تستمد الامم والبلدان الحية مقومات كيانها من ماضٍ مشرفٍ وتاريخ مشرقٍ وحاضرٍ مكافح والعراق واحد من هذه الامم ، إذ أنه أمتاز بمجموعة كبيرة من الخصائص التي يكاد ينفرد فيها دون سواه من الدول أو الامم على وجه البسيطة ، فهو مهبط العديد من الديانات السماوية ومستقر للكثير من أنبياء الله والصالحين من أهل الصلاح والرشد والفلاح ومهند حضارات عدة . ولكي لا ندخل بتلك التفاصيل سأعرج على مناقشة وطرح حقائق يلمسها الجميع سواء المؤيدين للوضع الجديد أو الرافضون له ( المقصود بوضع العراق في مرحلة الاحتلال وما أعقبه من أحوال وأوضاع بانت في بنيته السياسية والاقتصادية والعلمية وسواها من الاحوال أضافة لما أستجد فيه من بنى تحتيه لم تكن موجوده في زمن الحكومات الوطنية وخصوصاً الحكومة الاخيرة التي استفادة كل الاستفادة في إرثها مما بنته الدولة العراقية التي هي تربعت على عرش ثمارها وسرقت الكثير من انجازاتها لا بل بددت الكثير جداً من براءات اختراعاتها ) . ورثت حكومات الاحتلال التي تعاقبت على حكم العراق إرثاً حضارياً راقياً في كل المستويات والافاق التي تهم الدولة وكيانها ، إذ أن العراق كاد أن يتخطى ما يُسمى عتبة العالم الثالث لما حصل فيه من متغيرات جوهرية رائده على كل الاصعدة الحياتية والسلوكية والتربوية والصحية والعلمية وغيرها من الانشطة الفعالة والكفؤة ، سَنُُتَهمُ بالدفاع عن وضع انتهى وتبدد كما يصفه المغرضون الحاقدون على العرب والعروبة ولكل ما يمت لهما بصلة ، ولكن سيتم عرض مجموعة من حقائق موجودة على أرض الواقع لا زالت شاخصة لحد اللحظة استفاد منها أشباه الحكام الجدد الذين يسروا وسهلوا كل السبل والطرق لوصول المحتل لأسوار بغداد المجد والعز ليستبيحوا عذريتها في اسوأ صورة وأقبح ممارسة يمكن تخيلها . لنبدأ بوزارة الداخلية وبمن تولى صدارة الامر فيها في الايام الاولى من الاحتلال . نستعيد شريط الذاكرة فيها ونعود بها للشخص الذي ظهر على شاشة التلفاز في الايام الاولى من الاحتلال وهو يعتمر قبعة مدنية ويتباهى بكونه أعاد تشكيل الشرطة ( الوطنية ) في فترة قياسية ، إنه أحمد كاظم إبراهيم البياتي ، شخصية معروفه من قبل جميع منتسبي الشرطة في بغداد خصوصاً وبالأخص جماعة الفروسية في هذا السلك ، يكفيه عاراً أن له ماضٍ غير مشرف لا من ناحية السلوك الشخصي الاخلاقي ولا المهني ، كان برتبة مفوض شرطة تم ترقيته لرتبة ملازم شرطة بدورة تأهيلية ولسوء سلوكه وأخلاقه الغير سوية وثبوت سرقته أحد الخيول وبيعها تم طرده من سلك الشرطة (( وهكذا أصبح الرجل متضرراً من النظام السابق )) ،أُُعيد إلى سلك الشرطة من قبل المحتل الامريكي ورقي إلى رتبة فريق (( وهذه سابقه لم تكن موجوده في سلك شرطة العراق من قبل ، إذ لم تكن رتبة فريق متداولة في هذا السلك ، ولكن لدوره المتميز في خدمة السيد الجديد منح هذه الرتبة )) وأسند له منصب الوكيل الاقدم للوزارة ، وزيادة في الاكرام لخدماته الجليلة منحه هوشـ يار زيباري درجة دبلوماسية ( وزير مفوض ) وهذه طامة كبرى في العرف الدبلوماسي يعرفها منتسبو هذا السلك من الشرفاء والغيارى ، ولعل من أقبح فضائحه المشينة بعد تلك المعروفة من الجميع ، فعلته الأثيمة التي استنكرتها صحف عراقية عديدة وهي إقدامه خلال زيارة له الى الكويت بالانحناء وتقبيل علم أسياده في العمالة آل الصباح مما أثار مشاعر العراقيين وغضبهم ، زيادة في الامعان كافئه المحتل بتعينه ممثلاً للعراق في الامم المتحدة ( يوم كان يمثل العراق خيرة الرجال من العقليات الناضجة والسلوكية السوية والمهنية العالية والشهادات العلمية الموثقة والانتماء الوطني والخبرة العالية المتأتية بالتدرج الوظيفي في السلك الدبلوماسي كأمثال السادة نزار حمدون و عبد الامير علي عمران الانباري و محمد أكرم الدوري ممثل العراق الاخير في الامم المتحدة ) . يَلي تلك الشخصية الكارتونية الهزيلة تسمية شخصية أكثر حقداً على العراق وعروبته ومصالحه الوطنية هو حامد البياتي إيراني الأصل اسمه الحقيقي عادل اصفهاني ( تكريماً لدوره الخياني السابق إذ أنه كان مساعد الناطق بـ اسم محمد باقر الحمير قائد فيلق الغدر في إيران الشر والحقد المجوسي و صاحب شهادة الدكتوراه المزورة والتي اصبحت معلومة من قبل الجميع ، والقبيح من الامر أنه أعترف لصاحب المعالي الهالكي بقبح عمله وسوء فعلته تلك ، مبراً أن منصبه يحتم عليه تلك التسمية ووعده بأنه سيحصل على هذه الشهادة بالقريب العاجل ، لكن إشلون ؟... الله العالم !!! ) ، (( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ )) الآية 9 سورة الزمر . يُستكمل المسلسل المأساوي ليتولى الدبلوماسية العراقية شخصية مسخة معروفه على مستوى الخارجية العراقية أيام الحكم الوطني من انتهازية ووصولية ودونية في الاخلاق والسلوك ، إنه الـ هوشـ يار محمود محمد زيباري الذي فرضه الواقع الطائفي الجديد الذي حل على العراق فيما يسمى بالتوافقات السياسية لأحزاب السلطة الحاكمة اليوم تحت ظل الاحتلال وحمايته ، لو عدنا بالذاكرة إلى سنوات خلت وأسماء طرزت أعمالها وتركت بصماتها في تاريخ العراق المجيد أمثال ناجي طالب وهاشم جواد وتوفيق السويدي كوزراء خارجية كانوا في حكم العراق يوم ما ، يقف لهم العراقيون إجلالاً واحتراماَ وتقديراً لما قدموه من عمل متفاني صادق مخلص في الحفاظ على مصالح العراق الخارجية في المحافل الدولية ، ولا يمكن لنا أن ننسى وزراء العهد الوطني مثل الاستاذ ناجي صبري الحديثي أو من سبقه في هذا الموقع المهم في دولة العراق الوطنية قبل الاحتلال . أشلون هاي دبرته أستاذ هوشـ يار ولزمت الكتاب بالمقلوب لتقرأه ؟ لكن هي عين الحقيقة الواقعية فالأمور صارت كلها في زمنكم بالمقلوب . كان الدبلوماسيين العراقيين في زمن قبل الاحتلال يَحضون بالإجلال والاحترام من لدن الدول التي يُمثلون العراق فيها للخلق الرفيع الذي يمتازون به والثقافة المعهودة فيهم والتخصص العلمي والمهني الذي يُجيدونه وليس كما أصبح اليوم من تلك النماذج التي أصبحت نشازاً في البيئة الدبلوماسية لما تحمله من انحطاط خلقي وسلوكي وبذاءة في السلوك والتصرف والممارسة وعدم النزاهة وانعدام الخبرة وضعف الاداء ، لنا في هذه الصورة خير شاهد ودليل ، إذ أنها شغلت منصب سفير العراق في مصر يوماً ما ، أي إنها محسوبة على الدبلوماسيين العراقيين : كانت السياسة الدبلوماسية العراقية في العهد الوطني من النجاح بمكان ، فكان يَدعوا العراق لعقد مؤتمر فيُجاب ويحث على حضور فَيَقدُم من يُلبي النداء ويقول فيُسمع قوله ويُؤيد رايه ، مما لا شك فيه سَيُفَسَر ما نكتبه دفاعاً عن ماضٍ عاشه شعب العراق وأصبح اليوم يحن أليه بحق وصدق لما لمسه اليوم من واقع مأساوي في حياته العامة والخاصة وعلى كافة الصعد ، أصبح اليوم يشهد القاصي والداني من أصحاب الألباب بنزاهة ومهنية موظفيه ومن كان يمثل العراق في خارجه وحرصهم على المصالح الوطنية للعراق واستماتتهم في الدفاع والذود عنها وعدم التفريط بأي منها مهما كان صغيراً أو يحسه البعض بسيطاً ، فأين اليوم من ذاك الذي مضى بالأمس القريب ؟ أستطاع العراق فيما مضى من ايام خلت من التأثير في الواقع العربي والاقليمي والعالمي من خلال دبلوماسيته الناجحة والموفقة اضافة لتأثيره في مجموعة الدول الاسلامية والمؤسسات الدولية الاقليمية ، السؤال الذي يصبح ملحاً في هذه اللحظة ما هو تأثير العراق السياسي والدبلوماسي في دول المنطقة أو العالم ؟ سأترك الاجابة لفطنة وذكاء ونباهة المدافعين عن النظام الحالي . أقول وإن شاء الله تعالى في الغد القريب مغير الحال لما فيه خير العراق وشعبه الكريم لما فيه من رجال أُُصلاء فرسان صناديد تواصواً بالحق وتواصوا بالصبر يشد أزرهم الماجدات من شعبه . إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَروَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـروَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَـاةِ تَبَخَّـرَ في جَوِّهَـا وَانْدَثَـرفَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الْحَيَاةُ مِنْ صَفْعَـةِ العَـدَم المُنْتَصِركَذلِكَ قَالَـتْ لِـيَ الكَائِنَاتُ وَحَدّثَنـي رُوحُـهَا المُسْتَتِروَدَمدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجَاجِ وَفَوْقَ الجِبَال وَتَحْتَ الشَّجَرإذَا مَا طَمَحْـتُ إلِـى غَـايَةٍ رَكِبْتُ الْمُنَى وَنَسِيتُ الحَذَروَلَمْ أَتَجَنَّبْ وُعُـورَ الشِّعَـابِ وَلا كُبَّـةَ اللَّهَـبِ المُسْتَعِـروَمَنْ لا يُحِبّ صُعُودَ الجِبَـالِ يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر ولنا في التربية والتعليم شاهد آخر ودليل ، برغم الحصار الظالم المأساوي الذي تسببت به نفس الوجوه الخائبة الكاذبة التي تقلدت مقاليد الامور اليوم بعد أن قدمت بالمحتل الأمريكي ومهدت السبل للاحتلال الفارسي المجوسي ، وصل التعليم إبان الحكم الوطني للعراق إلى مستوى راقٍ من الكفاءة والاداء المهني في اساليب تعليم حديثة ومستلزمات تدريس يستلمها الطالب بالمجان من قرطاسية وكتب دراسية منذ اليوم الاول لبدء الدراسة وبنايات مدارس فيها وسائل الراحة وتسهيلات التعليم والتدريس مبنية وفق خرائط معتمدة حديثة ومؤثثة بكل المستلزمات الضرورية للعملية التعليمية من مقاعد وسبورات كتابة ومختبرات والاهم من ذلك أساليب التعليم والتدريس المتوافقة مع العلم الحديث وأساليب التربية والتعليم لنظريات التعليم الحديثة والمعتمدة في العديد من دول العالم ، كانت العملية التربوية من النزاهة بمكان الامر الذي أدى لأن تكون الشهادات العراقية مقبولة ومعتمده في كل دول العالم وجامعاتها ، أصبح العراق خالياً من الأمية بعد أن أصبح التعليم إلزامياً للمرحلة الابتدائية وميسراً لبقية المراحل الدراسية امتداداً للدراسة الجامعية ، وما كل ذلك ببعيد عن مواطني وشعب العراق بمختلف شرائحهم وانتماءاتهم السابقة واللاحقة ، نعم واللاحقة لانهم حقاً هؤلاء يعترفون كما أعترف فرعون بربوبية رب العزة والجلال يوم تداركه الغرق بأن الله حق فهؤلاء اليوم يعترفون بأن الذي يعيشونه في ظل النظام الجديد ما هو الا العبودية بعينها والتراجع بأصدق صوره وأشكاله إلى عهد ما قبل الصناعة في العالم . من عينات وزراء التربية في عهد الاحتلال مله خضير موسى جعفر الخزاعي ( قيادي بارز في حزب الدعوة ـ تنظيم العراق الذي يتزعمه كريم العنزي يحمل الجنسيتين الايرانية و الكندية ) . شهدت وزارة التربية في عهده اسوأ مراحل تاريخها ، معروف بالنهج الطائفي المتشدد ، من الممارسات التي لا يتمكن من نسيانها قراءته ( المقتل الحسيني و المحاضرات الحسينية ) في حسينية افتتحها ابراهيم الاشيقر الباكستاني رئيس الوزراء السابق في المنطقة الخضراء , كان يمارس العمل نفسه في كندا في ( حسينية البدون ) قبل أن يقدم إلى العراق ملتحقاً بركب الاحتلال ، يتهم بأنه يحمل شهادتي دكتوراه وماجستير مزورتين جلبهما من ايران او الهند , تخصص في التفسير ( حقيقة اختصاص نادر وفريد ويحتاجه العراق في أزمته العلمية الحالية !!! ) ولمن ولاء هذا الوزير ؟ الصورة هذه هي التي تخبر وتقول : أما إنجازاته في مجال التربية والتعليم فهي متعددة وكثيره وسأترك الصور تتكلم عوضاً عن الكتابة ففيها البليغ من الايضاح هذا حال وزارة التربية والتعليم في عراق ما بعد ( التحرير ) ، في بلد أصبحت وارداته عشرات المليارات من الدولارات ولكن لا يحظى شعبه بما يستحق من خدمة التعليم ، تم إلغاء دروس الوطنية من التعليم والكثير من مواضيع التاريخ الاسلامي ضمن مادة التاريخ ، فبد أن كان الطالب يتعرف خلال مراحل دراسته على شخصيات إسلامية لها تأثيرها في التاريخ وشخصيات وطنية لها حضورها الفاعل في رسم واقع العراق ، أصبح اليوم يدرس فيما يسمى مظلومية آل البيت وعملية اغتصاب آل أمية للحكم الاسلامي من مستحقيه و سيرة الصدرين الاول والثاني ومجموعة من الشخصيات التي لها تاريخ أسود في واقع العراق كمحمد باقر الحمير وعبد العزيز الحمير وشلتيهما ، والادهى والامر أصبح اليوم يمارس أيقاع وأسلوب اللطم فيما يسمى المآتم الحسينية ، ستخرج الطالب من مرحلته وهو لا يعرف من العلم شيئا غير أحقاد طائفية وتأصيل حقدي ضد شعبه ومواطني بلده . هذا العراق الجديد الذي صنعته أمريكا ورديفتها إيران . سأكتفي بهذا القدر في الجزء الاول من هذا الموضوع على أمل التواصل عبر الجزء الثاني منه إذا أمد الله تعالى بعمرنا .