( هذه المقاومة المناضلة تقاتل المحتل ولاتقاتل المدنيين أبداً وتحتقر القاعدة ) . ذلك ماقاله أستاذ القانون الألماني الدكتور يورجن تودنهوفر في مقابلة الألمانية حول كتابه الذي يفضح فيه جرائم ZDF له مع إذاعة الإحتلال الأمريكي في العراق والذي أطلق عليه عنوان "لماذا تقتل يازيد ؟" الحقيقة, أن هذا الكتاب يعد شهادة غربية صادقة ومنصفة للمقاومة العراقية الباسلة, إذ يبدأ المؤلف حديثه عن تجربته التي عاشها في العراق وتحديداً مع إحدى العوائل العراقية في محافظة الأنبار, وهو يصف لنا حالة الرعب والإمتهان لكرامة المواطن العراقي من قبل المحتل وأعوانه في داخل العراق. فيبدأ بسرد الأحداث بقصة قصيرة عن أحد أفراد تلك العائلة التي عاش تجربته معها, وهو "زيد" الطالب أبن الثانية والعشرون عاماً, الذي قرر أن لايهتم سوى بدراسته ومستقبله بعد أن عاش كبقية العراقيين طيلة 12 عاماً وطأة حصار جائر ظالم, لايمكن أن يصف معاناتهم شخص إلا إذا ذاق طعم مرارتها بنفسه. لتأتي بعد ذلك هذه الحرب المشؤومة لتكمل على ماتبقى وتضيف من الآلام والمعاناة والبؤس لذلك الشعب الجريح. عندما يفاجأ زيد بسقوط وابل من القنابل والصواريخ على مدينته وتحديداً الحي الذي يسكن فيه, وعندما لاتجد هذه النيران المتساقطة أهدافاً لها غير بيوت آمنة وساكنيها من المواطنين الأبرياء العزل. وعندما تمرُّ الليالي والأيام لتشاهد تلك الآثار الباقية من رصاص كان قد أخترق جدران المنازل أو من حطام لتلك المنازل أو دور العبادة, والتي قد تعود في ملكيتها لأبي أو أخي أو حتى جاري أو صديقي, وإن لم يكن كذلك فهولأبن بلدي العراق. مع ذلك لم يحرك زيد ساكن, فهو مصمم على عزمه في الدراسة ولم تخطر له تلك الفكرة التي نفذها أصدقاؤه من بعد الإحتلال, بالإنظمام الى صفوف المقاومة الباسلة للدفاع عن أهلهم وشرفهم وعرضهم, لأنه وبصريح العبارة يريد إكمال الدراسة ويحصل على الشهادة, وهو محق في ذلك. ولكن...مايذكره لنا المؤلف عن زيد, من أنه وبعد 3 أعوام من الإحتلال الغاشم يستشهد أخوه الصغير ويسقط الثاني الأصغر منه برصاص القنص لمرتزقة علوج الأمريكان. ويصبح زيد بعد ذلك وحيداً من الأخوان, فيرجع بالذاكرة قليلاً لتتكشف له حقيقة العدوان, ومايتهدد أهله وشعبه وأرضه من خطر هذا الإحتلال فضلاً عن الإمتهان, عندها يقرر فقط أن يؤجل كل شئ الى ما بعد زوال الإحتلال, ويذهب مطالباً أصدقائه منحهم إياه شرف الإنظمام لصفوف المقاومين الأبطال لنيل العزة وكرامة الشجعان ليساهم مع أخوته في وقف القتل للشيوخ والنساء والشباب والأطفال الأبرياء. بتلك الكلمات يجمل الكاتب وصفه مدافعاً عن المقاومة الوطنية الشريفة في العراق, رغم أنه من مناهضي العنف أينما كان. غير أن ماشاهده هناك في العراق من قتل وإغتصاب ودمار وخراب, فضلاً عن الإمتهان للقيم والمبادئ ولكرامة الأنسان, وهو في عقر داره ووطنه جعله ينطق بتلك الآلام لتسطر كلماته صفحات هذا الكتاب "لماذا تقتل يازيد", تلك الشهادة التي عزف عنها الكثيرون من أصحاب الأقلام الجريئة. فقد شاهد المؤلف كل شيء وبأم العين, شاهد الغطرسة والعنصرية التي تنتهجها القوات الأمريكية في العراق, شاهد كيف يركل ويداس على رؤوس المواطنين العراقيين العزل بأقدام المسخ الأمريكان. بل وشاهد كيف تمتلئ الشوارع بالحواجز والجدران ونقاط التفتيش, وكيف تمتهن كرامة المواطن العراقي كل يوم من قبل أفراد لقوات الشرطة والجيش التابعين للمحتل قبل أن يمتهنها المحتل نفسه. وعندما تأخذه الحسرة على مايجري, فمن الطبيعي أن يكون الكاتب محقاً! لأن القاريء الكريم ربما لم يطلع على شكل التعامل الراقي بين أفراد الشرطة والمواطنين في بلد المؤلف الألماني نفسه, فعندما يخاطب المواطن بعبارة سيدي من قبل الشرطة أو قوات الأمن, عندها فقط يمكن أن تتصور قيمة الأنسان في ذلك المجتمع, بل وأسمحوا لي أن أقولها من أنه ( لا أحد يجرؤ في هذا المكان من المساس بكرامة الإنسان حتى وإن كان من مردة آخر الزمان ) , لأنه وببساطة لا أحد يعلوا فيها على القانون, فدولة مؤلف الكتاب ( ألماني ) هي دولة قانون لا دولة تحايل على القانون. وبالتالي, سيكون المؤلف محقاً عندما يقارن ساخراً مابين دولة القانون التي تتكون من سلطاتها الثلاث ( التنفيذية والتشريعية والقضائية ) والتي تعود العيش فيها بأمان كمواطن ينتمي إليها بجنسيته, وبين دولة تحتال على القانون سلطاتها الثلات هي ( العصابات والمافيات والسراق ) والتي جاء إليها بحاثاً عن حقيقة ضالة زيفها الإعلام المسخر من قبل المحتل. ويضرب الكاتب مثلاً على ذلك بالقول: عندما تكون هناك عمليات مشتركة مابين قوات الإحتلال وقوات الجيش والشرطة العراقية ( الخانعة للإحتلال ) والتي قد تصل يومياً ربما الى 100 عملية من غارات وإطلاق رصاص وقصف بالقنابل ومارافق ذلك, وفي المقابل يكون هناك مايقارب الـ 100 عملية بطولية للمقاومة المناضلة في العراق والتي أكرر أنها لاتستهدف إلا قوات الأحتلال فقط. ولكن! مانشاهده في الإعلام, هو أن هذه العمليات النوعية للمناضلين من المقاومة العراقية لا تذكر على الأطلاق, وكذلك لانسمع عن عمليات الدهم والعمليات الأخرى التي تقوم بها القوات الأمريكية مشتركة مع قوات من الشرطة والجيش التابعين لقوات المحتل. بل تشاهد في الإعلام عملية أو عمليتان وربما ثلاث عن أنتحاري إرهابي ينتمي الى القاعدة يفجر نفسه في أي مكان ومهما كانت الضحايا مواطنين ابرياء أم أقزام أمريكان. ذلك هو ماتريده الحكومة الأمريكية وذلك هو مبتغاها لتبرر وجودها غير الشرعي في العراق. هذا يعني أنك لا تشاهد الحقيقة. لذلك لايسعني في هذا المقام إلا أن أتوجه بالتحية للبروفيسور تودنهوفر على شجاعته وجرأته في قول الحقيقة التي أنصف بها المقاومة العراقية البطلة واصفاً إياها ب ( المقاومة المناضلة ) , وأنصف كذلك الأمهات اللواتي فقدن أبنائهن وأزواجهن, وشهد بالحقيقة معززاً إياها بالأرقام عن تلك الجرائم المروعة التي أرتكبها الأمريكان ليس في العراق وحسب بل وفي العالم الأسلامي أيضاً. وقد أضاف كذلك قائل ( نحن نتصرف وكأن زيد عندما قرر الإنظمام الى المقاومة العراقية كأنه يمثل العنف الأسلامي الذي هو مشكلة عصرن ) , فيذكر المؤلف في مقارنة ساخرة أيضاً رقمين على سبيل المثال, رغم أنه يؤمن بأن الأقدار لايمكن وصفها بالأرقام فيقول ( لقد قتلت القاعدة الأرهابية 5 آلاف من المدنيين من الغربيين الأبرياء في غضون 20 سنة, وهي مأساة بطبيعة الحال. ولكن الرئيس الأمريكي بوش قتل مئات الآلاف المدنيين في العالم العربي والأسلامي, وهذه غطرسة لايمكن تصورها بالقول بأن مشكلة عصرنا هو العنف الأسلامي, فالحقيقة هي أن مشكلة عصرنا تتمثل في النزعة العدوانية لبعض العالم الغربي..., وعلى العالم الغربي أن يعترف بخطأه في تعامله مع العالم الآخر, فقد أستخدمنا العنف بلا هوادة أو رحمة أكثر من الآخر... فلم يكن المسلمين من ذبح 4 ملايين من البشر أثناء الحروب الصليبية... ولم يكن المسلمين من قتلوا 5 ملايين أنسان أثناء الأستعمار... ولم يكن المسلمين من قتلوا 70 مليوناً من البشر في الحربين العالميتين الأولى والثانية.. ولم يكن المسلمين من قتلوا 6 ملايين من اليهود... ولم يكن المسلمين من قتل أكثر من مليوني أنسان في أفغانستان والعراق... ولكن كان هذا هو حصيلة عدوان العالم الغربي على الآخرين!!! ) . فتحية للمرابطين الأبطال من أفراد المقاومة العراقية الوطنية الباسلة ولقيادتها الحكيمة ألف تحية وسلام