المتعلقين بوهم التحرير الأمريكي والمطبلين له ، والساعين بصورة أو أخرى لإيهام أبناء شعبنا بحصوله على حريته وتحرر وطننا من الاحتلال كما يزعمون من حقنا القول ، عن أي تحرير تتحدثون والبعض راح متعجلا ليطلق عليه عيد تحرير { عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ***** بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ } رحم الله المتنبي قائله ، ففي اللغة ..تحرير الرقبة : عتقها ، وحرره : أعتقه ، بالله عليكم أرشدونا أولا عن عدد الرقاب التي أعتقت من ظلم الاحتلال وخدامه ، وعن أعداد المحررين إن وجدوا قياسا لمن شملتهم عمليات الدهم وإلقاء القبض التي أطلقها عملاء المحتل ممن عينهم للإنابة عنه في إدارة شؤون الوطن بما هو يريد وليس بما يريده العراقيين، والتي طالت المئات من أبناء شعبنا الصابر بتهم شريفة تضيء جبين أي وطني لا لشيء إلا كتم أفواه المنادين بحرية وطنهم واستقلاله وإخراجه من دائرة النفوذ الأجنبي أمريكيا كان أم إيرانيا أو غيرها من الجنسيات غير الجنسية الوطنية العراقية المستقلة عن أي تأثير مخرب للوطن وأهله ، وعن أعداد الأبرياء الذين ما زالت تغص بهم سجون العملاء الرسمية وغير الرسمية من دون التحدث عن أعداد المفقودين أو من هجروا من ديارهم قسرا وسرقت ممتلكاتهم ومنع عليهم العودة لوطنهم بفعل قرارات المحتل وإجراءاته السارية المفعول ليومنا هذا أم لسوء ما ينتظرهم حال عودتهم إليه تسديدا لحقد من يؤمن بسطوة بعض دول الجوار وحقها في إدارة الشأن العراقي ، ولربما هناك من يقول أن هذا الجرد البسيط غير داخل في مصطلح التحرير ، وهنا نسأل ، فهل يا ترى هناك يقينا مسبقا أن عملاء الاحتلال سيعمدوا إلى تسيير دفة الأمور في العراق وفقا لرغبة أبناءه الشرفاء ووفقا لمشيئتهم في أن يكون العراق هو العراق قاعدة الحرية والعدل للإنسان في العراق وغيره وهل تيقنتم من استقلال وحرية القرار العراقي القادم في ظل سلطة وجدت من رحم الاحتلال أكان القرار سياسيا أم اقتصاديا أم اجتماعيا وغيره التي ستقدم عليه ذات العناصر والأحزاب والعناوين ممن مكنوا المحتل من تدمير البلاد والعباد ، وممن راهنوا عليه أولا وأخيرا في الوصول إلى مبتغاهم الشخصي والتمتع بسلطة وان كانت على حساب ما جرى للعراق وشعب العراق وتسيير دفة الحكم فيه وتسخيره بالكامل خدمة للأهداف التي جاء المحتل من اجلها ، ولكم أيها المرجفون الجاهلون نوجه القول ،بأي منطق نعد انسحاب بعض من القطعات العسكرية الأمريكية من بعض المواقع والقواعد الخاصة بها في العراق انسحابا للاحتلال، وكأنه فات علينا قاصدين أن الاحتلال بشموليته التي فرضت على ارض الواقع في العراق هو ليس مصطلحا يمكن مناقشته وإيجاد الذرائع لتأكيد صدقية حدوثه من عدمه ، بل هو واقع أليم ارتبطت به اشد الأحداث حزنا على مستوى الفرد والمجتمع العراقي ، وان بقاء أي مظهر من مظاهر هذه الأحداث المأساوية هو استمرار للاحتلال وديمومة له بصرف النظر عن الصيغ المعدة لتقبل هذا الهراء ، ويعلم الجميع علم اليقين ، كم هي كلفة احتلال العراق في الجانب المادي والمعنوي والسياسي للولايات المتحدة الأمريكية كدولة وحكومة وشعب ،ولم تكلفت الإدارة الأمريكية حجم هذه الكلف المهول ، كي نأتي ومع احترامنا وبكل سذاجة الجاهل بالأمور وندعي أن التحرير تحقق بفعل هِبة أمريكية ولنعطي لتاريخ الجلاء المفترض اسما( يوم الوفاء ) لا يمكن أن يتوافق والهم الوطني أو الشخصي لا من قريب ولا من بعيد ، وهنا يبرز السؤال الفيصل وهو بأية ترتيبات انسحبت هذه القطعات إن افترضنا أنها تعبيرا عن تحرير الوطن ، هل تم التفاوض مع القوى الوطنية الرافضة للاحتلال والتي لم تعترف بها أصلا الإدارة الأمريكية عادّة ًالكثير منها والأشخاص المنتمين لها ضمن الإرهاب والإرهابيين ، وهل عوض الوطن والشعب والفرد العراقي عن ما أصابهم جراء الاحتلال ، هل ألغيت كل الإجراءات والقرارات المدمرة للبنى التحتية وللمجتمع التي قام بها واتخذها المحتل وسلطة المحتل في العراق ، هل سحب المحتل عملاءه أذنابه الذي عول عليهم في ذبح العراقيين وان يكونوا له الواجهة غير المباشرة في إدارة البلاد لصالحهم ، هل تم سحب الشركات الأمنية التي هي الوجه الآخر للاحتلال أم تم تقليص حجم وعدد العاملين في السفارة الأمريكية ببغداد أم الغيَّ وجود المستشارين الأمريكان في أكثر من مكان في مؤسسات الدولة الرسمية ، وغير هذا كثير مما يؤكد عكس ما ذهبتم إليه ، وليؤكد إن الاحتلال قائم وان اتخذ أشكالا وصيغا أخرى ( منها الظاهر ومنها الباطن )، وان كان لنا أن نتعض ونفتخر فان الفعل الوطني المقاوم وترقية أداءه وتنمية مفرداته بما يتوافق والشكل الذي سيلجأ له المحتل كبديل ظاهري يسعى إقناع الداخل الأمريكي أولا ، وليسحب البساط من تحت أقدام الفعل المقاوم بإيجاد عناصر وأصوات ضغط جماهيرية تعيق العمل الوطني وتوفر أداة جماهيرية تخدم بالمحصلة أهدافه( المحتل ) ونواياه هو الخيار الرئيس في استمرار نهج المقاومة والجهاد ، وكما بدأنا نسمع من ترويج عقيم عن انجاز التحرير وما يفترض أن يترتب عليه من وقف العمليات الجهادية ، وعن ضرورة ترتيب البيت العراقي وفقا لما تقتضيه المصلحة الوطنية ،طالما أن خروج المحتل قد تم وان ( تحرير الوطن ) أصبح قائما ، نقول لمن تهمه فعلا مصلحة الوطن وليس غيرها ، أن لا يمكن أن ترتبط مصلحة الوطن والمواطن العراقي بأية درجة كانت وبأي شكل من الأشكال مع مصالح المحتل أو مع مصالح من كان سببا فيما آلت له الأمور ، أكان ذلك بشكل مباشر أم غير مباشر ، وان بناء العراق لا يمكن أن يتم إلا على أسس سليمة تراعي حاضر ومستقبل الوطن وتتجنب كل العثرات التي حلت بالعراق وبفعل فاعلين لم يدركوا حجم ما سببوه من أذى للوطن لحد هذه اللحظة ، وما زال البعض منهم ينظر بعين الرضا لما تم من هدم وتقتيل واستباحة أعراض وأموال وحرمات عادا إياها من ضرورات التحرير ، والأخطر من ذلك لازال تصرف هذا البعض رهينة املاءات ومصالح لا تمت للوطن بأية صلة ومصدرها خارجه ، وكي نتجنب استمرار المآسي التي عانى منها العراق وشعبه العظيم في تاريخه الحديث وتحديدا منذ ثورة تموز 1958 ، لا يمكن إلا أن يتم وفق مبدأ إدانة الاحتلال الذي حصل وكذلك إدانة كل الخروقات التي حدثت للفرد والمجتمع العراقي من أية جهة تسببت بها أو لجأت إليها خارج الأطر الإدارية أو القانونية أو الاجتماعية ، وان يعاد رسم السياسة الداخلية للعراق وللأحزاب التي تتدعي تمثيلها للشعب العراقي وطنيا صرفا لا هامش فيه لأي من التدخلات الخارجية مهما كانت أو تلحفت بأي غطاء ، وان كان البعض لا زال متشبثا بالوطنية كغطاء لكل ما جرى ، فليعلم أن المصلحة الوطنية وكأسبقية أولى تقضي :الفرز الواضح بين مرحلة الاحتلال ومظالمه ، وبين المسعى لحكم وطني يؤسس لبناء عراق جديد يتجاوز فيه الشعب والمجتمع كل الآثار السلبية التي صبغت الحياة السياسية في تاريخ العراق الحديث سواء في ظل الاحتلال الأمريكي الغربي البغيض والمدعوم إقليما أم ما أفرزته العملية والمسارات السياسية للحكومات والأحزاب والحركات العراقية منذ ثورة تموز 1958 وما تلاها .تحقيق إجماع وطني واضح لا لبس فيه يوثق ويأطر حاجات المجتمع العامة الآنية والمستقبلية يكّون مرجعية وطنية عامة تلتزم بها جميع الجهات التي تدعي وتعمل من اجل الوطن والمجتمع ، وتكون ملزمة للجميع وأي خروج عنها يعد خروجا عن الإجماع والحالة الوطنية ، يجابه بكل الاستنكار والرفض الشعبي والمؤسساتي ، وقطعا لا يمكن لمثل هذا الإجماع أن يحضى بالقبول والتبني الوطني إن لم ينبثق عن إرادة شعبية وطنية صادقة توفر لها كل مناخات الحياد والموضوعية ، وتوفر الحرية لزاما للإفراد والتجمعات التي تساهم به .من نافلة القول أن الوضع الراهن في العراق لا يتوفر على أية درجة من درجات الحرية والحياد فيما اشرنا إليه أعلاه ، وبالتالي وكما قلنا فان الفرز بين مرحلة الاحتلال ومرحلة التأسيس لحكم وطني لا يمكن إلا أن تراعي فسح المجال لمجيء حكومة تكنوقراط تقود السلطة من أشخاص معرّفين بوطنيتهم ومهنيتهم أولا ويسعون جاهدين خدمة للوطن ( هنا نفترض وحسب ما يردده البعض كما كلف به إن الوطن قد حقق حريته ) ، لفترة مرحلية تكون كافية لانجاز متطلبات تحقيق الإجماع الوطني في ذات الوقت الذي تسيير به شؤون البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها وفقا للإطار الوطني العام وبمعزل عن أية تأثيرات خارجية من أي جهة أتت . انجاز الإجماع الوطني وتحقق إقراره وطنيا هو الفيصل في حاضر ومستقبل العراق ، وهو عنوان البدء بمرحلة جديدة يكون الشعب هو الحاكم وهو المراقب وهو المسير لدفة الحكم بجميع أوجهها ، ومن خلال هذا الإجماع وما جاء ببنوده يتم اختيار نوع الحكم والحكومة التي تنفذ طلبات المجتمع على أسس من الوطنية والعدل والحرية أو غيره مما اختاره الشعب ، فهل في ظل الظرف الراهن يحدث هذا ، أ حلم هذا الذي نقول ، أم إن الاحتلال قد غادرنا وعلى سدة الحكم أناس لا تهمهم غير مصلحة العراق ، سيكونون سباقين وبالتنسيق الفاعل المجرد عن أية أنانية مع القوى الوطنية الرافضة للمحتل لانجاز ذلك وبوقت قياسي ، أم آن العصفور قد ضاع كما قبله الخيط ضاع ،ولمن الباع ، أ للمحتل البغيض وأعوانه أم لشعبنا المعطاء ، لنا الهمة والعزم يا شعبنا يا من لحرية وطنه تواق ، ولن يغمد السيف بإذن الله دون حرية العراق .