ليس المقصود من العنوان الاثارة، كما أن المقصود من التعبير ليس حرفيته فاليابانيون ليسوا عرباً ولم يكونوا كذلك على مر العصور، كما لم يكن العرب يابانيين! فماذا الذي يجمع العرب واليابانيين ومالذي استدعى هذا العنوان؟ لنرى... يتمسك اليابانيون باصالتهم وتقاليدهم التي وروثوها عن أسلافهم حد الموت،،، وهم في هذا المجال لا يعيرون للموت أهمية كبرى بسبب إيمانهم الراسخ بالحياة الاخرى، يضحون بأنفسهم بسهولة عندما يستدعي الموقف التضحية، ويجودون بكل مايملكون من وقت وجهد وسواهما عندما تستلزم الضرورة ذلك. ومهما كان نوع الحياة الاخرى التي يؤمنون بها ومهما كان نوع الدين الذي يدينون به فأن ذلك خارج الموضوع، فالمهم الايمان وقوة الايمان والاستعداد للدفاع عن ذلك الهدف وهذا الايمان. وهذا واضح في يابان اليوم والأمس، يابان السلم ويابان الحرب. كيف حارب اليابانيون أعدائهم؟ ولكي لا نغوص في أعماق التاريخ سنتحدث وبأختصار عن الايام الاخيرة للحرب العالمية الثانية التي انتهت عام 1945وكانت آخر حرب عسكرية خاضتها اليابان وخسرتها. لقد كان اليابانيون وفي الاشهر الأخيرة من تلك الحرب يعانون من نقص حاد في الموارد الاقتصادية اللازمة لمواصلة القتال بشكل كفوء في مواجهة جبهة عريضة من الأعداء ضمت الى جانب قوى الاستعمار القديم القوة الاستعمارية الجديدة ذات الموارد الاقتصادية الهائلة الا وهي الولايات المتحدة الأمريكية. وقد تأثرت الآلة الحربية اليابانية كثيراً بشحة الموارد واصبح تعويض التجهيزات العسكرية المدمرة أمراً صعباً في ضوء تباطؤ التصنيع العسكري الذي اصبح يعاني من عدم توفر المواد الاولية ومن قصف طائرات الحلفاء، كما اصبح تموين القوات العسكرية المنتشرة على جبهات متعددة شحيحاً وفقيراً، واصبح الجهد الاداري المبذول في هذا الجانب عبئاً على القيادة العسكرية التي كانت تفضل قضاء الوقت في التخطيط للمجابهة العسكرية وصد هجمات العدو الشرسة التي استنفذت معظم قطع الأسطول البحري الياباني وكذلك اسطولها الجوي. ولم يكن حليفا اليابان الرئيسيان وهما ألمانيا الهتلرية وأيطاليا الفاشية بأحسن حالا، كما لم يكن بأمكانهما مد اليابان بأي نوع من العون المؤثر. والحال هذه، كان أمام اليابان خياران أمّا الاستسلام أو القتال وفق الطريقة اليابانية، وهذا الثاني هو ما اختارته القيادة اليابانية وماحصل! ويعتمد القتال على الطريقة اليابانية على مبدأ بسيط ووحيد وهو القتال حتى الموت! وكان لكل قائد ميداني أن يضع التعديلات المناسبة والابتكارت الملائمة لكي يكون القتال حتى الموت مؤثراً لايقاع اكبر الخسائر في صفوف العدو وأن يكون صمود القوات المدافعة لأطول وقت ممكن ومهما كانت التضحيات، فالقتال من اجل الوطن والموت في سبيله هو شرف مابعده شرف. كما إن الوقوع في الأسر هو خيار الجبناء. وقد تجلت هذه الاستراتيجية في كل معارك الجيش الياباني ولكنها برزت بشكل واضح في المراحل المتأخرة من الحرب حين أصبح الجنود والضباط لا يجدون مايأكلون أو يشربون وكان عليهم ابتكار الطرق للاستفادة من المواد المتوفرة للبقاء على قيد الحياة. وكمثل على صحة مانقول ناخذ معركة آيو جيما الشهيرة. وآيو جيما Iow Jima هي جزيرة يابانية صغيرة في المحيط الهاديء جنوب الجزر اليابانية الرئيسية. وكان اليابانيون يستخدمونها كنقطة مراقبة متقدمة للابلاغ عن الغارات الجوية المعادية إضافة إلى استخدام المدارج العسكرية الثلاثة على الجزيرة لشن غارات جوية على قطع اساطيل الحلفاء في المحيط الهادئ، ومن هنا كان مهماً لليابانيين المحافظة عليها والدفاع عنها ضد الغزو الأمريكي للجزيرة الذي ابتدأ في الخامس عشر من حزيران عام 1944 بقصف جوي عنيف للجزيرة. لقد توقعت الاستخبارات الأمريكية أن تسقط الجزيرة في غضون اسبوع بسبب عدم امكانية وصول اية امدادات عسكرية او ادارية لها وبسبب صعوبة التضاريس التي تمنع وجود النباتات وعدم وجود الماء على هذه الجزيرة البركانية( ويعني أسم الجزيرة باليابانية جزيرة الكبريت). كان عدد القوات المدافعة عن الجزيرة حوالي 22000 مقاتل يدعمهم نظام دفاعي معقد من الأنفاق والكهوف التي تم إعدادها طيلة ثلاثة أشهر قبل الغزو. فيما كانت حوالي 450 قطعة بحرية مختلفة الأحجام تحاصر الجزيرة أنزلت ماتعداده أكثر من 60 الف مقاتل أمريكي. دامت المعركة ستة وثلاثين يوماً تكبدت فيها القوات الأمريكية خسائر جسيمة في افرادها بين قتيل وجريح، فيما استطاعت هذه القوات احتلال الجزيرة وأسر 216 جندياً يابانياً فقط لم يكن بينهم ضابط واحد! فيما بلغت الخسائر الأمريكية 6800 قتيل و20 الف جريح. لم يقتل الأمريكان كل المدافعين بل مات عدد لابأس منهم أمّا بالانتحار او من الجوع والعطش بعد أن ضلوا طريقهم داخل شبكة الأنفاق المعقدة ولم يسلّموا أنفسهم للقوات الغازية، بل إن أثنين من المفقدودين ظلاّ في الجزيرة وهي تحت الاحتلال الأمريكي حتى عام 1951 حين تم العثور عليهما احياء. مايهمنا مما تقدم هو عقيدة الدفاع اليابانية التي تتمسك بقسم الشرف الذي قطعه اليابانيون لأمبراطورهم وفضلوا الموت وبشتى الوسائل على أن يحنثوا بقسمهم هذا. وهنا السؤال: وما علاقتنا نحن العرب بكل هذا؟ ليس لنا علاقة! ماقصدته بالعنوان هم العرب الأوائل، عرب الرسالة الإسلامية الذين حملوها غير مبالين بالموت الذي كانوا يرغبون فيه طلباً للشهادة وللحياة الأخرى الخالدة، ماقصدته بالعنوان هم الصحابة الأجلّاء ومن تبعهم بإيمانهم وثباتهم الذين كان الموت يهابهم ويهرب من ملاقاتهم، عرب الرسالة الأولى الذين حملوا شعلتها لتنير المشرق والمغرب غير آبهين بالجوع والعطش ونقص الأموال والأنفس والثمرات، ولامكترثين بما جمع الناس لهم، بل كان حسبهم الله ونعم الوكيل، الذين لما رأووا الاحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله ومازادهم إلا إيماناً وتسليما. الذين قضوا نحبهم ومابدلّوا تبديلا... هؤلاء هم العرب الذين نقصدهم والذين ربما كان اليابانيون ينتسبون إليهم بشكل أو بآخر. ولو كان عنوان المقالة " اليابانيون أصلهم مسلمين" ماكنّا قد جانبنا الصواب كثيراً، غيرإن مثل هذا العنوان قد يثير مشاكل اكثر مما تتحمل هذه المقالة المتواضعة. أمّا عرب اليوم فأنهم سيشبهون اليابنيين متى ماتمثلوا تلك المباديء وتقمصوها، وإلا فقد نحتاج الى جانب السيارات والأليكترونيات اليابانية التي نستوردها أن نستورد بعض المباديء! وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين. مصدر المعلومات التاريخية : http://en.wikipedia.org/wiki/Battle_of_Iwo_Jima