22- إن تحديد شكل الصراعات الفكرية و النضالية المرشحة للمرحلة المستقبلية في عالم يعيش حالة من الفوضى و التغيرات الشكلية في الديمقراطيات السياسية سواء كانت تمثل أنظمة حكم ديكتاتورية أو أُتراقراطية أو اُوليغارشية أو حتى ليبرالية وإشتراكية صعب جداً لان هذه التداخلات سواء في المواقف أوفي الرأي وخاصة في هذا القرن عَقًدَ الكثير من التحليلات والاستنتاجات فطريق الثورة للتغير كان من صلب الفكر النقدي الاشتراكي وحضى بدعم الدول الاشتراكية والثورية فقط أمام معاندة للدول الرأسمالية لكل شئ له علاقة بالثورات وتدين ما كانت تطلق عليه بالعنف أوالارهاب وبديلهم إستخدام الطرق الليبرالية وكانت تتهم الدول الاشتراكية في ساندتها للدول الثورية بأن ذلك تشجيع لفوضى وتهديداً للامن والسلم العالمي ,ومن المضحك أن الرأسمالية العالمية تتبنى اليوم (هذه الفوضى) وتطلق عليها بالثورات وتصنفها باللون وبالفصول وتدافع عنها!وتدفع بإتجاه تغير أنظمة الحكم هذه وتدعوا لاقامة ديمقراطيات غريبة عن كل القواميس التي تُعَرف كل أنواع الديمقراطيات, فهي هجينية في تركيبتها وفريدة في نوعيتها ومركبة من ديمقراطية ليبرالية وفوضوية تحمل في مضامينهارفض ميخائيل باكونين لكل أنواع السلطة, من خلال الشعارات المرفوعة والتي تنادي برفض كل أشكال السلطة والتشكيك بكل ما له علاقة بالنظام السابق ومن ثم حل كل مؤسسات الدولة وإجتثاث الافراد والمؤسسات التي كان يتعامل بها النظام السابق وتؤيد وبقوة إستخدام العنف الثوي في التغير,وفي نفس الوقت تلحق هذا الاتجاه بسياسة التوافق وفي بلدان عربية أُخرى تقدم أسلوب التوافق على أسلوب العنف في تحقيق التغيرات في أنظمة الحكم! .. إنه الاتجاه بالمنطقة نحو الفوضى والمجهول وهو إتجاه يقوم على ترضية الكل بقسمة أما طائفيةومذهبية دينية أو قومية عرقية لانها القسمة الوحيدة التي تتيح للدول الاستعمارية الطامعة قادرة على فرض سيطرتها على المنطقة بأطوارمختلفة ولفترات أطول!..فنظام الحكم في العراق شكلٌ من هذه التركيبة الجديدة لطبخة لا توجد في أيٍ من القواميس الديمقراطية. ,فهونظام قائم على محاصصة طائفية دينية وعرقية(فهو لا وطني) وهذا أول أسفين في مفاهيم والتجارب الديمقراطية العالمية سواء كانت إشتراكية أو ليبرالية , وهذه المحاصصة أخذت شكلاً تعبيراً بأحزاب دينيةطائفية وقومية عرقية لاتمثل أهداف وغايات القاعدة العريضة من الشعب العراقي ولكنها فُرضت من قبل قوة الاحتلال الامريكي والايراني لتكوين مشهداً سياسياً كاذباً يعبر عن تعددية حزبية,وهذه التعددية الحزبية لا تمتلك اي قاسم مشترك بينها اليوم سوى إنها من صنع الاجنبي المحتل,ويحاول المحتل أن يخدع الرأي العام العراقي والعربي و من ثم العالمي بإن هذه التركيبة السياسية تمثل مكونات الشعب العراقي وإن توافقها ديمقراطي على أُسس دستورية وبموجب تحالفات تفاهمية كالديمقراطية التي يعيشها الغرب!والحقيقية ان هذا المنتج السياسي لا ينتمي لديمقراطية الغرب المعاصرة ولا هو حاصل بسبب تفاهمات وتحالفات دستورية وديمقراطية بل قائم بسبب الضغط الاجنبي لكي يكون هذا المنتج السايسي يهذه الصورة و الشكلية التوافقيةوالذي اطلق عليه بالعملية السياسية والتي هي ثمار جريمته بغزوه للعراق,والشعب سليب الارادة ومقيد بمصالح القوى المحتلة(فهو فاقد للسيادة), وأما فوضويته فهي تتمثل أن كل من هذه الاحزاب أو التشكيلات المشاركة بالمنتج الاجنبي لهاقوة عسكرية أما أن تكون بشكل ميليشية مستقلة عن أجهزة الامن والشرطة والجيش أوهي تخترق هذه الاجهزة و تأتمر بأمر هذه الاحزاب , وفي كلتا الحالتين يكون الوضع الامني والاقتصادي والسياسي و ما يترتب منهما هو مرهون بإرادة مرجعية دينية او مذهبية او عرقية تُسَير تلك القوى بإتجاه مصالحها المحدودة, ويترتب على ذلك غيابٌ كاملٌ للمواقف الوطنية للدولة ,فكل حزب أو إئتلاف يبني موقفه الخاص حسب رؤيته ومصلحته التي غالباً ما تكون مرتبطة بالمصالح الاجنبية,وأما الدولة وبمؤسساتها الجديدة فهي موجودة لكي تمد هذه الاحزاب والقوى والسيد المحتل (بالشرعيىة السياسية) وتتحول الى الدجاجة التي تبيض ذهباً لهم,وما حقائق الفساد الاداري والمالي في هذا الحكم إلا دليل على إنه( نظام الحكم في العراق) نظاماً قائماً على حكم أحزاب أنانية جاء بها المحتل ولا تحمل أي شكل من اشكال الحكم الديمقراطي بل هو حكم أُوليغراشي ويهدف لخلق فوضى في العراق وفي نفس يصدر الفوضى لمحيطه الاقليمي,ومن مظاهر هذه الفوضى الداخلية الانحرافات الكثيرة وان ما يسمى بالدولة لا تقدر أن تحاسب أي مجرم أو شخص فاسد إلابموافقة تكتله أو إئتلافه أو حزبه,وأيظاً كل من هذه الاشكال الحزبية و الائتلافات لا يعترف بوجود الدولة إلا بالقدر الذي يسيتفاد هو منه,فبالنتيجة لا وجود لشئ أسمه دولة وطنية بل كل حزب يعمل وفق ما تقتضيه مصلحته!فاية ديمقراطية هذه؟وما يتبجحون به مع سيدهم المحتل من وجود ديمقراطية في الرأي فهي لا تتعدى أن تبدأء بالمهاترات الكلاميةبين هذه العصابات وتنتهي بطلقة من مسدس كاتم أو مفخخة في مكان ما ومن ثم يستمر جوع الشعب وفقره وهو الذي يملك كل الخيرات..تحيا الديمقراطية التي جوعت الشعب العراقي وشردت أكثر من أربعة ملايين ونصف المليون وجعلت الموت المستضيف الدائم في شوارع البلاد. إنها ديمقراطية المجرمين والقتلة والسُراق.. 23-إذن الذي يجري في منطقتنا العربية من تدخل أجنبي مباشر كالذي يحدث في ليبيا أو غير مباشر في بعض الدول العربية في تأجيج الصراعات وتغذية الانتفاضات لا يمكن ان يُحسب بالثورة,لان الثورة ليس فوران شعبي ضد نظام حكم لتصل بتغير النظام الديمقراطي(نظام الحكم) ومهما كان ذلك النظام سواء كان ديكتاتورياً أو أُليغارشياً اومستبدأً,ومن ثم يبدأ هذا التغير يإخذ بالانحراف بإتجاه مصالح فئة أو حزب جديد يركب موجة هذه الانتفاضات وهذا الشكل من الفورات موجود ومتحقق في كثير من بلدان العالم,الذي يجب ان نفهمه جيدأ أن الثورة الحقيقية تبدأ بوجود فكر ثوري أو حتى جدلية لأفكار ثورية تضع برنامجاً ثورياً للتغير أولاً ومن ثم صياغة قوانين ثورية يتم الاتفاق عليها بين عناصر الثورة وبموجبها تتحدد طبيعة المرحلة التي تلي حدث التغير لكي لا تفقد الثورة زخمها النضالي والعددي بعد التغيروتكون مسارات الثورة وكيفية المباشرة بتنفيذ أجراءات التغير واضحة للثوار قيادةً وقاعدةً, والاهم المحافظة على الثورة من إنحرافها وسرقتها وهذه تكون بضمانة القوانين الثورية التي أتفق عليها الثوار قبل إنجاز الثورة,أي هنالك زاوية لا يجب أن تكتنفها اي حالة من الغموض او عدم الوضوح وهي شكل وانواع التحالفات الثورية قبل وبعد الثورة. إن هذا الامر يجعل الثورة مستمرة حتى بعد تحقيق التغير ويجنبها اي إختراق,هذا النموذج والشكل يمكن أن يطلق عليه بالثورة ,لا ان يبدأ الفعل الاحتجاجي ويتطور الى الرفض و من ثم يتوسع ليكون مجابهاً وبعد ان يُغير النظام تتشكل منه ما يطلقون عليه في هذه الايام قيادات الثورة وبعد التغير تظهر ايديولوجيات جديدة وتظهر مطالبات من هذا الطرف المشارك بالثورة أو من ذاك الطرف وتوضع تكتيكات إنفعالية فقط لتستمر بإمتصاص الزخم الشعبي الغاضب على أنظمة حكمه.إنها وسيلة جديدة من وسائل الامبريالية العالمية لركب موجة الغضب الجماهيري التي قد تؤدي بتغير جذري للنظام السياسي الذي قد يجعل الدوائر الامبريالية في حالة من الاحراج أو الخطر على مصالحها في المنطقة,فتبادر هذه الدوائر بركب موجة هذا الغضب الجماهيري عبر أدوات جديدة لها تصبغها بصبغة الوطنية وتعطيها دعماً علنيأ أو متستراً وفي نفس الوقت تضحي بادواتها السابقة التي فقدت كل أنواع الشرعية الشعبية وهذه ستراتيجية إستعمارية قديمة ومعروفة,لان هذه الدوائر تدرك تماماً أن التضحية بادواتها اي بعض الرموز للنظام السابق أفضل لها من فقدانها للنظام السياسي بشكل كلي والذي قد يعني فقدانها لمصالحها الستراتيجية للخطر,وهذه الدوائر الاستعمارية تتذكر أن تمسكها بعملائها في العراق كان أحد اسباب فقدانها لنفوذها في العراق وللنظام الملكي بثورة شعبية حقيقية في 14تموز عام 1958.لذا أستفادت من هذا الدرس وتخلت عن مدللها شاه إيران عندما قامت ثورة الشعب الايراني تتصاعد حتى تحققت في عام 1979 و لكنها سمحت لركب الموجة مجموعة من الملالي افضل من يقود هذه الثورة ثوار إيرانينون وطنيون سواء كان ليراليون او ماركسيون أو ثوريون حقيقيون . فالذي اريد أن اقوله أن الثورة برأي لاتحتاج الى حال خلق عبر التاجيج الاعلامي و تسخير كل ما يمكن من منابر دولية أو إقليمية لخلق ثورة!فأي توافق يمكن ان يكون بين الدوائر الامبريالية الصهيوينية وأدواتها الاقليمية المختلفة العسكرية أو الاعلامية لدعم تحرك أو إنتفاضة شعبية عربية أو في مكان من العالم إذ لم تكن هذه الدوائر قد هيئت الوجوه الجديدة لما بعد التغير وقد ضمنت مصالحها الستراتيجية المهمة وفي نفس الوقت قد تتنازل عن بعض المواقف و الخطوات التكتيكية لغرض مساعدتها على القفز لمرحلة ما بعد التغير,إن الثورات الحقيقية المعاصرة تحتاج لحالة التنضيج أولاً و من ثم التأجيج,لان النضج يمنحها القدرة على قراءة صحيحة وواقعية لحالة الثورة قبل وبعد الثورة,والثورة الغير ناضجة يمكنها أن تحقق تغيرها المنشود ولكنها ستفقده بعد إستلامها للسلطة,فهي في مرحلة الاعداد للثورة تكون قوية جداً ولكنها تكون مراقبة ومرصودة من قبل اعدائها عندما تصبح في السلطة, أي بعد التغير إذ لم تمتلك النضج الكافي ستكون في حالة أضعف جداً من قبل أعدائها فأما أن تتعرض للانحراف أو أن تبدأ بأكل ثوارهاوتنحرف. وايظاً لست بموقع أن اتمنى ولكن إذا لم يتحرك المجلس العسكري المصري بشكل يبدي فيه نوع من المركزية,فإن مصر (لا سمح الله) متجهة الى فوضى قاتلة قد تؤدي بهدم الدولة ومؤسساتها وقد تمتد هذه الفوضى لتعم الوطن العربي (لا سمح الله) وذلك بسبب مكانة وقوة تأثير مصر في المحيط العربي,والذي يجعلنا نتوقع هذا الاسوء,هو أن بعد إنتصار التغير في مصر,أصاب الشرطة المصرية وقوى الامن حالة من الاحباط والتردد في محاسبة حتى من يخرج عن القانون,بحيث فقدت جرئتها في بسط القانون ومحاسبة المخالفين وأيظاً هي متهمة بأنها جزء من نظام حسني مبارك وهذا خطأ كبير أتمنى أن لايقع فيه الحكام الجدد في مصر الحبيبة ,وهذا الفهم افقد هذه القوى جرئة تطبيق القانون و خاصة أن هنالك مفهوماً رافق التغير بان أية حالة أو وضع لا يرضي فئة أو جهة في المجتمع المصري ممكن إزالته بالتظاهر ضده وأصبح التظاهر وسيلة لاي مجموعة تشتهي تغيرأ ما و حيث ترسخت قناعة جديدة أن هذا الاسلوب هو الذي اسقط النظام السابق ورئيسه..وتونس سبقت مصر بإن تعيش هذه الحالة,وأصبح قانون جديداً ظهر في الساحة المصرية وبدأ ينتشر بشكل غريب في الساحة العربية ايظاً وهو كلما لم يعجب أي فئة أو مجموعة من الشعب شخصية أو موقف معين فالتظاهر وسيلة لاسقاطه! فوضى تريد الامبريالية أن يعيشها الوطن العربي من مشرقه لمغربه,ويكون هذا الاسلوب سيف على رقاب الانظمة الحليفة لها إذا ما فكرت أن تخرج عن طوعها ,وايظاً هي وسيلة لتطبيق السياسة الاستعمارية القديمة (فرق تسد)في المنطقة العربية,واليوم العرب يعيشون وضعاً مشتتاً لغياب أي نظام قومي قادر أن يجمع العرب على الحد الادنى من التوافق,والقدرة المقصودة هنا في قوة العقيدة القومية الاشتراكية والقوة المادية بوجود إقتصاد قوي وقوة عسكرية ضاربة (عددياً ونوعياً),وهذا كان متمثلاً في عراق البعث قبل الاحتلال,والذي تأمرت القوى الامبرالية وعملائها في المنطقة ولم تتوقف هذه المحاولات إلا بإزاحة هذا النظام الثوري العربي,. إن غاية الامبريالية والصهيونية ليس الثورة بل الفوضى وقد تم إستغلال إنتفاضة الشعب العربي في بعض اقطاره بشكل وظفته لخدمة مصالحها وذلك لافتقاد هذه ألانتفاضات للقيادات الثورية القادرة على صيرورة هذه الانتفاضات الى ثورات حقيقية تصل بالجماهير المنتفضة الكادحة الى تحقيق أهداف الثورة الحقيقية.