في جميع النظم السياسية الحاكمة في العالم ولا سيّما النظم الديمقراطية في العقود المتأخرة هناك بديهة أنه أذا ما فشلت الأحزاب الحاكمة في تنفيذ ما سبق وأن تعهدت به الى شعوبها , فأنها تتنحّى جانبا وتسلّم الأمور لمن يكون الأجدر بتحمّل المسؤولية الا في النظم الديكتاتورية التي كل همّها تنفيذ رغبات الحاكم الدكتاتور وبطانته الذين جيّروا مصالح الشعب لخدمتهم وليس العكس . سقت هذه المقدمة وشعبنا المسيحي يرى فشل من تطلق على نفسها , تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الآشورية, التي فشلت بأمتياز في أن تكون ممثلا لشعبنا المسيحي التي تبخّرَ من العراق ككرة الثلج في صيف قائظ , بفعل الأضطهادات والقتل والتهميش الذي مورِسَ بحقه بلامبالاة مكشوفة من قبل المحتل وأعوانه من الأحزاب والكتل الحاكمة , وكان مجمل ما فعلته الأحزاب والتنظيمات المنظوية تحت خيمة هذا التجمع , هو أنها كانت شاهدة زور لما يحدث لا غير, لا بل كانت سببا مباشرا أو غير مباشر للعديد من المآسي التي طالت شعبنا المسيحي بدخولهم في تكتلات وجبهات ومشاريع تقسيمية لخدمة هذه الجهة أو تلك فقط لأرضائها ولكي تنال بعض المكاسب الشخصية لا غير, رغم التحذيرات الدائمة من رجال الكنيسة الكلدانية , بأن المشاريع والمخططات التي هم ضالعون فيها والمؤدية الى تقسيم وشرذمة العراق لا تخدم مصالح المسيحيين العراقيين بأي حال من الأحوال والأنكى من ذلك أن البعض منهم كان يصرّح بغباء بأنه لديه معلومات عن المسؤولين عن أضطهاد وقتل أبناء شعبنا ورجال كنائسنا , ولكن مصالحه الفردية وأنانيته ونرجسيته أخرست لسانه !!! . لقد كانت الأحداث التي دارت يوم 212 في زاخو ودهوك حدا فاصلا لفترة سابقة تميّزت بالتقاعس والأنصراف وراء المكاسب الشخصية لمن تم تعيينهم كممثلين للمسيحيين وخاصة في منطقة الحكم الذاتي في شمال العراق والذين فشلوا بأمتياز في أن يكونوا ممثلين لأمتهم وقومياتهم , وكان خير وصف لتخاذلهم ما ورد في تصريح الناطق بأسم أبرشية زاخو ونوهدرا الكلدانية حول موقف هذه الأحزاب السياسية المخجل والمحبط للآمال حيث ورد في التصريح ما نصّه ((إن موقـف أحـزابنا السياسية حـول الأحـداث التي نحـن بصددها كان موقـفاً مخـجـلاً ومحـبطاً للآمال المعـلقة عـليهم ولا يعـدو أكـثر من حـبر عـلى الورق من خلال إستـنـكاراتهم في الصحـف المحـلية والمواقع الإلكـترونية ، فـقـد كانـوا بعـيدين عـن مجـريات الأمور وكأنها لا تخـصهم )) فشتّان ما بين موقفهم هذا , وموقف الشيخ الجليل الأب بولس حنا الهوزي الذي لم تفارقه غيرته الكهنوتية وشجاعته وهو يقترب من الثمانين من عمره ( الطويل بأذن الله ) ليكون مثالا لراعِ الكنيسة المسؤول ونموذجا لكل رجل دين في كنيستنا الكلدانية ولكل ذو غيرة ووطنية وحرص على رعيته وأبنائه , أو كغيرة الشيخ عمر بشّار آغا السندي الذي بحق سار ويسير على خطى والده المرحوم بشار آغا السندي في علاقاته المتميّزة وأفراد عشيرته ( السندي ) مع المسيحيين من أبناء قضاء زاخو منذ القدم . الأمر الوحيد الذي أستطاع هذا التجمع من النجاح فيه كان شرذمة وتقسيم المسيحيين العراقيين , فأخترعو عشرات التسميات لهم محاولين خلط الأوراق وتهميش القوميات الأصيلة و منذ الأزل ليسهل لهم السيطرة وتمرير المشاريع التي كُلِّفوا بها من قبل المحتل وأعوانه , ولقد قلنا مرارا أن تمثيل هؤلاء للمسيحيين , سوف يؤدي الى مزيد من التشرذم والهجرة , ومزيد من خسارة حقوقهم الوطنية والقومية . أنه نداء متجدد لآباء كنيستنا الكلدانية برئآستها وأساقفتها وآبائها الأجلاء بوحدة الرأي والقيادة بأخذ زمام المبادرة والعراق يدخل في مرحلة جديدة لما بعد خروج المحتل الأمريكي , والنداءات المتكررة من كافة القوى الحريصة على وحدة الكيان العراقي وأستقلاليته , ونبذ الشعب العراقي لكافة مشاريع التقسيم التي دحرتها الوطنية العراقية والتي بشّر بها المحتل تحت أية تسمية كانت , والأخذ بنظر الأعتبار للحالة المستجدّة بصعود الأحزاب الدينية وأستلامها لمقاليد الحكم في دول المنطقة , والأستجابة لدعوات الجهات الداعية لأستقلال ووحدة العراق والتعايش الأخوي بين مسيحييه ومسلميه . أن الروابط الأخوية والتاريخية بين أفراد الشعب العراقي بكافة قومياته وطوائفه وأديانه ومذاهبه , لهي من الأصالة والجذور العميقة بحيث لا تستطيع فئة ظالّة مراهقة من التأثير عليها أو القفز فوقها , أن هذه الروابط تمثّلت بوضوح في موقف عشيرة السندي الكردية , التي كان لها نفس الموقف في حماية المسيحيين الذين نجوا من المذابح التركية , وهو نفس الموقف أيضا لعشائر السليفاني الكردية في المذبحة التي تعرّضت لها فيشخابور في تموز عام 1915 أثناء الحرب العالمية الأولى , حينما حَمَتْ الناجين من المذبحة ولحين عودتهم ثانية الى قريتهم .