من غير الممكن أن يتحوّل الحمار الى إنسان , لكن العكس صحيح تماما ووارد حتى وأن إختلف الشكل والهيئة وطريقة النهيق وإسلوبه لدى الطرفين. وإذا كانت لدى بعض الناس , خصوصا في ما يُسمى باقليم كردستان العراق , قدرة وإرادة لأن يتحوّلوا الى حمير , ربما لأنهم عجزوا وفشلوا في الحفاظ على كونهم بشر , فمن حسن حظّ الحمار "الحيوان" أن لا قدرة ولا إرادة لديه ليتحوّل الى إنسان على شاكلة السيد عمر كلول , رئيس حزب الحمير في مدينة السليمانية شمال العراق. فقد أقام هذا السيد الحمار , وهو بالتأكيد سعيد جدا بهذه الصفة , معرضا للصور والرسوم حول معاناة الحمير في ما يُسمى باقليم كردستان العراق , بعد أن أصبحت معاناة وعذابات البشر ومشاكلهم اليومية , خصوصا في ظل رئاسة صاحب الفخامة والسعادة والسمو شاهنشاه مسعود البرزاني , أمرا عاديا لا يثير أدنى إهتمام لدى الثيران والبغال والخرفان السياسية التي تتحكّم بمصير الاقليم وتعتاش على العلف الأمريكي المنقّع بمياه الذل والخضوع والتبعية المطلقة. بل إن السيد عمر كلول , الحمار بملء إرادته وبكامل قواه العقلية , طالب الجيش الأمريكي المختل بالتدخّل من أجل حماية الحمير. من نافلة القول أن هناك حيوانات , والحمار واحد منها , تؤدي خدمات عظيمة للانسان دون مقابل تقريبا وتستحق فعلا العناية والرعاية اللازمة منه , لكن ليس على حساب الانسان نفسه. بينما هناك بشر كالحمار إبن الحمار عمر كلول فقدوا , ربما بسبب التُخمة الديمقراطية التي يعشيها الاقليم الكردي , اأية صلة لهم بالبشر وأصبحوا أدنى مستوى وأقلّ قيمة وأحطّ منزلةً من الحمير , ذوات الأربعة وليس ذوات الاثنين , التي يدافعون عنها. ولا غرابة إن رأينا في يوم ما حمارا , من الصنف الحيواني المعروف , يترأس جلسة مهمّة لبرلمان إقليم "كردستان العراق" ويتبادل الابتسامات والحاديث الوديّة مع أمثاله الحمير من بني البشر. ففي معرض حديثه خلال إفتتاح معرض الحمير يوم الاثنين الماضي قال الحمار البشري عمر كلول "إن فكرة إقامة هذا المعرض في قاعة تورا في السليمانية هدفها إطلاع الرأي العام الكردستاني على ما لحق ويلحق بالحمير في الاقليم". منتقدا بشدّة حكومة الاقليم لأنها "لم تتحرّك لوقف الانتهاكات التي تتعرّض لها الحمير". ويبدو أن حمارنا عمر كلول تناسى أو تجاهل إن الانتهاكات والقمع والاضطهاد وخنق الحريات , بما فيها حرية الحيوان بأن يعيش كحيوان , هي السمة الطاغية على مجمل حياة أبناء الاقليم الكردي من بشر وشجر وحيوان. ولو أعار سكرتير حزب الحمير شيئا من الاهتمام والجهد والحماس لبني جلدته الأكراد , الذين يعانون تحت ديكتاتورية العميل مسعود البرزاني ربما أكثر مما تعنانيه الحيوانات , لما وجد نفسه اليوم مدافعا شرسا عن حقوق الحمير , وقد لا تكون الحمير نفسها بحاجة الى مَن يحاول سرقة دورها الحيواني المميّز. ولا مفرّ هنا من توجيه سؤال , ربما سبق للحمار عمر كلول آن سمعه من غيرنا , وهو ما موقف حزبه ورفاقه المتحمرينين )نسبة الى الحمير ( من عمليات القتل والاختطاف والحرمان وخنق الحريات وفساد العصابة - العائلة البرزانية الحاكمة؟ وربما يأتينا الجواب من الرجل الذي تقمّص شخصية الحمار وحاول تقليده ومنافسته على طبعه منذ حوالي عشرين عاما حيث قال "إنه بسبب شر وإنحراف البشر يجب أن تعيش كالحمار". ولم يكتفِ هذا الرجل الحمار بمطالبة جيش أسياده الأمريكان بحماية الحمير , متجاهلا طبعا حاجة الناس للحماية من تغوّل وبطش وقمع حزبي مسعود البرزاني وجلال الطلباني , بل بعث في شهر أيلول عام 2010 برسالة الى الرئيس الأمريكي باراك أوباما يطالبه فيها بالتدخّل لدى حكومةالاقليم من أجل تقديم الدعم المالي للحزب وفتح "إسطبلات"جديدة , والمقصود بها مقرات , للدفاع عن الحمير في مدن الاقليم. لا خلاف ولا إعتراض على حماية الحيوانات والدفاع عنها , خصوصا وإن فائدتها وخدمتها للانسان , كما أسلفنا تفوق كثيرا فائدة وخدمة بعض البشر لبني قومهم. ولكن التعامل مع الحيوانات بطريقة عنصرية بحتة , كما فعل السيد الحمار عمر كلول , مرفوض جملة وتفصيلا حتى من قبل الحمير نفسها. فلماذا أطلق على حزبه إسم "حزب الحمير الكردستاني" بدلا من "حزب الحمير" وأضفى عليه خصوصية وطابع عنصري قومي , خلافا لما تفعل جميع الأحزاب والجمعيات والمنظمات المهتمّة والمعنية بشؤون الحيوانات في مشارق الأرض ومغاربها؟ فهل يعني يا هذا إن حميركم "الكردية" الموقّرة تنتمي الى سلالة الملوك النبلاء وعيونها زرقاء اللون وقدودها رشيقة ورقيقة كالحيزران؟ أم أنكم أصبتم بعمى البصر والبصيرة عنصريا فدأبتم على رؤية العالم وما فيه من منظار "كردي" مصنوع في أمريكا ومورّد الى دياركم عبر الشركات الصهيونية التي علّمتكم السحر وفنون العمالة والخيانة وأجرت لكم عملية غسل دماء ودماغ من كل ما هو طبيعي وسليم وواقعي. فصرتم سجناء ورهائن لمشيئة وإرادة أكثر الحاقدين على العرب والمسلمين. وكان حريّ بك , أيها الأخ الحمار عمر كلول أن تطالب حكومة ما يُسمى باقليم كردستان العراق بان تفتح لكم المزيد من مستشفيات وعيادات الأمراض النفسية والعقلية لأنكم فعلا بحاجة ماسة لها وليس الى "إسطبلات" جديدة. ويكفينا نحن العراقيين , ما لدينا في المنطقة الخضراء من "إسطبل"حديث جدا يضم نخبة رائعة من الحمير الصالحة لجميع الأغراض والمهام , بما فيها الحمير الكريدية , أمثال الطلباني والزيباري وفؤاد معصوم وغيرهم , والتي هي بلا شك مبعثُ فخر وإعتزاز لك ولأمثالك من هذه الفصيلة الحيوانية الواسعة الانتشار في عراقنا المحتل. mkhalaf@alice.it