 4. عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: تفقه في الدين حتى كان حجة ومرجعا فيه، أنعم الله عليه بصحبة الحبيب المصطفى، آزر ونصح لآل بيت رسول الله، وعاشرهم ونصح لهم، وكان من بين من حاولوا رد الحسين عليه السلام عن العراق حبا له وخوفا عليه. 5. محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما: كان إبن الصديق وربيب الكرار وقد نقل عنه الكثير من العلم والفروسية كان أحد قادة الإمام علي عليه السلام في حروب الفتنة ، قتل رضوان الله عليه أثناء توجهه لمصر، واليا عليها من الخليفة الراشدي الرابع. 6. علي بن الحسين بن علي عليه وعلى آبائه السلام: فقد جسد العبودية لله حتى سمي زين العابدين وإمام الزاهدين ولقب بالسجاد لكثرة سجوده، وأضاف للإيمان أشكالا جديدة: كالصبر عند المِحنة، وقول الحق والدفاع عنه في ساعة ظهور الباطل على أهل الحق، وحماية عدوه في ساعة ضيقه، وصد العودة عن قيم الإسلام، فجسد الإسلام والإنسانية يوم ثارت المدينة على بني أمية، فألجئهم لداره ومنع القوم عنهم حتى أوصلهم للشام بجواره، آمنين برغم ما فعله بنو أمية مع أهله، لأنه مؤمن، وإستغلال ظرف الناس ليس من شيمة المسلمين ولا من شيم العرب. 7. القاسم بن الحسن بن علي عليهم السلام أجمعين: الذي عقد قرانه عمه الحسين على بنته سكينة في كربلاء يوم الطف، وبدلا من أن يدخل لخباء عروسه، دخل للجنة دفاعا عن الحق وردا للمنكر. 8. موسى بن جعفرعليهما السلام: الذي قال فيه الرشيد يوم أمر بتنظيف السجون بمناسبة إحدى مناسبات الفرح، فصعد ضحىً على سطح قصره وكان إبنه عبد الله المأمون معه، فرأى ثوبا في باحة السجن، فإستدعى مسؤول السجون، وقال له: ألم أأمرك بتنظيف السجون، قال: فعلت، وقال وما ذاك الثوب الذي أرى؟ قال إنه موسى بن جعفر، وأمرك أن لا يطلق سراحه حتى بأمر منك، إنه صلى الفجر والصبح وسجد لربه ولم يزل ساجدا، فقال الرشيد سلام عليك حبر بني هاشم، فسأله إبنه متعجبا، أتسجنه وأنت تعرفه إنه حبر بني هاشم؟ فرد عليه: والله لو نازعتنيها لأخذت ما فيه ناظريك. أي لو نازعتني الخلافة. وقال فيه إبي حنيفة النعمان في كتابته لسيرته الشخصية، أكملت طلب العلم والفقه حتى تبوأت الدرجة العليا بين الفقهاء، فزرت عالما أعرف علمه وقلت له: لقد ناظرت الفقهاء والعلماء وكنت أعلاهم علما، فقال لي لا تدرك العلم دون أن تتعلم من محمد بن علي، أو قال: جعفر بن محمد، فقلت ومن هذا؟ فقال عالم بكل القرآن وعلومه وأحكامه ونزوله ومعانيه وعارف بالتفصيل بكل ما أحله الله وحرمه وما نهى عنه رسوله وجنبه، يقول فركبت راحلتي وقصدت المدينة المنورة، وفي باحة من باحات مدخلها لقيت جمعا من الصبية يلبعون ودونهم صبيا يقف متأملا، فقلت له: لماذا لا تلعب مع أترابك؟ قال: ماخلقنا للعب، فقلت له أين يقضي المرىء حاجته، قال يختفى عن الأنظار ويبتعد من مجاري الأنهار، ويتجنب مساقط الثمار، فقلت إنتظرني يا فتى حتى أعود، وعندما عدت قلت أتقبلني صديقا، قال: لا شيء أفضل من حب في الله، فكنت أسأله ويجيبني بعلم غزير، فقلت يا فتى من أنت قال أنا موسى بن جعفر، فقلت وأنا فلان، جئت للمدينة كي أتلقى العلم من رجل ذكر لي أنه عالم بكل القرآن قيل لي أن إسمه جعفر بن محمد، فقال لي: ذاك هو أبي، فقلت له الحمد لله فهل تمكنني من مقابلته، قال متى ما شئت، فقلت أقرب ما تتمكن، فقال قم معي الآن، ويقول أبو حنيفة النعمان: لم أجد عند جعفرا إلا كما وجدت عند إبنه، فسبحان من يهب الحكمة لمن يشاء. 9. مصطفى قصي صدام حسين: تقبله الله وأهله في الشهداء، فقد جدد مصطفى سيرة أهله، علي والحسنين وعلى وموسى عليهم السلام، وكان حفيدا برا لهم، في نسبه وفعله، وأثبت بالوقائع إنتسابه لهم، يوم وقف بشجاعة المؤمنين، وأبيه وعمه صرعى جنبه، سبقوه للشهادة وهم يقاتلوا الغزاة المعتدين، ولم ترهبه كثرة جمع الكفار، ولا وحدته ووحشة الدار، فظل بطلا مغوار كجده علي كرار، وقاتل حتى أشفى الغليل وإسترد الثار، وإجتمع بأهله في جنة الأبرار، هذا فتى العراق، فقد أختير طفل القرن العشرين، حيث تقول الصحيفة البريطانية، لم نجد طفلا في القرن يستحق اللقب غيره، وهذا نص ما نشر عن اختيار الشهيد مصطفى كأبرز طفل في القرن العشريناختارت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الطفل مصطفى قصي صدام حسين كأبرز طفل ... في القرن العشرين. وذلك بالنظر إلى شجاعته الفائقة المذهلة التي أبداها في مقاومة الاحتلال الأمريكي أثناء محاصرتهم له في أحد بيوت مدينة الموصل مع والده قصي وعمه الشهيد عدي ، حيث قتل الطفل مصطفى 13 جنديا أمريكيا بسلاح قناص ، وقد استطردت الصحيفة بوصف ابن نجل الرئيس الشهيد صدام حسين بأن شجاعته لا يمتلكها إلا قلة نادرة ممن هم في عمره في المرحلة الراهنة، وعلى الرغم من صغر سن مصطفى الذي بلغ حين مقتله 14 عاما إلا أنه قاوم ببسالة حتى النهاية حتى بعد مقتل والده وعمه أمام عينيه خلال المعركة التي استمرت لست ساعات متواصلة واستخدمت فيها قوات الاحتلال الأمريكي الصواريخ المضادة للدروع .. كما قال الكاتب البريطاني روبرت فيسك : قامت الفرقة 101 المحمولة جواً و معها 400 من الجنود بحصار البيت المتواجد فيه عُدي و قُصي و بعد مقتلهما تبقى الطفل مصطفى _ نجل قُصي صدام حسين _ فقام هذا الشجاع بالمقاومة حتى قُتل هو الاخر .... لو كان لدينا في بريطانيا مثله و قام بما قام به لصنعنا له تمثالأ في كل مدينة بريطانية و لجعلنا من بطولته النادرة مساق بحث يقرؤه تلاميذ المدارس كي يكونوا على بينة من الصغر كيف تكون الرجولة و كيف تكون الشجاعة . فسلام عليهم جميعا يوم ولدوا ويوم ماتوا ويوم يبعثون، وحرى بالتاريخ والبشرية أن تنحنى إجلالا عند ذكرهم، فهم جسدوا الرجولة بأبهى صورها، وحرى بكل مؤسسات الطفولة العربية أن توثق سيرة هذا الفتى، وحري بأطفال العراق أن يجعلوه رمزا لهم في رفض الذل والعبودية.