عندما تحدث ما يسمى بوزير حقوق الإنسان في العراق وهي وزارة أشبه ما تكون بالمزحة الثقيلة في العراق المحتل عن منظمة مجاهدي خلق واصفا أياها بمنظمة إرهابية على مستوى الأتحاد الأوربي والعالم. وإن وجودها غير قانوني في العراق، ويتنافى مع الدستور الجديد الذي لم يفطم بعد من قبل الأحزاب الطائفية المتناحرة رغم إن عمره تجاوز السبع سنوات. بررنا كلامه لأنه ببغاء يقف على كتفي الولي الفقيه في إيران شأنه شأن بقية الرهط العميل. وربما الفساد الإداري والمالي والأخلاقي في وزارته المنتهكة فيها حقوق الإنسان لم توفر له الوقت الكافي ليطلع على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والصكوك الدولية كالعهدين الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والآخر الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، وإتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين، بل حتى على الدستور العراقي الملغم كائفيا وعنصريا. ولاشك إن من يموت ضميره مع مواطنيه لايمكن أن يصحو مع غيرهم. وعندما تحدث النائب عباس البياتي عن المنظمة مؤكد بأن" قرار الحكومة بغلق معسكر أشرف لا رجعة عنه، وهو قرار نافذ وسيتم تنفيذه، وتم إبلاغ الأمم المتحدة والإتحاد الأوربي بذلك". متجاهلا تصريح (ستروان ستيفنسن) ممثل البرلمان الأوربي للعلاقات مع العراق الذي وصف مذكرة ما يسمى بحكومة العراق بشأن إغلاق مخيم أشرف بأنها" بمثابة إعلان حرب من قبل الحكومة العراقية على الأمم المتحدة ودعوة قتل صريحة لسكان أشرف" محملا الأمم المتحدة وإدارة الغزو مسئولية وقف الإنتهاك الصارخ لحقوق الإنسان وإتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين. الملفت للنظر هو ما تمخضت عنه عبقرية البياتي من حلول مثيرة لمصير سكان أشرف وسنستعرضها بإختصار. أولهما: رجوع الأشرفيين الى إحضان الولي الفقيه ليقدم لهم أقضل أنواع المشانق بحبال ذات مواصفات عالمية. ولم يشرح لنا البياتي وربما- لم يشرح له الله صدره- المفعم بالحقد والغل فيما إذا كان هو ورديفه وزير الحقوق المنتهكة سيكفلان أرواح الأشرفيين في طهران؟ سيما إن شرارة إيذائهم طالتهم وهم في العراق، وطالت أيضا عوائلهم في إيران حيث قدمت الكثير من الشهداء والسجناء! ثانيهما: أن تستضيفهم دولة اوربية ثالثة! ولا نعرف ما يقصد بدولة اوربية ثالثة؟ وماهي الدولتان الأوربيتان قبل الثالثة؟ اللهم إلا إذا كان يقصد بهما العراق وإيران! ويبدو إن البياتي نسى نفسه كنائب فشل في تحقيق اصوات تؤهله لدخول البرلمان لكن أسياده في إيران أمروا المالكي بدعمه, فهو من العبيد المميزين لخدمة أسياده, وله سجل مفعم بالغباء السياسي والطائفي. هذا الداهية فتح للأشرفيين أبواب اوربا دون أن يسترخص اصحاب الدار كأن اوربا ضيعة لآل البيات وليس دول لها سياداتها! وهذه خطوة لا يجرؤ عليها الأمين العام للأمم المتحدة وليس بهلوان في سيرك برلماني يمثل نفسه. كما إن البياتي ليس برئيس كتلة برلمانية ولا رئيس برلمان ليتحدث بهذه الصفة. من جهة أخرى فهو كنائب لايجوز له أن يتحدث بإسم الحكومة وينهب صلاحيات الناطق بإسمها. وهذا التداخل المستمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يؤكد بأن الطرفين لا يفهمان حدود الصلاحية ونطاق المسئولية. أما الحل الثالث: فهو الأكثر إثارة حيث تفجرت عبقرية البياتي كالبركان دون سابق إنذار لتكتسح حدود المنطق والتعقل، وهو أن تفكك الحكومة العراقية المعسكر وتوزع الأشرفيين على المحافظات العراقية! لكن البياتي لم يحدد حصة كل محافظة وهل ستكون المحافظات الشمالية من ضمنها؟ وهل أخذ موافقة البرزاني والطالباني ورأي المحافظين ومجالس المحافظات طالما كل منهم واليا مستقلا بحد ذاته! أما عن طريقة تعامل الحكومة معهم فهي تدل على ظرافة البياتي، فبعد عملية التوزيع سيتم التعامل معهم بشكل منفرد, بمعنى إن عناصر فيلقي القدس وبدر وجيش المهدي وعصائب أهل الحق وبقية الميليشيات الإرهابية ستتولى تصفيتهم بطريقة هادئة كما فعلت مع الطيارين وكبار القادة العسكريين والعلماء أو تصدرهم إلى ولايتي قم وشهد عبر الحدود ليقبل جبينهم. بلاشك إن هذه الأفكار الضحلة تعكس المستنقع الفكري الذي عاشت فيه هذه الطفيليات الصفوية الضارة، لذلك ليس غريبا أن تتسمم أفكارهم وتتفحم ضمائرهم وتتيبس شفاهم عن قول الحق. هل يجهل حقا مفتي البرلمان النجيفي وصاحب دولة القانون وأزلامهم من شاكلة البياتي ووزير حقوق الإنسان بأنه صدر(16) قرارا دوليا من قبل المحاكم الأوربية ترفع صفة الإرهاب عن منظمة مجاهدي خلق؟ وإن دول أوربية كبرى إعترفت بالمنظمة كمعبر حقيقي عن آمال وتطلعات الشعب الإيراني؟ وهل هذه التصريحات الكيفية تعكس حقيقة ما عبر عنه وزير حقوق الإنسان" نتعامل مع ملف إشرف من جانب إنساني"! إذا كان هذا هو جانبكم الإنساني فما بالنا بجانبكم غير الإنساني؟ وإين صاحب متجر حقوق الإنسان من الحصار الغذائي والدوائي والنفطي المفروض على الأشرفيين منذ سنوات؟ ناهيك عن الضغوط النفسية والحرب الاعلامية والإزعاج اليومي لهم من خلال مكبرات الصوت-(300) جهازا يحيط بالمعسكر من كل الجهات- ولايتوقف صخبها نهارا أو ليلا؟ وكيف يرتضي راعي حقوق الإنسان بمنع المنظمات الدولية وغير الحكومية والإنسانية والناشطين في مجال حقوق الإنسان والمحامين من زيارة المعسكر؟ وماهو سبب المنع؟ أليس لحبس روائح الحكومة العراقية الكريهة خشية من إزكام الرأي العام الدولي بها؟ أليست هذه الممارسات الخاطئة ونشر تصريحات مفبركة تجاه منظمة مجاهدي خلق تحت تسمية توجيهات من حكومة المالكي، هي من بين الاسباب الظاهرة للتدخل الإيراني في هذا المجال الخطير؟ ألا يستلزم هذا الإجحاف بحق ضيوف العراق أن تتولى الأمم المتحدة مسئولية حماية سكان أشرف, وأن تحل القبعات الزرق محل العمامات السود؟ !ذا وضعنا حديث السياسيين جنبا وإلتفتنا إلى حديث رجال الدين سنصاب بصدمة مريعة لأن رجال السياسة أرحم بكثير من رجال الدين رغم خسة الكثير من السياسيين وإستخدامهم تعابير القتل والإغتالات تورية، وليس بصفاقة كما يفعل رجال الدين بغض النظر عن إنتمائهم المذهبي. فدعوات التكفير تعددت بشكل مؤسف خلال السنوات الأخيرة. وهي دعوات صريحة للقتل ومرفوضة مهما كان مصدرها. ورجل الدين عندما يدعو الرعاع والجهلة والطائفيين من أتباعه للقتل فهو لا يختلف بذلك عن رئيس عصابة إجرامية بل هو أشد خطورة منهم، وأكثر نذالة وخسة، وأشد كفرا. هذا نموذج من أحد رجال المافيات الدينية المقيمين في النجف وقد أفتى بسفح دماء الأشرفيين بدعوى" إن زمرة منافقي خلق يجب القضاء عليها قضاء تاما ومبرما، وضرورة التعاطي مع المنظمة على أنها زمرة ارهابية تسعى الى زرع الفتنة. فهي اشد من اعداء الإسلام". مطالبا الحكومة العراقية بعدم السكوت عن معسكر اشرف. وكأن حكومة المالكي مقصرة في هذا الجانب فدماء ضحايا الإرهاب الحكومي من الأشرفيين لم تجف بعد. لكن من هو داعية القتل الجديد هذا؟ إنه المرجع الديني ( محمد علي الكركاني ) إيراني الجنسية، أي ضيف ثقيل على العراق ويطالب في الوقت نفسه بتصفية ضيوف العراق من مواطنيه الإيرانيين! هل هناك وقاحة وخسة أشد من هذه؟ اليس هذا المعمم ينطبق عليه وصف شخص مماثل ورد في الرسالة البغدادية بأنه" قرأ كتاب تأخير المعرفة وكتاب نسيان العلوم ودرس مجموع نقصان الفهم, أدوا عنه حق الراعي في سوق البقر, لا يفوته بحمد الله من الجهل الا اليسير". من الغريب جدا أن يصرح أقطاب المافيات المذهبية بقتل من يخالفهم في المذهب ويشاركهم في الإسلام، وهل من مهام رجال الدين التكفير والتحفيز على القتل؟ أم الوعظ والإرشاد وتوثيق أواصر المحبة والأخاء والتسامح بين المسلمين؟ أليس طغمة الفساد هذه هي المسئولة عن ما علق بالإسلام من شوائب الإرهاب وهو دين المحبة والسلام والسؤدد؟ اليس هؤلاء المستهترون بتعاليم السماء يخدمون الحملة الغربية الصهيونية المسعورة ضد الإسلام؟ اليست الدعوة للقتل شكلا من إشكال الإرهاب؟ فلماذا لايطبق قانون الإرهاب على مافيات المذاهب سواء من السنة والشيعة أوغيرهم؟