عندما بانت الهوية الوطنية والقومية لثورة تموز وفي مقدمتها نصرة قضايا العروبة المصيرية وبخاصة في فلسطين فقد اشتدت وتنوعت الضغوط والمؤامرات والاعتداءات وقد أخذت عناوين شتى كمصدر وكأسلوب وسارعت الإمبريالية والصهيونية إلى حشد قواها لإجهاض الثورة وتعطيل مسيرتها الوطنية والقومية والتقدمية.. وهكذا سارع شاه إيران إلى إلغاء اتفاقية عام 1937 الحدودية وشن حرباً غير معلنة استمرت حتى عام 1975 لدعم التمرد الكردي المسنود أمريكياً وصهيونياً وحين باشرت الثورة بتطبيق برنامجها التنموي بعد إعلان تأميم النفط عام 1972 شنت الولايات المتحدة وبريطانيا حصاراً ظالماً لإفشال التأميم ولكن آمالها خابت وأنتصر الشعب في عام 1973 وبدأت التحولات الكبرى في بنية المجتمع العراقي سياسياً واقتصاديا واجتماعيا وثقافياً وهو التقدم الذي اعترفت به الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة والذي نقل العراق من خانة العالم الثالث إلى مصاف الدول الأكثر نمواً. وأمام هذا النمو كان لا بد من محاولة لتعويق هذا التقدم فجاء العدوان الخميني العنصري التوسعي وغايته استنزاف القدرات البشرية والمادية فجرب هذه المرة رفع لواء الطائفية والشعوبية وتصدير الثورة ولكنه أصطدم بوحدة شعب العراق الذي اسقط شعار الرجعية المتخلفة حينما تصدى نشامى العراق إلى رأس الدجل والفتنة منذ لحظة وقوع العدوان في تلاحم عبر عن معدن شعب العراق شعب عاصمة الخلافة العربية الإسلامية وقاعدة النهضة القومية ورغم النصر المتحقق ومعنويات الشعب والجيش فقد بادر العراق من موقع الانتصار المبادرة تلو الأخرى من أجل وقف الحرب وتجنيب شعوب المنطقة ويلاتها ولكن قدرة الله كشفت الزيف والخداع الصفوي حين رفضوا كل تلك المبادرات وتوهموا أنهم قادرون على استئصال الهوية القومية العربية ومحاولة تمزيق نسيج مجتمعنا الموحد كمقدمة لتقسيم الوطن العربي بزعم حماية حقوق الأعراق والأقليات الدينية فيه! كسبنا من الحرب تطورا في القدرات كماً ونوعاً وتراكمت الخبرات الفريدة المتميزة وفي المقابل تم إنزال أفدح الخسائر بقوات العدو بشرياً ومالياً وعسكرياً حين سطر جيش العراق الوطني سجلاً رائعاً في تاريخ العروبة والإسلام بالبسالة والتضحية والأسلوب المبتكر قوة ودقة رصدا وحركة وقوة ومبادرة فكان نهج العراق الثابت ورغم امتلاكه المبادرة والاستعداد المطلوب للسلم لكنه كان يضع نصب عينه ان لا يقود ذلك إلى أية مساومة على الثوابت والمطالب الوطنية وهو ما تحقق أخيرا بالاستجابة مرغما دون قيد أو شرط للقارات الدولية فترسخت القناعة بأن النفوس العالية لا تحتاج لتحقيق النصر إلى مزايدات وترف بل تحتاج إلى قلوب مغروسة شرفا وفضيلة وقناعة بالعقيدة وبالفكر المتمثلة بسلاح الإيمان الذي سيلحق بالأعداء الهزيمة لا محالة لان من يمتلك ذلك سيقابله عدوا لاهثا وراء الراحة والشهوات. وفي هذه الأيام حيث لا حرية ولا ديمقراطية ولا كرامة مادامت القوات الأجنبية المحتلة جاثمة فوق ثرى العراق الطاهر فلا بد من احتضان المقاومة لتحقيق النصر في الجوهر والعمق ونردف ما تسطره المقاومة العراقية بما نملك فعمل المقاومة له دلالاته المهمة لأنه يشكل دليلاً ساطعاً لا يرقى إليه الشك باعتباره الطريق الأقصر لتحقيق النصر وبذلك نتحقق من صدقية النهج الذي اختطته المقاومة وليؤكد قدرة الشعوب على تحرير الأرض وتحقيق النصر إيمانا بعدالة القضية التي نناضل من أجلها. ان سلاح الإيمان يبرز حقيقة واضحة جلية ألا وهي إلحاق الهزيمة بالمحتل الذي لا يتطلب خلق موازين قوى عسكرية بقدر ما يستدعي وجود إرادة صلبة واستعداد للتضحية والاستشهاد في سبيل القضية الوطنية وقد أكدت ذلك التجارب ومنها حروب المقاومة الشعبية على مدى التاريخ لذا نرى جليا تخبط المحتل في إصداره قراراته دون قناعات ولكنها في حقيقتها ما هي إلا محاولات يائسة لتأخير الإقرار بالهزيمة ليس إلا حيث نشعر به وهو يعيش مأزقاً متزايداً بفعل استمرار الأعمال البطولية التي يسطرها رجال المقاومة وهم يظهرون قدرة فائقة على التوحد والتماسك والالتفاف استكمالاً للمهمة وحينها ستهان القوة الغاشمة وبما تملكه من ترسانة عسكرية لأنها تفتقد السلاح المؤثر في الساحة ألا وهو سلاح الإرادة والإيمان والحق والشرعية الأخلاقية والسياسية فالمعركة بين الإيمان والكفر وبين الحق والباطل لا تنقطع ما دامت الحياة، فعلى أهل الحق والإيمان أن يتسلحوا بما تسلح به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فى معاركهم الأولى وهى سلاح الروح المعنوية العالية والصلة القوية بالله سبحانه وتعالى وحينها سيتحقق النصر وسيكون مصير من لا يمتلك هذا السلاح الزوال. msm_ata@yahoo.com