صعقت, عندما وصلني خبر رحيل المناضل عبد الجبار الكبيسي, لأني لم أكن أعتقد أن أبو أحمد سيغادرنا بهذه السرعة, ووطنه مازال يرزح تحت الاحتلالحاولت الاتصال بأسرته لتقديم واجب العزاء, ولكن أحداً لم يرد على الهاتف, وتحاشيت ـ صدقاً ـ الاتصال بهاتفه المحمول. وسارعت بالأتصال بالصديق المناضل عوني القلمجي, وقمت بواجب العزاء للمناضل الراحل أثر طيب في نفسي. وأذكر يوماً في أحد لقاءاتنا بباريس, عقب الاحتلال انه قال لي وهو متألم:"هل تعرف ان الكثير من الرفاق البعثيين في العراق باعوا بيوتهم ومنازلهم. لدعم المقاومة, وماذا قدم الذين خارج العراق لهم؟!وهل تعرف ماذا يعني عندنا بالعراق ان يبيع أحدهم منزله"!؟ كانت بيننا أحاديث طويلة, وللحقيقة والأمانة كنا نختلف أحياناً ببعض الأمور, ولكن على صعيد الرؤية الوطنية والقومية, لم يكن هناك اي خلاف. كان أكثر ما يغيظ الراحل ويثير سخطه الاحتلال وعملائه. وكان يردد: هذا العراق العظيم يحكم من الاجنبي و أقزامه العملاء...وهو الذي ذاق مرارة الأسر والاعتقال على أيديهم المحزن لي أكثر, أن خبر الرحيل, أتاني بعد أن شاهدت بأم العين رفع علم فلسطين بالحديقة الجانبية لمبنى اليونسكو الرئيسي هنا بباريس. كنت مغتبطاً لرؤية علم فلسطين الغالية وهو يرفرف عالياً..ولكن..الخبر الحزين وصلني بعد قليل .. يا لمفارقة القدر أتقدم من أسرته الكريمة وأصدقائه ورفاقه ومحبيه ـ ومن الصديق أبو عمر مجدداً ـ بأصدق التعازيإلى جنان الخلود يا أبا أحمد ... وان المقاومة العراقية منتصرة بإذن الله..و يعود عراقنا حراً عربياً أبياً ولاحول ولاقوة إلا بالله