رداءة وانحطاط وشذوذ وإجرام الطائفية السياسية يبدأ من التخندق المزيف والدجال حول حقوق واستحقاقات هذه الطائفة أو تلك, ويبدأ من ادعاء حق تمثيل هذه الطائفة أو تلك وتبدأ من اعتناق سياسة وضع الانتماء والولاء للمذهب فوق الولاء والانتماء للوطن كمنهج يمثل تسويغ وتبرير الولاء والمساندة لأجندات توسع لإيران أو لتركيا على حساب العراق وارض العرب أو لحساب سيادة منهج سياسي اسلاموي طائفي على حساب آخر طبقا لروحية التناحر التي جبلت عليها الأحزاب الاسلاموية. الوطنية الحقة هي التي تعتبر الجور أو الظلم أو الاستلاب الذي يقع على أي مواطن بغض النظر عن هويته العرقية أو الاثنية هو اعتداء على الوطن كله وغير هكذا موقف هو انجرار للمواقف الطائفية مهما كانت أشكال وألوان الأغلفة والاسترة التي يغلف أو يتوزر بها. فالعراقي الذي لا تهتز شواربه ولا تصعد معدته إلى الحلقوم لحدث اغتصاب امرأة عراقية بغض النظر عن المحافظة أو القرية التي تقطن فيها وبدون حساب لانتمائها الطائفي أو العرقي هو ليس عراقي وتعوزه الرجولة والغيرة والشرف. اعتمدت فكرة غزو العراق واحتلاله على عاملين أساسيين هما: 1- القوة المادية لأمريكا وحلفاءها والمتمثلة بقوة السلاح وقوة المال.2- تعاون قوى وأحزاب وأشخاص من العراقيين ومن حملة الجنسية العراقية ينتمون إلى الإسلام السياسي الطائفي والى العرقية الشوفينية الكردية. واعتمد الاحتلال الطائفية والعرقية السياسية وهو يدرك إن غرسها وتعميق وتوسيع تأثيراتها يتطلب من بين ما يتطلب إسنادهم وتقويتهم لطائفة معينه ولعرق معين على حساب الطوائف والأعراق الأخرى لضمان توليد ردود الأفعال الطائفية وتصعيدها وصولا إلى التناقضات الحادة والخلافات العميقة ومن ثم الاقتتال بما يؤدي إلى ضمان تحقيق الأهداف العليا المرسومة من وراء اعتماد الطائفية والعرفية كسلسة وكمنهج لسلطة الاحتلال وعملاءها وأهمها تمزيق وحدة البلد بعد أن يصبح التوافق الاجتماعي أمرا غير ممكن. وعليه فان الاستجابة للأفعال الطائفية وللسياسات الطائفية بأفعال هي الأخرى طائفية يعد الخطوة الأولى للقبول بتوطين الطائفية كبديل للمواطنة وخطوة أولى لمنحها الارجحية على الوطن. لو سألني سائل, هل توافق على إسالة قطرة دم واحدة من عراقي يوصف مذهبيا بأنه (سني ) فأنني سارد دون تردد إن هذه القطرة من الدم العراقي هي أثمن عندي وأقدس من كل معممي المعمورة ومن كل أدعياء الدين... وهذا الموقف ليس شخصيا، بل هو موقف عقائدي ديني وسياسي ووطني وهو نفس الرد لو كان السؤال عن قطرة دم عراقية شيعية أو صابئية أو مسيحية, عربية أو كردية أو سواها. إن المؤكد واليقين إن الطوائفيين والعرقيين لا يهمهم مظلومية تقع على طائفة ما، بل همهم مصالح حزبية ضيقة ألبستها لأغراض سياسية بحتة ثوب الطائفة وهمها أيضا إن تنفذ إرادات وأهداف ومصالح القوى الدولية والإقليمية التي تمول وتغذي السياسات الطائفية. دخلت قوات الغزو من جنوب العراق وحصد الرصاص الأمريكي المجرم أرواح مئات الآلاف من أبناء جيشنا الوطني دون اعتبار أو تمييز لهويتهم الطائفية أو العرقية وحصد أرواح مئات الآلاف من مقاتلي البعث وجيش القدس العراقي والمدنيين دون تمييز للهوية العرقية ولا الطائفية... ثم سيطرت فيالق الغدر الإيراني وإتباعهم من أزلام الدعوة والمجلس ألحكيمي الطبطبائي وتحركت خلاياها النائمة ومرتزقتها فقتلت عشرات الآلاف من البعثيين والضباط وكوادر الدولة من أبناء الجنوب من المحسوبين على المذهب الشيعي وتم تهجير مئات الآلاف واجتثاث وإقصاء مئات الآلاف ممن أطلق عليهم الفرس وكلابهم مصطلح خونة المذهب والذين يشكلون ثقلا عدديا يوازي أكثر من نصف سكان الفرات الأوسط والجنوب.. ثم امتدت أياديهم الآثمة المجرمة لتمارس ظلمها على عرب العراق وأكراده النجباء الشرفاء من المعتنقين للمذهب السني الكريم. واليقين إن أدوات القتل والأيادي الحاملة لها كان فيها من هو شيعي ومن هو منتم إلى أعراق ومذاهب أخرى ثم تشابكت أحزاب وميليشيات الطوائف والأعراق المجرمة لتمارس ذبح العراقيين دون استثناء وتمزق نسيجهم الاجتماعي دون استثناء في عملية لا يمكن أن توصف وصفا سليما ودقيقا إلا بوصفها كعملية لذبح العراق... الوطن برمته. فلمصلحة مَن يتم ترتيب ردود الأفعال سياسيا وعمليا على أساس طائفي؟ الجواب واضح وقاطع لا لبس فيه وهو إن تشكيل ردود الأفعال على مرتكزات وأسس عرقية وطائفية هو انجرار وانقياد للسياسة الطائفية وإذعان لإجرامها وقبح أهدافها المدمرة للوطن. الطائفية والعرقية تظلم الوطن كله وتغتصب عرضه وشرفه وتهدد وجوده وما يحصل الآن في العراق ومنذ أيام الاحتلال الأولى هو ظلم للعراق يا سادة.