كثيرون هم الذين راهنوا ـ وما زالوا ـ يراهنون على زوال البعث , او اجتثاثه كما يحلوا لهم ,او تزينه لهم احلامهم او اوهامهم .لقد راهنوا على ذلك عندما كان البعث وليدا , ولكن هذا الوليد شق طريقه وسط كل الاعاصير السياسية , وتحدى المؤامرات الخارجية والداخلية وصمد واثبت جدارته في قيادة الجماهير . وكثيرون هم الذين قالوا أن هذا الحزب خيالي , وافكاره مثالية يصعب تحقيقها . وما عرف هؤلاء ان البعثيين عرفوا منذ البدء ان طريقهم طويلة , وسوف يقضي على هذه الطريق اجيال واجيال , وتبقى المسيرة ببقاء كل الطيبين العاشقين للنضال من اجل الحرية والاستقلال والحياة الحرة الكريمة . هؤلاء العاشقين يعيشون الحياة بصفاء ونقاء وعفوية , ويعبرون عن مستلزمات الحياة بما تجود به عزائمهم , وتقدح به ضمائرهم التي تعبر عن وهج الحياة الايمانية . رغم معرفة البعثيين المسبقة بهذه المسيرة الطويلة , ورغم ان الحزب تعرض الى حالات انقسامية وانشقاقات , كما تعرض الى مؤامرات داخلية وخارجية مريرة , شوهت مسيرته النضالية بعض الوقت , لكن الحزب ظل مثار استغراب الحاقدين والمعقدين والاعداء , لانه كان وما زال يخرج من كل مؤامرة أقوى من السابق , يتدفق حيوية وعطاء . ولم يعرف المؤرخون حزبا تعرض لكل هذه المؤامرات الخطيرة والمدمرة , ويظل موجودا على ساحة النضال , يقود المسيرة الجهادية ضد اكبر قوة في العالم , ويقهرها ويمرغ انفها في الوحل . وهكذا هو البعث يتجدد بتجدد مناضليه من جيل الى جيل , ويظل قويا ومعطاء يتحدى الصعاب ويفشل المؤامرات . اين تكمن قوته وحيويته ؟تميز البعث في مرحلة النشؤ والنضال والحكم بسمات اهلته لان ينال ثقة الجماهير الوطنية البعيدة عن التعصب الديني والطائفي والعرقي , بحيث شكل استجابة حيوية لما تعانيه الجماهير العربية من تحديات التجزئة والاضطهاد القومي والطبقي , وصار يشكل املها للخلاص مما تعانيه . وصحيح ان الحزب اجاب على كل المعضلات التي تواجه العرب في حياتهم , وصحيح انه خرج من قلب معاناة الامة العربية . فهو لم ينته كما انتهى كثير من الاحزاب المعروفة جراء ضربات فنية من عناصر من داخلها او من قوى خارجية . لقد اصيب البعث بضربات فنية وحاقدة كثيرة وقوية , وقد اثرت على مسيرته النضالية , كما حاولت القوى الطائفية المدعومة من الدول الكبرى شيطنة البعث وتأليب الرأي العام ضدة , وتشويه مبادئه في اذهان مريديه , ولكنه كان يخرج قويا بعد كل ضربة , لانه حزب حي وعقيدته حية ترفض الجمود والانغلاق والتحجر , وبهذه الحيوية يستعيد انفاسه ويعاود العمل من جديد بهمة عالية وارادة فولاذية .ويسير على ذات الطريق الصعبة الطويلة اكثر حماسة واشد توهجا . وكانت الجماهير تشكل السياج الامين للحزب اثناء كل معضلة او مؤامرة ضده , تمده بدفقات الحياة الجديدة , وهكذا كانت الجماهير وما زالت سر ديمومة البعث العظيم , فهو بحق حزب الجماهير , ولد من رحمها , ويناضل بسواعدها القوية , وينشد الانتصار من اجلها . هذا هو السر العظيم وراء بقاء البعث حيا قويا ومقتدرا شامخا ومتوهجا وسط كل الاجواء الخانقة المظلمة . ولان الجماهير هي الامل , فقد ظل البعث يفيض املا وخيرا , ويطرد اليأس والخوف من النفوس . ومع عظمة السر فالجماهير التي تثق بالبعث لم تؤمن به وتعتنق مبادئه لمجرد عشقها لهذه المبادئ والاهداف , ولكنها باتت تثق بالبعث لانه قدم نموذجا عظيما في البذل والعطاء والتضحية والتعبير عن الذات .. فالبعث حزب مؤمن مناضل جهادي يتحلى بسمات الصحابة الكرام , ولذلك يحرص على ان يبقى الممثل الامين للطليعة الثورية المقدامة في الوطن العربي . لقد أمن البعثيون منذ 65 سنة بمبادئ هذا الحزب المعبر عن ضمير الانسان العربي من المحيط الى الخليج , الايمان بهذه المبادئ والصدق في تطبيقها , هو منهجهم في اكتشاف معاني الحياة الانسانية , وبالتالي باتوا يعبرون عن حقيقة الامة العربية وقيمها وحقيقتها الانسانية , وايمانهم بالبعث لم يأخذ انماط الصوفية المجردة , بل اخذوا سمات الابطال العظماء الذين تميزوا بالصفاء والاخلاص والصراحة , فالبعثيون لا يعرفون المهادنة على حساب المبادئ , ولا يخجلون من الاعتراف بالخطأ والتراجع عنه , فهم قساة على انفسهم رحماء بالاخرين . عهد جديد من البطولة :كما صمد الرفاق الاوائل بوجه كل التحديات , يصمد اليوم رفاق العقيدة الذين امتشقوا السلاح لمقاومة المحتل الغازي , لمقاومة اكبر قوة عسكرية في العالم , ويجبروها على الرحيل ليلا يجرون اذيال الخيبة والهزيمة . وفي هذا العهد الجديد يستشعر القوميون الصادقون والوطنيون المخلصون عظمة البعث , وصدقه لمبادئه , ويدركون معنى محبة رفاق البعث لبعضهم البعض , واخلاصهم ووفائهم رغم ما اصابهم على ايدي الحاقدين الموتورين من عملاء واشنطن وطهران . اما الحاقدون والعملاء فيفسرون البطولة بالظلم والقسوة .. والاقدام بالتهور والمغامرة .. والايمان المبدئي الصادق بالجاهلية . وللامانة نقول بأن اشراقات البطولة لا يمكن ادراكها بعقل حسابي ميكانيكي ابدا , لكنها تكتشف بالاحساس العفوي النابع من الضمائر الصافية ويتم استشعارها بالوجد والعشق للمبادئ القومية .. فالذين يعشقون القومية العربية المؤمنة هم الذين ادركوا معاني عهد البطولة الجديد , الذي يسطره ابطال البعث في العراق وقائدهم المؤمن الصادق الامين القائد عزت ابراهيم الدوري , الرجل الذي تميز بكل سمات الرجولة والاباء والاخلاص , يسطر عهد البطولة بالقدرة والايمان , وهو الذي وصفة القائد الشهيد صدام حسين بالامين , وكان ساعدة المخلص , تحمل معه كل الصعاب وواجه معه كل التحديات . في ذكرى تأسيس البعث لا يسعني الا ان اترحم على مؤسس البعث المرحوم احمد ميشيل عفلق , وعلى القائد المجدد الشهيد صدام حسين , والشهداء القادة الذين سطروا ملاحم بطولية امام محاكم الزور .. والتحية الى الرفاق الابطال الصابرين في سجون العملاء , والى رفاق الدرب المناضلين في كل محافظات العراق , والتحية لكل الرفاق في ساحات الوطن العربي الكبير . وعاش البعث العظيم .. وعاشت الامة العربية ابية .. وعاشت فلسطين حرة عربية كما ارادها البعث وقادته العظام .