من المؤسف جداً ان يصل عدد الشباب العربي الذين يرتداون لعبة المزرعة السعيدة عبر موقع التواصل الإجتماعي (face book ) ما يقارب الخمسة ملايين شخص !!! أي ما يعادل عدد سكان بعض الأقطار العربية و يفوق بعضاً منها !!! لقد اثار هذا الرقم في نفسي الدهشة و أوقع فيها الغصه والألم , فدفعني ذلك لأدخل هذه اللعبة لأشاهد ما الذي يحصل عليه شبابنا العربي عند ارتيادها ؟! , فعند دخول جمهورية المزرعة السعيدة يحصل كل مواطن فيها على قطعة أرض مجانية ومبلغ يسير من النقود ( الذهب ) وبعض (الدنانير) ليسير بها شؤن مزرعته , كحراثة الأرض وشراء البذور و من ثم بيعها بعد جني ثمارها للجمهورية ذاتها , ليحقق من خلالها مواطنوا المزرعة ربحاً يقفون به على ابواب أرباح أخرى مع توفير لهم المحفزات للمتابعه وتحقيق المزيد من النجاحات . ففي الوقت الذي يغرق به مواطنوا المزرعة السعيدة في الهدايا والمحفزات , يغرق المواطن الفلسطيني بالضرائب المرتفعه والأسعار الباهظة التي تواجهه عند كل ربح يحققه , حتى وصل به الحال أن يعمل طوال اليوم وان يستثمر جهده في أكثر من مجال عمل لكي يستطيع تسديد بعض إحتياجاته الأساسية و التي يبقى عاجزاً عن سدادها . فشبابنا العربي عموماً والفلسطيني خصوصاً يلجأون الى لعبة المزرعة السعيدة وغيرها ليقتلوا الفراغ الذي يعيشونه جراء حالة البطالة المرتفعه والتي افرزتها عوامل عدة كسوء التوزيع و عدم الإستغلال الأمثل للموارد والإهدار بها و كذلك العجز عن توفير ادنى مقومات استثمارها , وبما أن الإنسان في مرحلة الشباب يكون في قمة العطاء ويطمح دوماً الى التقدم وتحقيق الانجازات , وبما أن الحكومة لم تجد السبيل بعد لاستثمار طاقات الشباب , كانت المزرعة السعيدة هي البديل لهم ليعشوا ذلك الحلم في العالم الافتراضي , بعيداً عن الواقع المؤلم الذي يواجههم وبعيداً عن ظلال الفقر والجوع الذي يخيم على أبوابهم , ففي المزرعة السعيدة لا توجد ضرائب و لا يوجد هناك قطعان من المستوطنين تغزوا الحقول و تحرقها , وفي المزرعة السعيدة لا توجد بضائع صهيونية وكل المنتجات محلية الصنع, وفي المزرعة السعيدة هناك الأسعار محددة وبعيده عن جشع التجار و رسوم الجمارك المضاعفة ولا تقبل أن يقسم بها الوطن ويفتت الى شطرين بل قابلة للتوسع , فالرقابة هنالك صارمة فكل المواطنون سواسية , يسودهم روح المحبة والتعاون في ارسال الهدايا اليومية ليشبع كل منهم احتياجات الأخر. ليت وطني مزرعة سعيدة تستثمر به الموارد ويمنح مواطنوه قطع الأراضي ليستثمروها , ويحدوا من مصادرتها وتهويدها , ولينقلبوا بها على البطالة والفقر والجوع الذي يعيشون . فلعبة المزرعة السعيدة وغيرها من الألعاب التي تستهوي شريحه كبيره من الشباب العربي وجدت لتقتل وقتهم وتمحق طموحهم مستغلة لحالة اللا منطق الذي يعيشونه بعد أن أغلقت القوانين كل السبل المتاحة التي يستثمرون بها طاقاتهم ولم يبقى لهم سبيل سوى الجانب السلبي من العالم الإفتراضي الذي أخذ العديد منهم يغرق بأمواجه المتلاطمه دون أن يجد طوق النجاة ليطوف به الى بر الأمان , والسؤال الذي يطرح نفسه الان وهو لماذا لا تقوم الحكومة بتطبق سياسات جمهورية المزرعة السعيدة ؟؟؟ ولماذا لم تستثمر الأراضي لتحقق من خلالها الإكتفاء الذاتي الذي تنافس به السلع الصهيونية بالاسواق وتستغني عن المساعدات الخارجية ؟؟ ألم تشاهد الحكومة الشوارع والمقاهي التي تعج في العمال و خريجي الجامعات العاطلين عن العمل ؟؟ الم يحن الوقت لنجد السبيل المناسب لإستثمار طاقاتهم ؟؟؟!