أن ضياع الأمة وتراجعها إلى الوراء هو بضياع أبنائها المتعلمين الذين من شانهم أن يتقدموا بمجتمعهم إلى الإمام..... ويقول احد الفلاسفة الغربيين:أن ضياع الأمم وتأخرها يأتي من ضياع أبناءها الذين يفكرون بمصيرهم فأينما وجدوا وجدت أممهم تقدمت ... ففي العراق حيث البطالة في صفوف خريجي الجامعات والمعاهد منتشرة بصورة كبيرة مع الأسف الشديد فنجد أصحاب الشهادات من خريجي الجامعات والمعاهد يملاؤن الأرصفة لكي يزاولوا مهن هي ليست من اختصاصاتهم ونجد أصحاب الواسطة قد تربعوا على هؤلاء الخريجين المساكين الذين لايملكون إلى الله وشهادة تخرجهم .فقد تبين في إحصائية لمنظمة الأمم المتحدة في العراق أن هناك 30% من العاطلين عن العمل ممن يقدرون عليه نصفهم من أصحاب الشهادات وتقول وزارة العمل والشؤون الاجتماعية انه هناك أكثر من( 142000) ألف عاطل عن العمل منهم (65%) من حملة الشهادات .مع العلم أن جامعات العراق المختلفة تخرج كل عام (45) ألف طالب وطالبة وان فقط جامعة بغداد تخرج (10) ألاف طالب وطالبة نتسأل اين مصير هؤلاء ... وأتذكر هنالك صور جميلة اتذكرها جيدا عندما كنت طالبا .. كان الخريجون العراقيين قبل سنوات يمارسون طقوسا جميلة لتوديع مقاعد الدراسة الجامعية، ربما لأنها آخر ما يربطهم بعالم الطلبة والاعتماد على الأهل، حيث تظهر زفات التخرج التي يطوف بها الطلبة شوارع العاصمة في عدد من السيارات، وهم بكامل اناقتهم، فيغنون ويهزجون ويلتقطون الصور التذكارية، ويرتدي بعضهم ازياء تنكرية ثم تنتقل هذه الزفات إلى داخل بنايات الجامعات والكليات... وعندما اصبح الاحتلال جاثما على صدور طلبتنا هذه الاحتفالات اصبحت بشكل مقتضب جدا بعد ان ساءت الظروف الأمنية .... حتى كان الطلبة يعملون في العطل الصيفية ضمن مكاتب الشباب .... هنا أقول لقد توقف كل شيء .... أننا نضع هذه الصور المشرقة في حياة طلبتنا امام الحكومة هكذا كان العمل لقد ضيعتم كل شيء جميل في العراق واستشهد بأحد الكتاب العراقيين ألأصلاء والوطنيين ... ففي عام1968 نجحت الحكومة نجاحا ساحقا عندما عينوا جميع الخريجين العاطلين دفعة واحدة عام 1974 ( اي بعد سبع سنوات من استيلائهم على الحكم !! ) من دون اية اشتراطات حزبية او سياسية وبذلك كسبوا جميع الشباب العراقي الى جانبهم ولااعرف لماذا لاتقدم حكومة المالكي على تعيين جميع العاطلين من الخريجين الشباب اولا دفعة واحدة والتخلص من الاشتراطات السخيفة التي يواجه بها الخريجون عند تقديم اوراق تعيينهم في دوائر الدولة! كذلك لابد ان تحتل مهمة تشغيل الشباب مساحة كافية في اولويات وخطط الوزارات كافة، لما تشكله البطالة من تهديد لأمن المجتمع واستقراره، فطاقات مهدورة سلفا، وبينما تسعى المجتمعات المتطورة لإدخال دم جديد في نسيج بنائها، نشعر جميعنا، نحن الخريجين العراقيين، بان مصيرنا مجهول، فأعمال المنزل وانتظار الزواج سيكون مصير الفتيات اما الشباب فمأساتهم لا توصف".ويكون مصير هؤلاء الطلبة الذين ينتظرون ثمرة تعب السنين التي قضوها في الدراسة. وعلى حد تعبير احد الأساتذة الجامعين أن الطالب في نهاية فترة الدراسة الجامعية يعيش في فترتين ايجابية وسلبية أما الايجابية فهي نشوة التأهب للحصول على الشهادة الجامعية وأما السلبية فهي الخوف من المصير المجهول الذي سوف يلاقيه بعد التخرج على غرار من سبقه .فعلى الحكومة العراقية والوزارات المعنية بالموضوع النظر بموضوعية لهذه الشريحة التي تعاني ما تعاني حتى تصل إلى هذه المرتبة وهي الحصول على الشهادة التي عانوا وسهروا وتحدوا من اجل نيلها خدمة لبلدهم والشهادة أصبحت في الوقت الحالي مجرد ورقة تحمل أرقام لطالما تعب وعانى هذا الطالب حتى جمعها .فعلى الوزارات المعنية توفير الظروف الموضوعية والواقعية لكي يلتم شبابنا الجامعي العاطل عن العمل بدلا من ذهابهم إلى البلدان الأخرى بحثا عن العمل ولكي يخدموا هذا البلد الذي يحتاج إلى جميع أبنائه الذين يفكرون وخاصة في هذه المرحلة... ؟! أن الشباب العراقي وكما قلت في اكثر من مقالة هم عود الثقاب الذي يشعل الحرائق واذا اهملته الحكومات واستخفوا به فالويل الويل لهم..نقول لشباب العراق ان الحكومة التي نصبها الاحتلال كذابين مهما وعدوا و هذه الحكومة اسوأ الحكومات العراقية التي حكمت العراق !! وهناك شيء لابد من ذكرة أمام القراء بعد الغزو الامريكي نجد. آلاف من الخريجين، الذين ما إن تخرّج أحدهم، حتى بدأ يشعر أن أحلامه بدأت تتحول إلى حقيقة، فتراه يحمل شهادته الجامعية مسرعاً إلى مكاتب التشغيل التي أحدثتها وزارة الشؤون الاجتماعية واتساءل عن لعبة جديدة جرت عليها اغلب دوائر الحكومة مؤخرا وهي دعوة الخريجين الشباب الى املاء استمارات التعيين عن طريق الانترنت وبعد املائهم لها لايظهر اسم واحد مقبول ويتضح بالتجربة ان اغلب المتعينين كانوا من اقارب رئيس الدائرة او المتنفذين فيها وتقذف بالاف الاستمارات المملوءة عن طريق الانترنت الى مزبلة الحاسبة!! وفي عام 2004، آملاً بأن يحصل على فرصة عمل تجعل المستقبل عنده مضيئاً، ليتفاجأ بالكل يدعوه لانتظار دوره، فيظل يسأل نفسه: إلى متى نبقى أسرى البطالة، حتى فاته القطار و تجاوز الثلاثين، فإذا بالآمال تتباعد معه أكثر... ماالذي ينقص الحكومة ووزرائها من اموال لكي تخصص الاف الدرجات الوظيفية لاستيعاب الخريجين العاطلين عن العمل .. هل نحتاج الى موافقة اوباما لكي ننتشل ابناءنا من الضياع؟! . أن خريجوا الجامعات في العراق يبحثون عن فرص عمل لا وجود لها رغم حاجة البلاد الى اعادة بناء بنيتها التحتية المتداعية. وبعد اكثر من تسع سنوات من الغزوالذي قادته الولايات المتحدة على العراق ويشعر الشباب بالقلق من الحرب لكنهم اكثر اهتماما بمناقشة سبل عودة بلادهم للوقوف على قدميها واعادة بناء بنيتها التحتية المتداعية.اننا نحذر الحكومة من غضب الشباب ولقد أعذر من أنذر وسينقلب المتأمرون على رؤوسهم لأنهم حطموا البلاد والعباد؟؟؟؟؟ الصحفي وألآكاديمي / ساري الفارس العانيعضو نقابة الصحفيين العراقيين وعضو اتحاد الصحفيين العربوعضو الاتحاد الدولي للصحافة وكاتب سياسي في شبكة المنصور