هكذا هي الحياة سجل نسطر على صفحاته آمالنا وآلامنا، ذكرياتنا الجميلة والمرة، نجحاتنا واخفاقاتنا فنحن من ندون الأحداث ونخرجها صفائح حسب اعمالنا. هكذا هي الحياة سجل نحذف منه أسماء أحبائنا الراحلين ونضيف له أسماء جددة، ولكن ليست كل الأسماء تحذف. فمنها من يكتب بقلم الرصاص فيهفت لونه بتقادم السنين، ومنها من يكتب بماء الذهب لاتزول لا من ذاكرة التأريخ ولا من سجل المواطنة. أسماء لماعة أشبه بكواكب تتلألأ في السماء، قد تكون بعيدة عن ناظرنا ولكن منظرها يسعدنا ووهجها يصلنا ودفئها يحمينا. هكذا كان المجاهد البطل عبد الجبار الكبيسي كوكبا دريا في سماء البطولة والجهاد. عاش بطلا ومات بطلا. لم يمنعه صراعه المرير مع المرض من مواصلة صراعه الأمًر مع قوات الإحتلال. نزاع داخلي وخارجي يصعب التوفيق بينهما الا من ملك الإيمان كله. الإيمان بالله ثم الوطن والشعب والقضية. لقد إحتضن المجاهد الكبيسي المقاومة العراقية فإحتضنته وبقي وفيا لها حتى النفس الأخير, وستبقى وفية له حتى النصر المؤزر بعون الله. وإن عبرت المقاومة الباسلة لمناضلها الكبيسي عن إمتنانها فلا تزيد في ذلك عن ثلاث كلمات لقد ( هديت، وفيت، كفيت ). في الوقت الذي تداعت فيه الهمم وسقطت فيه القيم وتراخت فيه الشيم نتيجة الغزو الامريكي الغاشم وتوالت على بلدنا الجريح الخيبات. وقام المحتل بشراء ذمم بعض الكتاب والمواقع السياسية المفلسة في سوق المواطنة. فإنه عجز عن شراء وإستمالة من تتلمذ في أبجدية الفكر الجماهيري منذ نعومة أظفاره, وصار معلما في مدرسة حب الوطن. نعم كانت بعض المواقع تخدم المحتل أو تهادنه أو تتخذ موقف الحياد من وجوده اللاشرعي على أرضنا المعطاء، لكن مواقع أخرى من بينها التحالف الوطني العراقي كانت تزلزل أركان الإحتلال كل لحظة بلا مهادنة. لأنها استوعبت طبيعة المرحلة وأدركت الإحتياجات وإستجابت للتحديات رغم شدتها. ففي الشدة يمتحن الرجال. لقد كان المحتل يعمل بنظرية ( كيف تصنع عميلا )، وكان الكبيسي وبقية المقاومين الأبطال يعملون وفق نظرية ( كيف تصنع مقاوما ). فشلت نظرية المحتل ونجحت نظرية المقاومة. لأن الحق يدوم والباطل يزول.نم قرير العين إيها البطل فقد خلفت ورائك جحافل من المؤمنين بقضيتك المصيرية وهم أهل لإكمال المسيرة المباركة.نم قرير العين إيها البطل فالمقاومة ساهرة لايغمض لها جفن حتى التحرير، وملامح النصر بادية في الأفق القريب ومحملة بالبشائر. نم قرير العين إيها البطل فقد أثبت بجدارة إن الألقاب صنيعة الرجال وليس الرجال صنيعة الألقاب.