ها قد ترجل فارس أخر من فرسان العراق والامة العربية عن صهوة جواده , فأنطلقت روحه الطاهرة الى عليين بيضاء من غير سوء , بينما عاد جواده حاسر الظهر يبحث عن فارس جديد بأنتظار نصر أكيد . أيها الناس طأطئوا الرؤوس لان روح الفقيد تأبى أن تغادركم دون أن تقبّل رؤوسكم وتضع شيئا من أكاليل الغار عليها , كي تبقى جذوة نضال أبا أحمد مشتعلة من جيل الى جيل , فلقد افنى الفارس عمره في حبكم لكنه مسيّرا في هذا الرحيل الابدي . أمشوا على مهل في حضرة شهداء العراق والامة المحتشدين اليوم في استقبال الشهم الذي تعفرت ثيابه بتراب الوطن طيلة عقود من الزمن وما مل أو ساوم يوما , وأنصتوا لهم وهم ينشدون له ( يهلال الديرة شهل غيبه ... يهلال الديره شهل غيبه ) . نعم ومن لايشتاق الى أبا أحمد ذلك الرجل النبيل النبيل الذي حمل روحه على راحة يده ومضى يطوي عقود السنين مانحا أياها بلا مساومة أو مواربة الى العراق . من يحمل ذلك العطر الابدي الذي تسربل به هذا الفارس الثائر , حتى بات هويته التي يُعرف بها ؟ ومن يدانيه في نكران الذات وهو يتخلى عن أرث شخصي فيه مافيه من الاسى والحزن الشخصي , ثم يُقبل الى الوطن ليصطف معه في أحلك ليل , في موقف تاريخي يسجل له , ويقاوم الغزو ويسجن ويبقى وفيا للنضال وساحاته حتى الرمق الاخير؟ كان رمحا من رماح العراق والامة موجها ضد الاعداء والوصوليين والانتهازيين , وكان عمود مسك ينثر وهجه وفكره في أرجاء العراق والوطن العربي . وبرحيله تيتم الكثير من المناضلين الشرفاء , وخلى مقعد بارز في ساحات النضال . كان مثالا نادرا في المعارضة الوطنية الشريفة التي تصطف مع الوطن حين تحين ساعة محنه , مشيحا بوجهه عن كل منصب , بعيدا عن حسابات كم يجب أن يُدفع له من ثمن لقاء موقف , لانه كان يؤمن بأن الشماتة بالوطن خيانة عظمى , وأن بيع النضال جريمة كبرى , وأن التاريخ لايُكتب بالهرولة خلف دبابات الغزاة بل بالمقاومة . كانت معركته الكبرى هي أعلاء قامة الوطن , وأن الخلافات السياسية برغم كل مراراتها تبقى أجتهادات في محبة الوطن , لذلك طواها جانبا وأطل بوجه على الوطن رغم كل التحذيرات التي قالها له البعض من معارضات لندن وباريس وواشنطن حينما حاولوا ثنيه عن الاصطفاف مع العراق . لكنه أثبت لهم بأنه مناضل عنيد تهفوا اليه ساحات العراق الجريح , بينما تهافتوا هم على سرقة الوطن وتقطيع أوصاله وبيعه الى القوى التي كانوا يقتاتون على موائدها . وشتان بين الذي يرخص روحه ودمه الى الوطن وبين من يرخص الوطن على مؤائد اللئام . سلاما عليك أبا أحمد من سهول العراق وجباله وأهواره وغربه وشرقه وشماله وجنوبه ... سلام عليك من رجاله ونسائه وشبابه وأطفاله ... سلام عليك من نخيله وصفصافه ونهريه ... سلام عليك من كل رفات شهدائه ومحبيه ... سلام عليك من مل ذرات ترابه الطاهر . نم قرير العين ياعبدالجبار الكبيسي فمازال هنالك الكثير من هم على أستعداد لحمل رايتك التي هي راية الوطن .