شبكة ذي قار
عاجل










جميع الحروب والنزاعات الملسّحة والغزوات لها أسباب ومبرّرات وأهداف واضحة "تستحق" التضحية من أجلها, الاّ حرب الصومال. أتساءل باستمرار عن أي شيءٍ يتقاتل الصوماليون منذ أكثر من عشرين عام؟ فلا يوجد في الصومال بترول أو ثروات أخرى, ولا توجد مؤسسات أو بُنى تختية ذات شأن حتى يمكن الفوز والظفر بها. ولا توجد دولة لا بالمعنى الحديث ولا بالمعنى القديم, فقد كفّ الصومال عن أن يكون كذلك, حتى يمكن الاستيلاء على مقاليد الأمور فيها. و لا يوجد ما يُغري أو يسيل له لعاب أي جهة أو طرف في بلد هو الأفقر في العالم. لا توجد حتى حركة سياحة مثلا يستطيع الفرقاء والخصوم المتحاربون, على مختلف أطيافهم وتلوّن راياتهم, السيطرة عليها وجني الأرباح من خلالها. فلم أسمع في حياتي أن إنسانا, من أي بلد كان, قصد الصومال من أجل الاستجمام والراحة حتى في زمن الديكتاتور زياد برّي. فبربّكم يا ناس, على أي شيء يتقاتل ويقتل الصوماليون بعضهم البعض؟ خصوصا وهُم يرون أبناء بلدهم وقد تحوّلوا الى هياكل عظمية لا تقوى على الوقوف أو المشي, تكسوها جلود أحرقتها أقدار ومناخ لا يرحم. وهل يعقل أن "ثوار ومجاهدي ومقاتلي" الصومال المنكوب, الذين لا يملكون أي شيء الاّ السلاح, لم يجدوا في موت وفرار الآلاف من أبناء جلدتهم نساءا وأطفالا وشيوخا سببا كافيا, إن لم يكن السبب الوحيد, لاستخدام العقل والمنطق والكلمة الحسنة فيما بينهم بدل السلاح والعنف. ثم أية شريعة وأي دين وأي مباديء وأي أهداف أو مصالح تستوجب سفك الدماء المستمر هذا منذ عقدين وتمزيق البلاد وإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار فيها, وفقدان الأمل والأمان بشكل كامل بالنسبة لشعبها, خصوصا أجياله القادمة. والى متى يستمر المتصارعون, تحت أية راية أو يافطة كانوا, في القتال والصراع نيابة عن بلدان مجاورة وغير مجاورة حوّلت الصومال, البلد الفقير والمعدم أصلا الى "فرجة" للعالم. الى درجة أصبح فيها إسم الصومال, في الوعي والذاكرة الجمعية لمعظم دول وشعوب العالم, لا يعني الاّ شيئا واحدا: المجاعة والجفاف والموت. أليس حريا بالفرقاء والخصوم المتصارعين والمتقاتلين بكافة أنواع الآسلحة, لو توفّرت لديهم ذرّة من الانسانية والنخوة والضمير الحي وتخلّصوا من الانانية الشخصية والحزبية والقبلية, أن يبيعوا جميع أسلحتهم ويتحوّلوا الى جمعيات خيرية ومنظات إغاثة وبقفوا الى جانب شعبهم الذي تطحنه المجاعة والجفاف والحروب اللامجدية والغير قابلة لأي تبرير أو تفسير. بدل من تركه تحت رحمة منظمات وجمعيات ومؤسسات أجنبية لا تعرف عن تقاليده وأعرافه وثقافته لاّ القليل القليل ولا ترى فيه سوى أفواها مفتوحة وعيون دامعة تخفي ألف مأساة وسؤال. أم أن مقاتلي "داحس والغبراء" الصومالية لم يتعلّموا شيئا آخر في الحياة غير القتل والقتال. وحتى لو قُدر لأحد الأطراف, وهو إحتمال ضعيف وضيئل إذا إستمرّت الأمور على هذا المنوال, بان يكسب هذه الحرب المرهقة والباهضة الثمن بشريا, فماذا سيفعل ببلد هجره معظم أبنائه وعمّ الخراب والدمارأرجائه وتنعق غربان البَين, عربية وغربية وصهيونية, في أرضه الجرداء وسمائه؟ وليس مستبعدا أن يجد القائزون أنفسهم في يوم ما, بعد أن لم يبقَ من الصومال الاّ الأسم والذكرى, في جولة صراع أخرى مع بعضهم البعض, خصوصا وإن وفرة السلاح المختلف الأنواع والأشكال والمصادر وقلّة الطعام والشراب والأمل, سوف تشجّعهم بل تدفعهم, لا سامح الله, الى حرب "بسوس" أخرى. لأن هؤلاء "المقاتلين من أجل لا شيء" أدمنوا على ما يبدو على سفك الدماء وتشبّعوا بغريزة القتل والانتقام وإعتبار الخصم, حتى الذي يختلف معهم على روية هلال رمضان, عدوا لدودا يجب إبادته ومحوه من على وجه الأرض. ولأجل حماية ما تبقى من الشعب الصومالي الآخذ في الانقراض, ورغم سوء وتعاسة الظروف التي يعيشها خصوصا بعد موت ضمائر ونخوات وهمّة الأثرياء العرب, الخليجيين على وجه التحديد, الذي يبذّرون ويصرفون الأموال الطائلة على العاهرات ولاعبي كرة القدم, فانّي أقترح على الخصوم الصوماليون من أية ملّة أو تنظيم كانوا, أن يختاروا لهم أحدى الصحاري العربية الواسعة, وبعيدا عن الناس الأبرياء, ليقتلوا ويُقاتلوا بعضهم البعض حتى آخر رجل فيهم. mkhalaf@alice.it




الجمعة١٢ ÑãÖÜÇä ١٤٣٢ ۞۞۞ ١٢ / ÃÈ / ٢٠١١


أفضل المقالات اليومية
المقال السابق محمد العماري طباعة المقال أحدث المقالات دليل المواقع تحميل المقال مراسلة الكاتب
أحدث المقالات المضافة
فؤاد الحاج - العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب
ميلاد عمر المزوغي - العراق والسير في ركب التطبيع
فؤاد الحاج - إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟- الحلقة الاخيرة
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ - الحلقة السادسة
مجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق - ãÌáÓ ÚÔÇÆÑ ÇáÚÑÇÞ ÇáÚÑÈíÉ Ýí ÌäæÈ ÇáÚÑÇÞ íåäÆ ÇáÔÚÈ ÇáÚÑÇÞí æÇáãÓáãíä ßÇÝÉ ÈãäÇÓÈÉ ÚíÏ ÇáÇÖÍì ÇáãÈÇÑß ÚÇã ١٤٤٥ åÌÑíÉ
مكتب الثقافة والإعلام القومي - برقية تهنئة إلى الرفيق المناضِل علي الرّيح السَنهوري الأمين العام المساعد و الرفاق أعضاء القيادة القومية
أ.د. مؤيد المحمودي - هل يعقل أن الطريق إلى فلسطين لا بد أن يمر من خلال مطاعم كنتاكي في بغداد؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ الحلقة الخامسة
د. أبا الحكم - مرة أخرى وأخرى.. متى تنتهي كارثة الكهرباء في العراق؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الإخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ ] - الحلقة الرابعة
القيادة العامة للقوات المسلحة - نعي الفريق الركن طالع خليل أرحيم الدوري
مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء السادس ) مصطلحات جغرافية وأخرى مشبوهة
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي - تصريح الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي حول مزاعم ومغالطات خضير المرشدي في مقابلاته على اليوتيوب ( الرد الكامل )
مكتب الثقافة والإعلام القومي - مكتب الثقافة والإعلام القومي ينعي الرفيق المناضل المهندس سعيد المهدي سعيد، عضو قيادة تنظيمات إقليم كردفان