بهذه الكلمات اتهم السيد / طلعت السادات " أمين عام حزب مصر القومي " الإخوان المسلمين بالتسبب في ضياع مصر . معبرا مباشرة لمرشدهم العام السيد م محمد بديع عن ابتعاد الإخوان عن المصلحة الوطنية ووقوعهم في دائرة أجندتهم الخاصة . نحن نعلم انه لايوجد تلاقى بين الفكر القومي وفكر الإخوان المسلمين وكلهما يقف ناقدا للآخر ومتهما له، ورغم ذلك لم يظهر الصراع بينهما على السطح منذ وفاة القائد جمال عبد الناصر حيث لم تستطع الأمة العربية تعويض فقدانه ، ورغم ظهور الزعيم صدام حسين كوجه مدافع عن الأمة ومقدراتها إلا انه جرت مشاغلته على الدوام فشرقا دخل في حرب مع إيران لثمانية سنوات انتهت في العام 1988 ، وشمالا انشغل بالأكراد ، وهدد إسرائيل غربا فحوصر العراق ودمر وتم احتلاله . إن كثيرا من العوامل تجمعت مابعد حقبة القائد جمال عبد الناصر كان لها تأثير على مجمل التركيبة الحزبية في العالم العربي . فعدم سد الفراغ الذي أحدثه رحيله ، و غياب البوصلة الممثلة بمصر الشقيقة المحتضنة الرئيسية والداعمة للفكر القومي بتوقيعها اتفاقيات كامب ديفيد ، وبفعل زيادة نشاط الإخوان المسلمين مع نهاية السبعينات ، وافتقار الأحزاب القومية للعناصر الشابة نتيجة التراجع الذي حدث بغياب الشخصية المركزية ، ومع ضعف الدعم المالي تراجعت الأحزاب القومية العربية التي دخلت في أزمة أمام أحزاب أخرى ناشئة أو أحزاب أعادت هيكلة نفسها بما يتلاءم والعصر . ومع إعادة الإخوان المسلمين نشاطهم كان هناك نشاط ايرانى مابعد ثورة الخميني لتصدير الثورة الإيرانية والتي كانت السبب الرئيسي للحرب مع العراق وكان ميل إيران للتعامل مع حركات وأحزاب داخل الدول العربية متجاوزين القيادة السياسية مثار جدل واسع عززت فيه إيران طائفية لايحتملها العرب . ومع بداية التسعينات أفسح المجال واسعا أمام تقدم الحركات الدينية مع تراجع كبير للحركات والأحزاب القومية والتقدمية . ونتيجة لتشدد تلك الحركات فيما يخص التعامل مع القضية الفلسطينية العنصر الجاذب دوما لمن يبتغى الارتقاء ظهر في العالم العربي مشروعان احدهما مشروع للتسوية عبر السلام وهو من حارب من قبل ووجد أن الوضع العربي والدولي غير مهيأ في ظل انهيار الاتحاد السوفيتي والانحياز الامريكى مع إسرائيل وتفردها في قيادة العالم والمشروع الآخر هو الذي استلم الشعار القومي الذي أطلقه الراحل جمال عبد الناصر " ما أخذ بالقوة لايسترد إلا بالقوة " ليصبح هو شعاره . ولعبثية إسرائيل في العملية السلمية وتهربها من استحقاقات السلام وميلها الدائم للتخلص من تلك العملية وجدت ضالتها في اندفاع الحركات الدينية للتخلص من تلك العملية كذريعة تسوقها لتغطى على عدم نيتها المضي في العملية السلمية التي تعرى وجهها القبيح أمام العالم و تتعارض مع زيادة التطرف الاسرائيلى وميله نحو أقصى اليمين . لذلك جاءت أحداث سبتمبر 2001 في تفجير برجي التجارة العالميين في أمريكا لتبدأ مرحلة جديدة " من الحرب العالمية على ما أسموه الإرهاب " هذا الاصطلاح الذي أريد به إيجاد عدو جديد كبديل للعدو السوفياتي المنهار وكان الإسلام هو الهدف . تم الضغط كثيرا على العالم العربي والإسلامي , وأصبح المسلم متهما أينما حل ، وغذت أمريكا وأوروبا وإسرائيل العقول بمفاهيم ومصطلحات جديدة وكان على الأنظمة العربية أن تقضي على الأحزاب والحركات الدينية لديها , ولكن هذا لم يتم وتراجعت تلك الأنظمة خائفة من الولايات المتحدة وعقابها خصوصا وأن العراق دمر وتم احتلاله فماذا كانت النتيجة اليوم وبعد الربيع العربي يصرح أحد المحللين السياسيين في السعودية على قناة العربية قائلا أخطأنا عندما تركنا الأمريكان يعالجون الوضع العراقي , وأخطأنا بابتعادنا سنوات عن التأثير في العراق فاليوم إيران ازدادت قوة في العراق هذا ما سيتركه الاحتلال الأمريكي خلفه . كما أن الأمريكان مثلما عززوا قوة إيران في العراق يمدون جسور العلاقة مع الإخوان المسلمين إذا ما هو هذا الهدف من تعزيز الطائفية الدينية بين الشيعة والسنة , الهدف ما أعلنه أوباما الرئيس الأمريكي أن أفغانستان والعراق كلفتهم كثيرا , إنما اليوم نحقق نتائج أسرع وبأقل الخسائر , هذا الدرس الذي تعلمته أمريكا لذلك على الإخوان المسلمين الحذر كل الحذر من الوقوع في فتنة طائفية أي كانت , وعلى إيران أن تعي أن تدخلها في الدول العربية وتعاملها مع أحزاب وحركات بعيدا عن رأس الدولة هي حريق سيبدأ بعيدا عنهم وفي النهاية سيحرقهم . لذلك أناشد كل الأحزاب في مصر والعالم العربي فهم الإستراتيجية الأمريكية الجديدة في العالم العربي ووأد أي فتنة طائفية في مهدها , وأعتقد أن كل التطمينات التي أعطاها حزب النهضة في تونس تعبر تعبيرا حقيقيا عن توجه ديمقراطي يخدم الجميع لا الحزب فقط , لذا نرجو كل الرجاء أن لا تضيع مصر ولا تضيع أحزابها .