يُفترض برجل الدين, خصوصا إذا كانت على رأسه عمامة سوداء ويدّعي أنه من آل بيت رسول الله الكرام, أن يكون أكثر رأفة ورحمة وتسامحا وإنفتاحا من غيره. لأنه يُفكر أو يشغل باله, أو هكذا يُفترض, بيوم الحشر, يوم لا ينفع فيه لا مال ولا بنون, أكثر من تفكيره بملذات الدنيا وتصفية الحسابات مع مَن يختلف معه في الراي والفكر والمبدأ. لكن إذا كانت عمامة رجل الدين, بغض النظر عن لونها وحجمها, تخفي تحتها أبالسة وشياطين وأفاعي مسمومة, كعمامة الدجال مقتدى الصدر, فان الدين والتشيّع والقيم والأخلاق جميعها براء من هكذا إنسان. ولو كان رجل الدين هذا ساديا ومتعطّشا للدماء كدجال الحوزة الناطقة مقتدى الصدر وأمثاله لكان يفترض أنه إستطاع أن يشفي غليله وسكرَ من نشوة الانتقام حدّ الثمالة بسبب ما إرتكبته ميليشياته وتلك التابعة لأحزاب الحكومة العميلة من جرائم ومجازر وإنتهاكات, بحقّ العراقيين منذ عام 2003 والى يومنا هذا. لكنّ مقتدى الصدر, الفارغ من أي محتوى ثقافي أو ديني أو سياسي ودمه ملوّث بفيروسات طائفية مجوسية المصدر, لا يريد الاقتناع بان كل ما نتج عن الاحتلال الأمريكي - الايراني اللاشرعي واللإخلاقي هو بالتالي فاقد لكل شرعية وإن حكومة المنطقة الخضراء فشلت في كل شيء حتى في أعين أسيادهما والواقفين خلفها. وعندما يُطلب الدجال مقتدى الصدر ما يُسمى بهيئة المساءاة والعدالة, والتي لا تفهم غير المساءلة والانتقام, بالمزيد من الاجتثاث لكل عراقي شريف فهو لا يرمي من ذلك الاّ الى تطبيق المشروع المجوسي الطائفي الشرير الرامي الى إفراغ العراق وتصفيته من العنصر العربي المقاوم, خصوصا العنصرالمثقّف المبدع المتنوّر حتى يصبح البلد حُسينّة مترامية الأطراف لا شغل ولا عمل لها غير اللطم والعويل وضرب الصدور بالسلاسل والزيارات المليونية ذات الطابع ابدائي. ولم يكن إقصاء المئات من أساتذة الجامعة, وتحديدا جامعتي الموصل وصلاح الدين, وإعتقال مئات أخرى بحجج وذرائع واهية تؤكد للجميع ليس فقط طائفية وأحقاد حكومة العملاء في بغداد المحتلّة, بل خوفها الدائم ورعبها المتواصل من الشعب العراقي وقواه الحيّة. والظاهر إن حكومة المنطقة الخضراء ومعها جميع أقطاب "العملية السياسية" يدركون, وهذا هو بالتأكيد مصدر خوفهم وقلقهم, إن لا شرعيتهم المكتسبة من لا شرعية الاحتلال لا يمكن أن تنقذهم من المصير المحتوم الذي ينتظره كل عميل وخائن وسمسار سياسة وتجارة متعددة الفروع. ولو إطّلع كل منصف وذو ضمير حيّ على مسيرة عراقهم الجديد منذ عام 2003 والى هذا اليوم لوجد أن الشيء الوحيد الذي نجحوا وأبدعوا فيه هو عملية إجتثاث العراقيين, مدنيين وعسكريين. فبالرغم من وجود عشرات العصابات المسلّحة والميليشيات التابعة لهم, علما بان لكل حزب ميليشيا خاصة به, وآلاف الجنود الأمريكان ومئات من أخوتهم الايرانيين المنتشرين في كل محافظة, الاّ أنهم, أي حكومة العميل المالكي وعصابته, ما زالوا يعانون من الشعور بالنبذ والجفاء واللامبالاة من قبل الشعب العراقي. فتراهم يلجأون بين الحين والآخر الى وسائل التضليل والفبركة والشعوذة التي تعلّموها بجدارة عندما كانوا في حماية ورعاية دولة الملالي في طهران. ولا يُستبعد أن تكون المؤامرة المزعومة ضد دولة المنطقة الخضراء والتي روّجت لها عصابة العميل نوري المالكي وسيلة بائسة لحرف أنظار العالم , والعراقيين على رأسهم, عن سلسلة الفشل الذريع والاخفاقات المتواصلة والجرائم المستمرّة وتأليب الراي العام الداخلي والخارجي على العراقيين الشرفاء الذين يرفضون باصرار وصمود كلّ ما نتج أو ولد من رحم إحتلال بربري غاشم لبد مستقل وآمن. يُضاف الى هذا إن عصابة نوري المالكي تهدف من حملتها "الديمقراطية جدا"من إعتقالات وإقصاء وإجتثاث التوسّل الى السيّد الأمريكي لابقاء جنوده في العراق لفترة أخرى بحجّة إن عراقهم "الجديد"مهدّد بالمخاطر وإنّ هناك مؤامرات تُحاك ضدّه. mkhalaf@alice.it