الحوار منحة ربانية وهبها للإنسان من اجل التفاهم والتعاون . كما انه اعتراف بالأخر وبحقه في القول , والمشاركة في اتخاذ القرارات . وقد ضمنت الرسالات السماوية والقوانين الوضعية هذا الحق . ولذلك نصت الدساتير على هذا الحق . ولكن الأنظمة الديكتاتورية غيبت هذا الحق للاستفراد بالسلطة واحتكارها لأنفسهم ولأبنائهم من بعدهم . كانت وسائل الإعلام في السابق تعبر عن رأي النظام أو الحكومة. وكل ما يقال هو الذي يجب أن يكون, ولا يجوز مخالفة ما يكتبه موظفو النظام الرسمي. أي لا يحق للآخرين الرد عليهم , ولا يسمح بالرد إذا تعارض مع قناعات كتاب النظام أو السلطة , مهما كانت هويتها واتجاهها الحزبي أو ألعقيدي . وفرت تقنية الاتصالات والإعلام الحديث .فرصة أمام القوى والأفراد للتعبير عن ارآئهم ومعتقداتهم , من خلال وسائل الاتصال الحديثة , وبالذات الانترنت , والفيسبوك والتوتير واليوتيوب وغيرها . سبق أن كتبت مقالا في ( العرب اليوم ) حول الفضائيات التي تخصصت بالدين والشعوذة والسحر, والأفلام الإباحية, والأغاني الهابطة. وقد اجتهد وزراء الإعلام العرب بوضع وثيقة سلوك للإعلام العربي. وتم إغلاق عدد من الفضائيات الهابطة في كل المستويات الأنف ذكرها. ألان أتعرض للردود التي تذيل المقالات الصحفية في الصحف ومواقع الانترنت. ففي حالة الصحف يمكن السيطرة عليها وحذف التعليقات التي تسئ للأشخاص أو تثير الأحقاد بسبب الانتماءات الدينية أو الطائفية أو القومية . لكن المشكلة في التعليقات المنشورة في المواقع الالكترونية . حيث تنشر الغث والسمين. تحت عبارة أن الموقع غير مسئول عما ينشر. صحيح أن الناس مشارب ومنابت من كل الصنوف. وتتباين أخلاقها من شخص إلى أخر , ولكن المؤسف أن ينحدر البعض إلى الدرك الأسفل من الانحطاط , ويتعرضون إلى الأشخاص في شرفهم , ومعتقداتهم , واتهامهم بما ليس فيهم . البعض يفهم ما يكتب وفق حسابات خاصة وأجندات محددة, ويفسر بعض العبارات تفسيرات بعيدة عن محتوى النص, والبعض يريد من الرد فرصة إما للهجوم على فكر معين , أو على شخص معين . فعندما يبين كاتب ما فضائل شخص قيادي مثل جمال عبد الناصر أو صدام حسين أو ياسر عرفات أو حسن نصرا لله وغيرهم ,فانه يعبر عن اعتقاده ووجهة نظره فيهم .وليس بالضرورة أن يعجب الكل , فيعمد المعارضون لهذه الشخصيات بالسب والشتم , وإظهار خلفيات تاريخية , للنيل من هذه الشخصيات .والبعض يعجب من الأردنيين لأنهم يحبون هذا الزعيم أو ذاك .والبعض الأخر يستكثر على العربي في الأردن أو سوريا التعرض لبلده ,وكأن بلده في المريخ وليس في هذا الكوكب الذي نعيش عليه . منذ صباي تعودت على احترام الأخر.ولم اعمد إلى أسلوب الذم والقدح ,بل اعمد الى التحليل والمصلحة الوطنية والقومية .أما أن تعجب مقالاتي كل القراء فهو أمر مستحيل , ولم يتمكن حتى الرسل من إقناع الكل أو نيل رضاهم . لذلك لا اعمد إلى أسلوب الرد المقابل, كما أن الرد المتأخر لا يستحق الرد المقابل, حتى لا امنحه فرصة أخرى للرد, وأحقق له هدفه كما أن الرد المقابل على التعقيب يثير انتباه القراء. إن النقد الموضوعي هو الذي يركز على المضمون , دون إغفال معتقد الكاتب , وهو حق له ضمنه الدستور والقوانين , أما الرد المتشنج المنطلق من أحقاد شخصية وعقد دينية أو طائفية أو عرقية , فهو رد منبوذ ومستهجن يصدر من إنسان يدعي التحضر والعيش في عصر التمدن والحضارة . اعتقد أن في التطور الهائل في مواقع الانترنت , جانب ايجابي حيث منح الشباب فرصة المطالبة بالحرية , وجانب أخر سلبي يقود إلى الانحلال الأخلاقي , واغتيال الشخصية الوطنية والقومية . وعليه فمن الواجب أن يصدر ميثاق أخلاقي يلتزم بموجبه أصحاب المدونات والمواقع بقدر من المسئولية الأخلاقية إزاء ما ينشر, بحيث تتم مراعاة المبادئ والقيم والأعراف الاجتماعية. وإذا كان الجميع يطالب بالحرية في القول والمعتقد, فالأولى أن يراعي الجميع مشاعر الآخرين وسمعتهم. المطلوب مواجهة الحجة بالحجة .