شبكة ذي قار
عاجل










كما كان التأسيس في العام 1981 لمجلس التعاون الخليجي، محاولة من أجل البقاء بعد شهور قليلة من اندلاع الحرب العراقية الايرانية، التي طرق لظاها البوابات البرية والجوية والبحرية لدول الخليج الست، تأتي اليوم لحظة التوسيع كرد فعل على الزلزال الشعبي العربي، الذي أطاح بكراسي كان كل ظن شاغليها أنها باتت مؤبدة لهم ولأولادهم وأحفادهم من بعدهم، حتى يرث الله الارض ومن عليها. ولان ارتدادات هذا التسونامي العربي عبرت قيروان تونس وكنانة مصر وزلزلت أقطار أخرى، حتى لم تسلم منها بعض أقطار المجلس نفسه، مثل عمان والبحرين وبعض مناطق السعودية، التي أصرت الاسر الحاكمة فيها على أنها بمنأئ عن كل ما يدور من حراك شعبي، على الرغم من ملايين الدولارات التي صرفت كمنح واعانات ورواتب اضافية عاجلة للمواطنين كي تطفئ نار غضبهم. واستنفار أمني واسع والاستعانة بالقوة العسكرية الخاصة بالمجلس، كما حدث في البحرين، فان القلق على العروش بات شرعيا في تفكير هذه السلطات من قوادم الايام. ولان القلق حينما يصيب الافراد يجعلهم يدورون في دوامة خوف دائم من كل ما حولهم، كذلك هي الانظمة السياسية حينما يجتاحها القلق فانها تصبح أسيرة خوف دائم، فتضطر للبحث عن أطر جديدة تستتر خلفها اتقاء المصير المجهول أو تستر فيها عورتها. لذلك فان دعوة القمة الخليجية التشاورية الثالثة عشرة التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض في العاشر من ايار/مايو الجاري، كلا من الاردن والمغرب للانضمام الى المجلس، رغم مفاجأتها الاعلامية، انما هي رد فعل طبيعي على التطورات السياسية الجارية اليوم في الوطن العربي، والتي نتجت عنها تطورات أخرى في المحيطين الاقليمي والدولي، انقلبت فيها تحالفات ستراتيجية قديمة، ويجري اللهاث لعقد تحالفات جديدة مع وجوه وقوى سياسية أخرى برزت في الساحة، أو تفعل الاحداث من وراء ستار. لقد بات ما يسمى (محور دول الاعتدال العربي) لاكثر من عقدين من الزمن مطمئنا لكذبة كبرى، أنه الاكثر استقرارا والاصلب عودا من الاخرين، والاقوى تحالفا مع الغرب والولايات المتحدة الامريكية تحديدا لان بيديه ملفات كبيرة للاخرين مصالح فيها، كما أنه الاكثر نفوذا وفعلا في السياسة العربية والشرق أوسطية ، لما للمملكة العربية السعودية ومحيطها (مجلس التعاون الخليجي) ومصر من موقع اعتباري وجيوسياسي ومقوم بشري، وبالتالي فانه عصي على التغيير أو التعرض للتهديد من هذا الجانب. لكن المفارقة الكبرى هي أن الضربة القاضية التي أطاحت بهذا المحور، جاءت من خاصرته القوية ومن أهم حلقاته وهي مصر، التي بسقوط نظامها السياسي الذي كان المطبخ الرئيسي لكل سياسات الاعتدال العربي العوراء، انكشفت كل عورات المعتدلين وسقطت دفعة واحدة كل تأثيرات المال السياسي ومراهناتهم على التحالفات الغربية، حتى ذهبت كل توسلات الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالرئيس أوباما أدراج الرياح، بل جابه طلبه الاخير بخروج مشرف وليس مهينا لحسني مبارك من مصر، جابهه اوباما برد أقوى وهو يقول له (عليك الرحيل الان). فاذا كانت حتى الصحف الاسرائيلية نبهت القيادة الصهيونية الى ضرورة الحذر من الاعتماد الكلي على الولايات المتحدة الامريكية، لانها قد تضحي بها كما ضحت بحليفها الاستراتيجي الاهم حسني مبارك، فكيف لدول مجلس التعاون الخليجي أن تأمن بعد ذلك على نفسها ومستقبل عروشها؟ ان فقدان الدعامة المصرية في نظام حسني مبارك الذي شرعن الكثير من ارادات المجلس بالضد من ارادة الامة، خاصة الحرب العدوانية على العراق في العام 1991 وغزوه في العام 2003، وتسويقه ودعمه للمبادرة العربية للسلام مع اسرائيل، ومحاصرة غزة لتركيع سلطة حماس لصالح سلطة عباس (المعتدلة)، واشهار ايران لتدخلها العلني في الكثير من دول المنطقة، خاصة البحرين والكويت، وانحراف زاوية النظر الامريكية عن التطلعات العدوانية الايرانية، والتقاعس عن لجمها كما كانت تريد دول الخليج، وانشغال العرب عن الاصغاء للرأي السعودي بسبب اهتمامهم بالتطورات الداخلية في بلدانهم، كلها عوامل ضغطت على الارادة الخليجية عامة والسعودية خاصة، وجعلتها تتجه الى القفز فوق النظام الاساسي للمجلس خاصة مادته الخامسة التي تنص (يتكون مجلس التعاون من الدول الست التي اشتركت في اجتماع وزراء الخارجية بالرياض بتاريخ 4 شباط/فبراير 1981)، وبذلك أصبح تغيير هذه المادة أمرا لابد منه لانضمام الاردن والمغرب. لقد كان الاردن ساعيا لهذا الانضمام منذ وقت طويل لاسباب اقتصادية معروفة، ثم دفعته الاحداث الداخلية الاخيرة الى الالحاح على هذا الطلب، خاصة أنه قد يواجه أزمة اقتصادية نتيجة انقطاع الغاز المصري قد يضطر فيها الى رفع أسعار الوقود. لكن انضمامه هذا يفيد المجلس من ناحية تأمين الحدود السعودية التي كانت مؤمنة طوال الاعوام الماضية، في حالة تطور الحالة السياسية في سورية، وهو المعروف عنه تقدمه في المجال الاستخباراتي الذي استعانت به الولايات المتحدة في التحقيق مع الكثير من ناشطي 'ÇáÞÇÚÏÉ'، مما يضيف جهدا استخباراتيا عالي المستوى الى الاجهزة الامنية الخليجية بشكل أكثر توسعا من خلال انضمامه. كما أن البنية الاجتماعية القبلية والمذهبية فيه تشكل عامل أغراء في قبوله. لكن الاثمان التي توازي المنافع من انضمامه قد لا تكون سهلة. فالنظام الملكي الاردني والحراك السياسي الحزبي وحرية الصحافة تختلف جذريا عما هو موجود في الدول الخليجية، وقد يكون انضمامه عامل كبح لكل هذه المميزات الاردنية، حيث بانت بوادرها في اجتماع العاهل الاردني مع الاعلام المحلي، محذرا من المساس بقادة دول الخليج، مع العلم أن الاردن انصاع للمطالب الكويتية في الضغط على وسائل الاعلام والحراك الشعبي، الذي كان يعبر عن التلاحم مع الشعب العراقي، كي يفوز بقبول انضمامه. أما المغرب الذي كان أكثر المتفاجئين بالدعوة الخليجية، لانه لا يمتلك أيا من الصفات التي تربط الاردن بدول الخليج، فهو الاخر على الرغم من أن نظامه السياسي ملكي، لكن أطره السياسية والحزبية والحراك الشعبي فيه تختلف جذريا عما هو موجود في الدول الخليجية، كما أن بعده الجغرافي عن الحيز الخليجي يجعل وجوده وجودا رمزيا، خاصة أنه ليس من الدول المتقدمة كي يستطيع أن ينقل قواته بسرعة فائقة في حالة حصول أي خطر يهدد أعضاء المجلس، وأن قناعته راسخة بأن هذه المنظومة لازالت متعثرة، على الرغم من بلوغها سن الثلاثين عاما، وأن غالبية مبادئها لازالت حبرا على ورق، وبالتالي فانها لن تقدم له شيئا ملموسا يقيه من الاهتزازات التي تضرب الوطن العربي، لذلك كانت ردود الفعل الرسمية المغربية على المبادرة باردة بعض الشيء، ومؤكدة على الوحدة الجغرافية المغاربية، بينما ردود الفعل الشعبية رافضة تقريبا هذا الانضمام حتى على المستوى الشعبي الخليجي. ان الدعوة لتوسيع مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد تكون أحد الاثمان التي يحاول المجلس دفعها نتيجة الثورات العربية، لكن حتى لو لم يحدث الزلزال في تلك الدول الملكية كالذي أطاح بالاخرين، فان الاوضاع فيها لا يمكن أن تبقى كما كانت قبل حصول الثورات، وان الحل الامثل للخروج من هذا المأزق، هو الشروع بعملية اصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي حقيقي، وليس بالتخندق المذهبي القائم على أساس أحلاف لانظمة ملكية ذات صبغة مذهبية محددة.




الاربعاء١٥ ÌãÇÏí ÇáÇÎÑ ١٤٣٢ ۞۞۞ ١٨ / ÃíÜÜÜÇÑ / ٢٠١١


أفضل المقالات اليومية
المقال السابق د. مثنى عبد الله طباعة المقال أحدث المقالات دليل المواقع تحميل المقال مراسلة الكاتب
أحدث المقالات المضافة
فؤاد الحاج - العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب
ميلاد عمر المزوغي - العراق والسير في ركب التطبيع
فؤاد الحاج - إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟- الحلقة الاخيرة
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ - الحلقة السادسة
مجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق - ãÌáÓ ÚÔÇÆÑ ÇáÚÑÇÞ ÇáÚÑÈíÉ Ýí ÌäæÈ ÇáÚÑÇÞ íåäÆ ÇáÔÚÈ ÇáÚÑÇÞí æÇáãÓáãíä ßÇÝÉ ÈãäÇÓÈÉ ÚíÏ ÇáÇÖÍì ÇáãÈÇÑß ÚÇã ١٤٤٥ åÌÑíÉ
مكتب الثقافة والإعلام القومي - برقية تهنئة إلى الرفيق المناضِل علي الرّيح السَنهوري الأمين العام المساعد و الرفاق أعضاء القيادة القومية
أ.د. مؤيد المحمودي - هل يعقل أن الطريق إلى فلسطين لا بد أن يمر من خلال مطاعم كنتاكي في بغداد؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ الحلقة الخامسة
د. أبا الحكم - مرة أخرى وأخرى.. متى تنتهي كارثة الكهرباء في العراق؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الإخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ ] - الحلقة الرابعة
القيادة العامة للقوات المسلحة - نعي الفريق الركن طالع خليل أرحيم الدوري
مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء السادس ) مصطلحات جغرافية وأخرى مشبوهة
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي - تصريح الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي حول مزاعم ومغالطات خضير المرشدي في مقابلاته على اليوتيوب ( الرد الكامل )
مكتب الثقافة والإعلام القومي - مكتب الثقافة والإعلام القومي ينعي الرفيق المناضل المهندس سعيد المهدي سعيد، عضو قيادة تنظيمات إقليم كردفان