وهكذا وصل حالنا الى ما هو عليه الان من احتضار كافي لإنعاش زفرة الموت الأخيرة فينا , باسم الدين , وباسم الاسلام وباسم "السلف الصالح" صحابة وال بيت وتابعون وما إلى ذلك من أعلام عظام "هم براء من المتاجرون باسمائهم وبمسمّياتهم بدون أدنى شكّ" من أسماء لامعة في وسط سماء التاريخ البشري تاجر بهم من تاجر ليستولي على عقول الناس بالتواشيح والتراتيل بأحلى الأصوات المتوسّلة الملحّنة وأعذبها وأكثرها إثارةً للشفقة المستدرّة لكسب المال السحت الحرام من جيوب وأموال جهلة مسترطبون للبهائميّة تحت ستار "البساطة"مخاتلون يدارون انفسهم خلف "ذبهه برقبة عالم واطلع منهه سالم" ... سُئل يوماً أحد "علماء" الدين ؛ سؤالا على ما يبدو دائماً ما يُطرح على مثله أوعلى غيره من "علماء" اعتادوا على سماعه من لدن بعض النفر المتلوّي ألماً من حال "الأمّة" المتهالك وما وصلت إليه من ذلّ وهوان واستمراء لابتلاع جميع العيوب : ـ "لماذا يا شيخ لا تفتون بحرمة الممارسات الشعائريّة الخاطئة التي اعتاد "المسلمون" على ممارستها وأصبحت بالتقادم وبمرور المئات من السنين أوعشراتها القريبة وكأنّها جزءاً لا يتجزّأ من الدين وآفات اجتماعيّة نخرت عقول سكان المنطقة بدلا من أن تصلح حالهم كما يفترض وكما تفترضها قيم الرسالات التي تنزل من السماء لا من السراديب "مثل اللطم والعويل واللعن والسباب والشتم والتجمّعات البهائميّة وما الى ذلك من ممارسات الصوفييون والتكفيريّون وغيرهم أيضاّ"فكان جواب الشيخ ؛ "الناس تريد أن تبقى هكذا وعلى ما هم عليه من ممارسات ليست من الدين في شيئ وإن دعوناهم لتركها سوف نكون بنظرهم مكروهين وعلماء غير موثوق بهم" .. قلت في نفسي ؛ وهكذا ولهذه الأسباب انتشر دين "مسيلمة الكذّاب" بين من سبق لهم أن دخلوا الإسلام عند حضرة الرسول "أفواجاً" كانتشار النار في الهشيم لأنّهم , وهم بمئات الألوف من المرتدّون في ذلك الزمان أي ما يعادلون عدد المسلمين حاليّا من حيث النسبة ؛ وجدوا دعوة مسيلمة "حجّة" يمارسون تحت ضلّها المحرّمات باسم تعاليم"الإسلام المًحسّن" الذي جائهم به مسيلمة وليتخلّصوا ويتنصّلوا عن التزامات الإسلام الصحيحة التي اعتبروها أولئك أثقالاً على كاهلهم مثل الصلاة في أوقاتها وتجنب شرب الخمور والزكاة والصدقة وقول الحق مهما كان قوله صعباً والجهاد في سبيل الله الذي هو عمود الإسلام الرئيسي الذي إن تركته الأمّة , أو تركته أيّ أمّة من الأمم , لانهارت باقي أعمدة هيكل الدين الصحيح "ولما تحرّرت فيتنام" , كما نشهد ذلك اليوم تداعيات العزوف عن مثل هذا الأمر الربّاني بحيث أصبح "جهادهم" اليوم معكوساً ؛ فبدل الاستعانة بالله أصبح الاستعانة باـ"لناتو" أمراً من الدين! تحت حجج وبراقع "المفسّرون" من فقهاء اعتادوا تحريف الكلم عن مواضعه بتشجيع من "الحداثيّون"المدّعون التنوّر من "المتعاطفون" مع مثل هذا النمط الغريب والشاذ من"الثوّار" يصفّقون لهم من بعيد عبر فضائيّات تبث من أقمار "الكفرة" الاصطناعيّة وشبكات"العدوّ" الانترنيتيّة, وتحت إشراف رغبات "السلاطين" بمختلف مسمّياتهم .. لقد صدق من قال إن الدين صناعة بشرية وليس صناعة الهية ؛ هي بالأصل"الدين" رسالات سماويّة صحيحة .. ولكنها بالتحريف واسقاطات الرغبات الشخصيّة وأهوائها على الدين "الأصل" تصبح رسالات "وضعيّة" .. والدليل : ـ 1 .. وكما يُعرف الإنسان المريض من هيأته وشكله ولونه , فإنّ "الأمّة" المريضة المعلولة تعرف من وضعها ومن حالاتها العامّة ومن درجة تسلسلها الآدمي بين بقيّة الأمم ومن نسب العاهات المرضيّة والثقافيّة بين أفرادها ومن مؤشّر أرقام قياس نبض الوعي لدى أبنائها ولدى شراحئها الاجتماعيّة .. وهل أمّة تطبّق الاسلام الحق تطبيقاً صحيحاً يكون هكذا حالها , لولا أنّ "دينها" الذي تطبّقه ديناً مزوّراً أوصلها إلى ما هي عليه .. فمن يدقّق في حال هذه "الأمّة" سيجدها أمّة متخلّفة في كل شيء ومعلولة في كل شيء بدل ان تكون متقدمة في كل شيء وواعية بكلّ شيء يدار من حولها , فالدين السماوي كما يفترض , وبما انّه سماوي .. يعني منزّل من الخالق نفسه .. وبما أنّ أيّ"مسلم" تسأله : هل أنت مسلم ؛ سيجيبك على الفور "مسلم والحمد لله!" فإنّه بكلّ تأكيد يجيبك عن قناعته الخاصّة بأنّه يمتلك سرّ "الريايديّة" لأنّه مخبر بها من السماء وهو أيضاً على قناعة تامّة بأنّه يطبّق ما أنزل الله حتّى ولو بدرجات التطبيق الدنيا على الأقل , وعلى هذا الأساس لا بدّ وسيكون مسلم "يمتلك" جميع شروط ومواصفات الرياديّة الأولى في العالم ومتفوّق على جميع أقرانه من أفراد بقيّة أمم وشعوب الأرض .. ولكن .. هل مثل هذا الأمر متحقّقة نتائجه فعلاً ! .. 2 .. تعرف درجة استقلاليّة "الأمّة"من قراراتها , هل هي قرارات تمثّل السياديّة الخاصّة بها أم تمثّل رغبات ومصالح دولاُ خارجيّة متسلّطة عليها .. محتلّة يعني ..3 .. العكس هو الصحيح ؟ .. : ـ فكلّما زادت مساحة "الرقعة" السوداء على جبهة "المسلم" وازداد عدد حاملوها وازدادت قتامة وسط قتامة الرقعة "من أثر السجود" .. وهو التفسير الخاطئ أشدّ الخطأ لتفسير الآية .. وكلّما ازداد أعداد المصلّون وازدادت أعداد المساجد والجوامع وازدادت أعداد "الفضائيّات الدينيّة" وازدادت أعداد "الحوزات" وازدادت أعداد الجامعات "الإسلاميّة" وازدادت أعداد كلّيات "الشريعة" وازدادت سلالم درجاتها العلميّة وازدادت أعداد "الدعاة" والوعّاض وكثرت تلك الأعداد وتضاعفت وانتشرت منابرهم الدعويّة داخل بلدان الأمّة وخارجها..وكلّما ازدادت توسعة "الحرمين" وازدادت إنارتهما وأزهت وأشرقت باحاتهما وتنوّرت وتكثّف "تبريدهما" وتدفئتهما وتدثّرت وكلّما ازدادت أعداد جموع الحجيج "وتملينت" أعدادهم سنويّاًوكلّما ازدادت حدّة وتائر الدعاء حول بيت الله الحرام وفي بيوت المسلمين وفي مساجدهم وفي جوامعهم وكثر التوسّلوكلّما ازدادت أعداد "الأضحيات"وكلّما كثرت مكاتب "العمرة" والسفرياتوكلّما نقلوا مشاهد إقامة الصلاة من مكّة والمدينة بشكل أكثر نقاوةً وبأصوات مُبكية !وكلّما ازدادت أعداد المسلمين "وتمليروا" أكثروكلّما ازدادت طبعات المصحف الشريف و "تمليرت" أكثر فأكثروكلّما ازداد أعداد "الحفظة"وكلّما ازدادت أعداد المسلسلات "الدينيّة" وتكاثرت وتطحلبت وكلّما كثُرت أعداد مصلّون النوافلوكلّما كثّر "قوّامون الليل" وكلّما صاموا رمضان .. وكلّما ازدادوا تقرّباً بالست من شوّال وانغمسوا في"صيام داوود" أكثر .. ثمّ أكثر : ـتفرّقت "الأمّة" أكثر ..دنت واقتربت من الموت أكثر .. كثر الجهل فيها أكثر .. كثرت قواعد الغرب "الكفرة" العسكريّة على أراضيها أكثر وأكثر .. نهبت ثرواتها أكثر وأكثر .. تصارعت فيما بينها أشدّ وأكثر .. تمذهبت أكثر.. تعنصرت أكثر .. سكن "مسلموها" المقابر أكثر .. ضاعوا .. ازداد أفرادها فقراً مدقعاً أشدّ وأنكى بأكثر من أكثر وأكثر .. فقدت قرارها السيادي أشركت الله قوماً آخرون يتوزّعون بينه وبينهمضعفوا استكانوا تراخوا هزلوا أصبحوا مضحكون أكثرالسودان يضيع لا همّة ولا رجولة ولا نخوة ولا معتصماه يذكر فهل العلّة في الدين نفسه أم العلّة في قرائتنا الخاطئة له أم في الزمن الذي غيّرت مسارته مسارات كلّ من وقف أمامه ؟ .. ليبيا تحت قصف الناتو "نفلسف" نحن كل ما نعانيه من علل وأمراض نرميها عـ"المشاكس" بمختلف أصناف النعوت .. وبالجنون .. وما هو بمجنون .. وهل يقصف "الناتو" مجنون ! .. مجنون هو من يظنّ أنّ الغرب يقصف ليل نهار رجلُ مجنون ... سوريا .. هيّا بنا نلعنها ونلعن سنسفيل "بشّارها" قاتل شعبه وحاوي أسلحة الدمار الشامل.. هيّا بنا مع الغرب ومع باراك واوباما والقرضاوي والعريفي والعرعوري والقرني ومع الناتو ومع "عثمغان" الأناضولي ومع الامبراطور حمد آل ثاني عظيم غجر .. قصدي عظيم قطر .. ومع قناته الغجريّة.. قصدي القطريّة ..مع الكتّاب العظماء الأشاوس , مع بعض منهم , ياما دوشوا رؤوسنا وصدّعوها هم ومواقعهم الصحفيّة والأنترنتّيّة ؛ عن "حبّهم" لصدّام وللمقاومة الشعبيّة والإسلاميّة العراقيّة ! ؛ نلعن سوريّا ليل نهار .. لأنّها ليست مثلنا نحن"الأحرار" .. المهم .. "ولأنّنا" ,الأغلبيّة العظمى , نحوي بدواخلنا كلّ صفات التخلّف والتبعيّة والذلّ , كتّاب وسياسيّون , وجب علينا على كلّ من"يشذّ" عنّا أن ننعته بمختلف صنوف وألوان النعوت... شيزوفرينيا حادّة يعيشها "المسلم" .. فهو تارةً مع الذوق الغربي ثقافيّاً وعسكريّاً واجتماعيّاً , ولكنه "يصلّي على النبي" حين يلتقي برموزه الغربيّة وأساطينه ويفتتح "كلمته" بينهم بـ بسم الله الرحمن الرحيم وتكبّر "حشوده"المؤتمرة بأمرة الغرب وتحت أعلامه "الله أكبر" ثمّ ويصلّي تحتها ! ثمّ يتناول "الجانب العسكري" من نصفه "الشقيقيّ" الغربيّ ليقتل شقيقه من نصفه المسلم الحادّ شقيقه بالدمّ أو يتهجّم عليه بقلمه بلازمة اعتدنا على سماعها منذ عشرات السنين وملتّها مسامعنا التي طالما تخدّشت منها من كثرة ترديدها ؛ قاتل مجرم سفّاح طاغية ملحد لا يحكم بما أنزل الله ! يقتل شعبه أسلحة دمار شامل جلب الويلات والحروب دكتاتور أغنى رجل في العالم ..الخ , بينما نصفه الغربيّ هو من يحيك المؤامرات ويسمح للأحزاب "الإسلاميّة" المتخلّفة بمنتميها يحيك عبرهم المؤامرات ويواصل بدلاً عن الغرب ذبح "الأمّة" بهم ويزيدها بهم جهلاً فوق جهلهم ... ألم يهبط الطائفي الخميني في مطار طهران بطائرة فرنسيّة ثمّ ويزيح الغرب من أمامه حليفه "الشاه" ليسهّل عليه استلام حكم إيران ويسرق الثورة التي أنضجتها القوى الثوريّة الإيرانيّة الحقيقيّة .. لتعلن المنطقة بأسرها منذ ذلك التاريخ "منطقة كوارث دينيّة طائفيّة" سوف لن تتعايش مع مفهوم الوطن والمواطنة منذ ذلك الوقت ولحدّ الساعة وإلى زمن غير معلوم متوقّف هو الاخر على نتائج الأزمة الماليّة الكونيّة الذي يلفّ زلزالها القوّة المحرّكة الأعظم لكلّ ما يحدث في منطقتنا والعالم .